&صدرت للشاعرة العراقية المغتربة لنا الفاضل مجموعتها الشعرية الثانية التي تحمل عنوان (لم تكن انت) عن دار الجواهري ببغداد ،زينت الغلاف لوحة للفنان التشكيلي العراقي قاسم محسن وصممه كفاح عبد الجبار .
& & &تضم المجموعة 55 نصا نثريا تتوزع على 136 صفحة من الحجم المتوسط ،عنوان المجموعة ليس مأخوذا من عنوان لاحد النصوص بل من مقطوعة في نص بعنوان (ذِرَاعُ السَّراب) جاء فيها (أغمضتُ عيني.. توسَدَت روحي ذِراعك،غَفَوت ،صَحَوْت ،لمْ تَكُن أنت،لمْ أجدْكَ،لقد كانت ذِراعُ السَّراب) ،وعلى الرغم من ان النصوص كتبت في العاصمة الاردنية عمان الا ان العديد من النصوص تناولت بعض الهموم العراقية والذكريات العراقية التي خزنتها الشاعرة في ذاكرتها لتصنع منها توقا جميلا يلامس وجدان حياتها مفعما بالحنين كأنها تريد ان تسرد عبر تلك الذكريات ما يحاول النسيان ان يلتهمه من جماليات الطفولة التي كأنها باستعادتها تريد ان تؤرشفها مثلما تستذكر الوطن ومساحات المحبة الواسعة فيه والتي تريد من خلالها ان تستنكر ما حدث في سنوات الوطن الاخيرة :
(أتذكر العَلمَ يَرتَفِع&
ومَعَهُ تنزل أقدامنا على الأَرْض&
تستعد&
كم كان مهيباً&
ونحن نحييه بأَكُفِنا الغَضَّة على الجَبين&
نَضَع إصبعين
أتذكر حين كانَ الوطن&
يُمسِك بأيدينا ويَركُض
يُغني معنا&
للسِماءِ بفرح
يشربُ (إستكان) الشاي&
يَغزِلُ شعر البنات&
يغازِل الغُروب&
يحتفل في الأعظمية ويزور الكاظمية) .
&
في نصوص المجموعة تأخذ بغداد والوطن الكبير العراق حصة من تلك الهموم التي تحاول الشاعرة ان تخفف من وقعها على قلبها العاشق له،تحاول ان ترى الوطن ليس كما يراه البعض على حقيقته بل انها تتأمل قامته طويلا وتنظر الى نخيله وابتساماته والوانه الجميلة لتشد على يديه بالامل مثلما تجد ان بغداد سيدةٌ من طِرازِ خاص لا تَصِفها الكَلمات مهما زرعوا الكره فيها ، لانها هي الوفية لن تتغير. :
(كلُّ صباحٍ يُزهرُ على أناملي
وَطَن&
أسقيهِ روحي&
وأمنياتي
والأملْ&
حِينَما أغفو
يَسْرِقك الظَلام&
أزرعُك من جَديد&
وسَأَظَل أزرعُكَ بقلبٍ عنيد)
في النصوص تنساب الجمل الشعرية بايقاعها المتناغم بمحتويات تنسج صورا شعرية تجعل المتلقي يتأملها بهدوء ليجدها مفعمة بالدهشة وهي تتناول مواضيع حياتية مختلفة تتوهج في ذاتية الشاعرة التي لا تريد لنصوصها ان تمر عابرة من عيون القاريء من دون ان يلحظ ما فيها من معانٍ تحرك فيه شيئا من خيالاته :
(حينَ سَقَطتُ في النهر&
بللتني دموع الأسماك&
كنت أظنني وحدي من يجيد صنع نهر من دموع&
لكنّ دوماً هناك في سوق الشقاء منافسةٌ عاتية)
& &في المجموعة.. امتلأ العديد من نصوصها بالكثير من الانثيالات العاطفية التي تغمر الاتجاهات المختلفة ،فهنا المخاطب تقع عليه اعباء شتى من الغرام والنسيب والعتاب والغضب وتحاوره بالانتظار والابتكار لاشياء تريدها له فقط والذكريات والامنيات والاسئلة والوقت والخطى والصور والمحطات، كما ان الحب لديها ليس كما عند الاخرين بشكله المباشر المفضوح بل هي تعطيه ابعادا معبرة تتباهى بالهمس او الصوت الخفيض،لا تتناوله بالمفردات الشائعة بل انها تجهد نفسها للغوص في نهر &المحبة ومن ثم الرسم بالكلمات ما يجيش في قلبها للتعبير بصدق واضح عن معالم البوح التي قد تفاجيء المتلقي وهي تتمالك نفسها في سرد حكاية ما بمسرة تتهادى بترف لتجس نبض جمال القلب الذي كأنه يتحدث بلسان الشاعرة :
&(أدخركَ لأتنفسْ&
ألوذُ بكَ&
كلما نضبت أوتاري عن العزف&
لعلَّ في كتابنا العتيق&
لحناً لم أتعلمْ عزفَ الفرح فيه
ألوذُ بك لأرتوي&
صوتَ قيثارةٍ من زمنِ الهمس&
أدخركَ أنتَ فقط&
وأبعثرُ كل ما ليسَ بإسمك
أترنمُ بكَ وأعلقكَ تميمةَ جمالٍ
في حضرتك أنتَ&
تتوردُ خدودُ الحياةِ
تغادرني ظلالُ الأَمس
لتنامَ آمنةً
&في كفي&
الشمسْ)
في هذه المجموعة ومن بين نصوصها الـ 55 ليس هنالك من تواريخ لازمنة كتابة النصوص ولا مكانها تذكرها الشاعرة الا في نص واحد وهو ما يلفت الانتباه اليه عنوانه (تكامُل) ، ربما تعمدت الشاعرة في ان تؤكده :
(كما هو المعتاد
نلتقي ونفترق
نكتب ونضحك
نحب ونحترق
لنلتقي ونفترق
الكل يشبه الكل&
إلَّا في نِصف لَحظةٍ مَجنونة&
تأخذ نصيبك كله من الحياة
لِتَعرف حينها أنك&
ولدت وعشت وسترحل&
مأخوذاً بِسِحر نصف لحظة
مطعوناً بالجمال&
متكاملاً باللّذة&
عاشقاً لا يموت
24/07\2015
&
&ما تميزت به المجموعة الشعرية ، وبتجربة ملفتة فقد تم إنتاج قرص مدمج تضمن قراءة عشر قصائد من قبل الروائي العراقي خالد الوادي هدية مع كل نسخة من الديوان .
& & يذكر أن الشاعرة لينا الفاضل أصدرت ديوانها الأول عام 2015 حمل عنوان (كان لنا )
&