&ترجمة حسّونة المصباحي

&كان ماكس جاكوب المولود في الثاني عشر من شهر يوليو-تموز 1876 شاعرا ورساما وروائيا مرموقا.وهو ينتمي الى عائلة يهودية.لكنه تحول الى الكاثوليكية عام 1915 بعدأن رآى المسيح أكثر من مرة في أحلام اليقظة. وفي سن الشباب غادر مسقط رأسه بشمال فرنسا ليستقر في باريس.ومنذ البداية ناصر الحركات الطلائعية،وآرتبط بعلاقات وثيقة مع رموزها الكبيرة من أمثال بيكاسو، وموديغيلياني، وماتيس، وجوج براك،وأندري سالومون ،وخوان غريس ،وجان كوكتو، وابولينير، وآخرين كثيرين. كما آنتسب الى الحركة السوريالية عند بروزها في العشرينات من القرن الماضي بزعامة اندري بروتون.وقد عاش ماكس جاكوب الشطر الأكبر من حياته فقيرا معدما ،ومجبرا على ممارسة أعمال حرة وصغيرة لكسب قوته اليومي.وكان سخيّا،طيّب السريرة والمعشر.وخلال الحرب الكونية الثانية،تعاطف مع حركة المقاومة الفرنسية ،وألقي عليه القبض من قبل "الغيستابو" في باريس بعدأن فرضت عليه سلطات فيشي وضع النجمة الصفراء. وفي المعتقل،أصيب بحمى حادة،ومات وهو يردد:”يهودي...يهودي قذر!”.

هنا ترجمة للبعض من قصائده:
&

-1: تأمل في الموت

ها هو الموت وكلبّ بؤسه

هدف الأهداف.الماء على الأرض

عظام نخرة في المقبرة

اللحم لم يعد يساوي شيئا؟

هو أقلّ نفعا من حجر.

يا للفظاعة!أن نلمس هذا عندما نكون في صحّة جيّدة!

مع ذلك،ثلاث زهرات...ثلاث دمعات!

صرّة ،آرحل!هناك النّصب التذكراي

وشاهدة القبر،والخطب البلاغية.

ليس مهمّا الاّ تكون ساعتك الأخيرة ليست لك،يا الهي

عندئذ ...الصمت!

يا له من نسيان.


مؤجر آخر أخذ مكانك

بيعت الخزانة،والخزانة اللبورية،

والفراش

هؤلاء الناس الذين يمرّون في الشارع

هل سيتكلمون عن الراحل؟

ابك اليوم بؤسك

فكر افضل في ساعتك الأخيرة.


موكبان من الملائكة والشياطين

يتنازعان الميّت

أنا أعرف نفسي :سوف أراهم :كل شيء هادئ،ما عدا ملامحي

أحضر المرسوم الأبدي .

الشياطين!...آه فلأخلص نفسي منهم!

أوه !اعيدوني الى الحياة من جديد!

يا الهي بالأحرى أن أكون الشهيد.

فات الاوان!أنا عار امام الله!


ذاكرة شيطان خبيث ،غضوب ومتألق

عن حياتي كان الشاهد

أما الملاك فلا يتكلم أبدا.

نوايا طيّلة لكنه ضعيف وغبيّ

هو يستسلم من اول هجوم.

هيّا!أنت يا من تكتب هذه السطور

حتى لا وإن لم يفت الأوان

عوض أن تعيش مثل عضاية

آحتنب التأثيرات السيّئة

آقطعْ ،،فصّلْ،شرّح دورَك

آكلب من الله عونا

سوف تستريح بالتاكيد

ليلة دفنك.

&


&

-2: المذنب والآخر.

لست أنا الذي أعيش

لست أنا الذي يصلّي

ثمة راهب عند أسفل المذبح

ثمة راهب عند الحاجز المشبّك للمذبح

هناك مدينة في الضباب

بين أوراق وأغصان الأشجار

ثمة سماء ،وسقوف تطلق الدخان

وثلاثة أجراس تخز.

“أنت مخطئ يا صديقي ،مخطئ أن تعيش من مال آمراة

-أوه ! كم نحسّ بالراحة في كرسيّنا الوثير

-وأنا مخطئ أن أتحدث إليك

ذلك أن في قلبي حبا لا أبوح به "

لست أنا الذي أحيا

لست انا الذي أصلي

ثمة راهب عند الحاجز المشبّك ،الحاجز المشبّك للمذبح

أنا لي حب لا أبوح به

وهناك مدينة في الضباب

أبراج المصانع والحصون وأجراس المدينة .

إذا ما كان الحب في المدينة

فإنه ليس في قلبي.

أنت مخطئ ،يا صديقي،مخطئ أن تتقبّل سجائر السيدة الفاخرة .

لكن انا عندي حبّ ،حب في قلبي لا يمكنني أن أبوح به.


-3: مثل "ماري-مادلين"

الهي ،جعلت مني روحا متوحدة

وضعتني في قلب المناطق العسكريّة

هذه القلاع التي فرّ منها أصحابها.

الهي،جعلت مني روحا رهبانيّة

روحا مكدّرة لأنها محرومة منك

تتطلع الى النجميّ ،منشغلة بالإستيتيقا

مُرْكسة مثل الشوكة على ورقة البهشيّة

وكنت قد جهّزتني أيضا لمحبّات السلالم آستمعوا الى الأنات الطويلة

إنها ريح الحب ،الهي،في وثاقي

الحب،الهي!قل العواصف والشدة


أيها القلب المحفّز جيّدا

جهاز تنوير المثالية

وإذن ،أيّ صدْع ؟

واأسفاه!الشبق!


-4: قوس قزح

كانت الساعة التي فيها يجعل الليل الجبال تئنّ

الصخور السوداء تطقطق تحت أقدام الحيوانات ،

العصافير كانت تفرّ من الأرياف المنكوبة

لكي تقترب من البحر،من أفق أفضل.

الشيطان كان يلاحق شاعرا في ذلك الوقت.

الشاعر كان يحدّق في البحر مثل الموت

ذلك أن البحر في هذا المكان كان يعفّر رأس جوين

والبحر كان يقشّر جلد الصخور الهائلة الحجم.

لكن المسيح ،مشرقا باللهب خلف الرأس،

حاملا الصليب ،توصل الى صعود الصخور السوداء .

الشاعر مدّ ذراعيه بآتجاه المنقذ

عندئذ كل شي أنمحى :الليل الحالك السواد والحيوانات.

الشاعر آتبع الله من أجل سعادته.


-5: الى موديغيلياني لكي أثبت له أنني شاعر

السحاب هو البريد بين القارات

كتاب الهجاء للمنفي والذي ،محكوما عليها من الجحيم بأن تتصارع باكية،

لا تتهجاه المحيطات على برنيق الفضاء.

القمة السوداء للجبال تنام على السقوف

أخاديد يحفرها الله لكي يخفي البشر

من دون أن يقرأ سر السحاب الذي يمرّ

هو أيضا لا يعلم ابدا ما الذي تحمله الأيدي

لكن أحيانا حين تطرده عدوته الريح

يستدير،يزمجر، ويطلق قدما من البرونز .

كنت طفلا موهوبا.ألف انعكاسات من السماء

كانت تطوف ،وأنا مستيقظ،بمباهج أحلامي،

وتأتي لتخفي راية الواقع.

وسط الأصدقاء ،الذين علمتهم الملائكة

كنت اجهل من اكون وكنت أكتب قليلا.

وعوض المرأة آلتقيت ذات يوم بالله

رفيقا يوشّي كائني من دون أن اتوصل الى معرفته.

إنه الهدوء والفرح

وهو يمنح الأمن


ولكي يحتفي بالعجائب

عيّنني سكرتيره

لكن في الليالي أفكّ ألغاز

ورقة أثقلها فجأة بأرقام

وبيده نفسها كتبها ووضعها في فكري

في اكواريوم الفضاءات تعيش الشياطين غير متحفّظة

وتطيح بالسحاب لكي تسرق منه سرّنا.
&