ترجمة:حسونة المصباحي

نعلم ان كتابا فرنسيين من أمثال أندريه جيد، وغي دو موباسان، زاروا مدينة القيروان التونسية التي كانت أول عاصمة للمسلمين في بلاد المغرب، وعنها كتبوا. كما زراها الكاتب هنري دو مونتارلان(1896-1972) ، وعنها كتب نصا نشر في كتابه:”تاريخ طبيعي متخيّل". هنا ترجمة لهذا النص.
&
القيروان مدينة منبسطة، حولها امتدادات شاسعة، مخيفة إلى حدّ ما، وبها تحيط مقبرة مثلما تحيط الفواضل بساحل على البحر. سور المدينة من الآجر الشاحب، له عظمة تذكر بالمغرب. الأرض شاحبة. بعض الأشجار شعثاء بسبب الغبار. والإبل هزيلة ،تذكر عندما تكون باركة بدجاجة تحضن بيضاتها. وحين تركض، تذكر بالطيور المائية الطويلة السيقان. الكلاب هزيلة. الخرفان هزيلة. الأورال شاحبة، لها لون الرمل، ورأس كرأس السلوقي. الأبقار هزيلة تسير وسط المقبرة، وتدوس على القبور. إنها نفس الألفة مع المقدس في الكنائس الإسبانية. حقول من القبور تكاد تمتدّ إلى ما لانهاية حيث يجلس أناس، مرّة أفرادا، ومرة جماعات. الأصوات الوحيدة في الإمتداد هي رغاء الإبل. ثم، وكما لو أن ذلك معجزة، صوت طفل ينادي:”يا علي!” فوق الأحجار المتلألئة.
هناك قافلة تتجه إلى القيروان. أه، هذه الإبل، بالغطاء على رؤوسها! لكأن كل واحد منها "Barres”. الأزرق رائع باضطرام، أزرق النساء البدويات. سمة وجوههن ، وبريق أسنانهن، والأسود اللامع لخصلات شعرهن على جباهنن بين الأحجبة الحمراء: إنفجارات لون وسط الإمتدادالشاسع الفاقد للون.والجمل في الوسط هوسيّد القافلة، يحمل على سنمه في هودج من الأغصان، دجاجتين. وجاثمة هكذا على أعلى نقطة ف يالقافلة، وفي وسطها، هما تتخذان أهمية خارقة، هاتان الدجاجتان.فكما لوأن القافلة كلّها تقيمهرما باتجاهها. وها أنا مرميّ فيقلب هذيان لطيف. فهل هما الأميرتان السيئتا الحظ اللتان حوّلهما الساحر إلى دجاجتين؟ يا إلهي! أنا أتحرق لاستعادتهما من الخاطفين الأشرار.أو على العكس من ذلك، هاتان الجنيتان، ألم تتمكنا من الحصول على هذا الشكل، لدقيقة واحدة حتى لا تتمكن عين الكافر من رؤيتهما؟لكن لا، إنهما بالأحرى دجاجتان مقدستان، تُحْمَلان في موكب إلى مكان ما حيث تقرفص الشعوب أمامهما، وتحكّ جراحها بفضلاتها، تاركين لي أنا كلّ ما هوإلهيّ!
هوالكاتب الفرنسي موريس باريه(1862-1923)الذي كانت له مواقف سياسية يمينية وشوفينية. وواضح هنا أن مونتارلان يسخر من شكل رأسه.