يروج الخيال «الجهادي​« لعالم مثالي يرسم للنساء صورة الأمير الجذاب والشجاع والصادق والمجاهد في سبيل دينه. هذا الخيال هو ما يجذب النساء إلى الحركات الجهادية.

​ايلاف من الرياض: تعود أسباب انضمام نساء إلى تنظيمات جهادية في العراق وسورية في كثير من الاحيان إلى صدمة شخصية تركت أثرًا قويًا، أو إلى بحث وجودي، او إلى رؤية اسلامية طوباوية، بحسب مؤلفي كتاب «جهاد النساء» Le Jihadisme Des Femmes (112 صفحة، منشورات سووي، 15 يورو)، الطبيب النفسي فتحي بنسلاما والمختص في علم الاجتماع فرهاد خوسروخافار.
&
فكرة خيالية
تشكل النساء نحو 10 بالمئة من نحو خمسة آلاف من «الجهاديين» الأوروبيين الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) خلال السنوات الأخيرة. ودرس بنسلاما وخوسروخافار ستين حالة من هؤلاء، وذلك «في محاولة لتفسير كيف ينجح تنظيم الدولة الاسلامية في جذبهن».
يقول خوسروخافار لوكالة الصحافة الفرنسية: «حاولنا أن نفهم لماذا يردن الإنضمام إلى الخلافة التي اعلنها تنظيم الدولة الإسلامية».
يضيف: «تعرض قسم منهن لصدمات حقيقية أو خيالية، لكن التزام أخريات، خصوصًا الشابات الصغيرات، يفسر بالرغبة في أن يصبحن بالغات والخروج من حالة مراهقة مطولة كثيرًا ما تعانيها الفتيات في مجتمعاتنا الغربية».
الفكرة «الجهادية» الخيالية، أو العالم المثالي الذي تروج له دعاية الجهاديين، ترسم لهن صورة زوجة مقاتل في ثياب أمير جذاب وشجاع وصادق، وأم «أشبال» يشكلون الجيل الجديد من الجهاديين الجاهزين منذ نعومة أظفارهم.
يتابع خوسروخافار: «لكن، عندما وجدن أنفسهن في الميدان في ظروف صعبة بل ورهيبة لا علاقة لها بما كن يتوقعن، أصيب الكثير منهن باليأس وحاول بعضهن العودة، وقلة منهن نجحن في ذلك وأخريات قتلن، وأصيب قسم كبير منهن بخيبة أمل».
&
معاملة تمييزية
يقول الباحثان في مقدمة كتابهما: «تنظيم الدولة الاسلامية ابعد ما يكون عن الرفق بالنساء». فهن يلاقين منه معاملة تمييزية واحتجازًا في منازل مغلقة في انتظار أزواج ومنع من الخروج منفردات إلى الشارع وفرض النقاب وعدم مساواة صارخة بين الرجال والنساء... كل مكونات المس بالضمير موجودة.
وعلى الرغم من ذلك، تنجح دعاية الجهاديين في إيجاد آذان صاغية عند بعضهن، خصوصًا عند الشابات الصغيرات اللواتي يجدن في هذه القواعد المجحفة والممنوعات، أنموذجًا مضادًا يتيح لهن تحقيق الذات على الأقل في البداية".
يوضح الباحثان أن التطرف الاسلامي الذي نشرته دعاية داعش روّج لأسطورة نوع جديد من الانثوية الكاملة، بالتوازي مع إعطاء دروس أخلاقية حول العلاقات بين الرجل والمراة وتأكيد معايير قمعية أغرت بعض المراهقات والشابات اللواتي يعانين من أزمة هوية".
بسبب الهزائم العسكرية المتتالية التي يتعرض لها تنظيم الدولة الاسلامية في سورية والعراق، أصبحت مئات الجهاديات الغربيات وأطفالهن سجناء، ولا سيما في العراق وتركيا، وسيكون مصيرهن مشكلة حقيقية خلال الاشهر المقبلة.
&
رغبة في اختفائهن
يقول خوسروخافار: «في الجانب الاوروبي، ليس هناك حماسة كبيرة لعودتهن، بل هناك رغبة في اختفائهن. لكن لا بد من التكفل بالعائدات منهن».
يضيف: «هن في الأغلب مصدومات، ويشكل أطفالهن مشكلة. فبعضهم تعرض لغسل دماغ ويتعين الاهتمام بهن والا فسنواجه الكثير من الاضطرابات. ويمكن أن يصبحوا في المستقبل شبانًا قادرين على القتل بسهولة او على تنفيذ اعتداءات».
يتابع: «يجب الاهتمام بجدية بهذه المشكلة. أدرك أن الامر سيكون مكلفًا، وأن لا أنموذج قائم لمعالجة التطرف، لكن لا بد من المحاولة. يجب مواصلة البحث وإيجاد تدابير للاهتمام بهم».
يقول خوسروخافار: «هناك أيضا اللواتي ما زلن يؤمنن بأفكار الجهاديين. وكما هو الحال مع الرجال يجب التفريق بين التائبات والمتصلبات والمترددات والمضطربات نفسيًا».
&
أعدت المقالة عن مصادر فرنسية