&


&

تقولُ الخيمةُ ثلاثمَائة وعشرون

أنّ الوطنَ كمِئذَنة لم تخشعْ يوماً للإله!

ولم تُنادِ بجبروته

بل العكس..

كان مُولّعاً مُولّهاً بموت يُضمَدُ بخثراتِ جِراحَاتنا

ذاك اللبيبُ البليدُ، السخيُّ الشحيح

ذاك الذي يُزركشُ عناوينَ النشراتِ الإخباريةِ، والصحفِ اليومية

الذي جعلَنا نُصادقُ القُمامةَ والقِيامةَ معاً

وطنٌ من كُثرة الإنجابِ باتَ يخسرُ كلَّ ما أنجب

* * *

تتساءلُ الخيمةُ ثلاثمَائة وعشرون أسئلةَ الفادِحين:

لِمَا الفرحُ مَحذوفٌ من حياة اللاجئ، والابتسامةُ نَسيتْ طريقها إلى ثغره؟

لِمَا سعرُ الإِدَامِ يرتفعُ حينَما يقلُّ سعرُ الأوادِم؟

ما بالهُ الوطنُ يعيشُ ثباتاً مُميتاً،

وصغارُه يلعنون سقفَ عباءةٍ بيضاء؟

كيف له أن يستريحَ وذاكرةُ طفلٍ لم تدخلْ حيّزَ النسيانِ بعد؟

لماذا لا نخسرُ كلُّ أرواحِنا دفعةً واحدةً، ونبكي بُكاءً واحداً؟

لِمَا تنتهي الحربُ بولادة حربٍ أخرى؟

أ لأنّ الحربَ في طوْرِ ذاتِها؟

ثمّ لماذا الدولُ تندّدُ بعضَها البعض في ذهابٍ وإياب،

تماماً كمسرحيةٍ هزلية، مؤلّفُها أشْمَطٌ وشَمْطاءٌ؟

كم مُؤلمٌ أن يكونَ الناسُ في طوْرِ الفجيعة،

والعدالةُ في عتمتِها الدامِسة؟!

لما يجبُ علَى الأوطان _ كلَّما اغتسَلتْ بالثورات والانتفاضات _ أن تَنْحسِرَ وتضِيق؟

* * *

ربٌّ يَكُحُّ، وينتشي بينَ خُصَلِ تلك الحربِ الزنِخَة!

موتٌ أبرَصٌ غريبٌ سكّيرٌ، باتَ صديقَنا الصادقَ الثابت

رُوزنامةُ القدرِ المُنعرِجِ مَشؤومةٌ من ولادة التكوينِ إلى يوم الحشر

إنّنا أمواتٌ أحياء

إنّنا صحونٌ فارغةٌ لموتٍ سَغبانٍ أكْمَه

إنّنا وجوهٌ من أذِبَّةٍ حَلزونية

والوطنُ فُجْلَةٌ رخيصةٌ،

وضحيةٌ كُبرى من ضحايا الفيتو الروسيّ وجنيف السويسرية،

وصَراصِيرِ مُعارَضةٍ يسرقون الدجاجَ، ليأكلون بها الديكة!

ومَن في قنديلَ أطفئوا قنديلَ الأطفال!

نهبوا الحبوبَ، وملؤوا الجيوب

أما أصحابُ ربطاتِ العُنقِ فيأكلون البَنَادقَ في الفَنَادق

* * *

تقولُ الخيمةُ ثلاثمَائة وعشرون

أنّ الحلمَ مَحبوسٌ في زنِزانةٍ بيضاء

وخلفَ أعمدةٍ وقِحةٍ مُنتصبةٍ إلى العُلاء

تقولُ الخيمةُ ثلاثمَائة وعشرون

أنّ الشرقيَّ يملكُ مِئةَ ألفِ وجهٍ لللفّ والدوران!

ولا يستطيعُ التغلُّبَ على الانتحاب

وأنا أؤكّدُ أنّ الغربيَّ يملكُ ألفَ فعلٍ للتفكير والإنتاج!

ويستطيعُ تجاوزَ الامتحان

* * *

فجرٌ أحمرٌ زائِغٌ

مَصلوبٌ دونَ نبوةٍ، أو إشراقة

يسلخُهُ خِياناتُ خَونةِ بني جِلدتنا

يقتحمُهُ جِرْذَانٌ بغيضةٌ، طويلةُ الذنَبِ، كثيرةُ الذنْبِ، مُستديرةُ الأذنين

يخنقون السليلَ والصهيلَ والمِوَاءَ والزئِيرَ والمَأمَأةَ والزقزقة

نحرٌ خاوٍ يريدُ الأعناقَ إيواءً

يريدُ أن تُعلى كلمةُ اللهِ بجعل كلِّ بيتٍ مَنْحَراً

أرواحٌ غرقتْ في قُعر نظريةِ أرخميدس

جثثُنا أرقامٌ

مَقابرُنا أرقامٌ

خِيمُنا أرقامٌ

هويّاتُنا أرقامٌ

مُقايضتُنا أرقامٌ

بلدٌ يلهثُ وراءَ الأرقام

أرقامٌ لا اختلالَ فيها، ولا احتلال
&
مرسين / تركيا
&
19 أبريل 2018