عبد الجبار العتابي من بغداد: على مدى ستة أيام، شهد مسرح الرافدين ببغداد عرض مسرحية (البوابة 7 / Gate 7) تاليف الفنانة د. عواطف نعيم واخراج الفنان سنان العزاوي وتمثيل الفنانين: نضير جواد، حيدر خالد، علاء قحطان، وسام عدنان، ياسر قاسم، اسراء العبيدي واشتي حديد، وهي ضمن الموسم المسرحي للفرقة الوطنية للتمثيل، وتميز العرض بالعديد من الاساليب المسرحية فضلا عن الجرأة في تناول (الارهاب) وسلط الضوء على مايحمله مع التطرف من صور بشعة، واسهمت العناصر السمعية والبصرية والسينمائية المستخدمة في تعضيد العرض وشد المتفرج، وما يحسب للعرض ايضا انه اعتمد على عناصر شبابية واعدة.

نال العرض حضورا جماهيريا لافتاً، وهو ما جعل ادارة دائرة السينما والمسرح تمدد ايام العروض لتكون مفتوحة فوصلت الى ستة ايام وكان من الممكن ان يستمر العرض لولا حلول شهر رمضان، خاصة ان العرض يتناول قضية مهمة من القضايا العربية المعاصرة لاسيما (المسكوت عنه) في ما يسمى (الربيع العربي) وما احدثته في المجتمعات العربية من تاثير في النفوس وهجرة الشباب العربي الى بلدان العالم، فيما اجتهد المخرج المجتهد كثيرا، كعادته، لاظهار العمل بالشكل الجاذب للبصر والانتباه وقد استطاع تحريك الشخصيات وتحريك ادائها بشكل ملفت كما تمكن المخرج من جمع عدة اساليب في العرض منها مسرح الصورة، فضلا عن استخدامه لمفردات مثل الكراسي ودلالاتها والدوران المكثف حول التعريف الشخصي وكشف دواخلها، اضافة الى شاشة العرض او في السبوتات التي تزامن الاحداث ورنين الهاتف وكاميرات التصوير، وكانت الصورة الاجمل في العرض هو تفاعل الجمهور مع شخصيات العرض، وكان لسان المتفرجين انها كانت (100 دقيقة من الألم الجميل،100 دقيقة من المتعة الفاضحة، 100 دقيقة من العري للمفاهيم،100 دقيقة من الراديكالية والديمقراطية العاهرة،100 دقيقة من العهر الجميل)، او انه (عرض مسرحي من اهم الاعمال التي شاهدتها..) او (هناك درس مسرحي من الدهشة والإبهار )،وقد نجح المخرج في رسم منظومة اخراجية متطورة اعتمد فيها المغايرة لبناء خطوط العرض الدرامية معتمدا على الممثلين وادائهم المميز ومستخدما عملية الاخراج السينمائي المباشر في تعضيد رؤيته.
7 شخصيات خائفة 
تدور أحداث المسرحية حول سبعة اشخاص مختلفي التوجهات (ستة عرب وواحدة فرنسية)، الشخصيات العربية تفكر بالهجرة هربا من ما يحدث في بلدانها، يجتمعون في احدى محطات القطار الاجنبية،ويصل اليها خبر وجود انتحاري يحاول تفجير المكان، من هنا يبدأ صراع الأفكار والتوجهات والشك والخوف بين الشخصيات،هؤلاء السبعة كانوا، امرأة من سورية (الممثلة اسراء العبيدي)، اغتصبها (داعش) تشير الى ان الله خذلها عندما استنجدت به لحظة اغتصابها، والثاني: الراديكالي المصري ( الممثل ياسر قاسم) الذي يلقي الايات القرآنية ويستشهد بها من دون ان يبادر الى فعل حقيقي وكأن الدين ما هو الا ايات نحفظها عن ظهر قلب دون ان نحولها الى واقع نطبيقي للاخلاق والاسلام، والثالث والرابع: العراقيان الهاربان، الصغير القاتل المشارك في جريمة (سبايكر) (الممثل وسام عدنان)،يهربه اخوه الاكبر (الممثل نظير جواد) كي ينجو من الثأر والدم،والاثنان هربا بحياتهما ولكن ثأرهما تبعهما، والخامس: المغربي (الممثل حيدر خالد) الذي لا يهم هالا تهريب الارهابيين والمجرمين مقابل المال فنسى ادميته وانسانيته،فما عاد يهتم الا بالتهريب وان كان فيه قتل ابرياء وسفك دماء، اما السادس فهو تونسي علماني (الممثل علاء قحطان) يؤمن بالحرية والعلمانية والفكر الانساني وكان ضحية سجن لانه هتف باسم الحرية، اما سابعتهم فهي الصحفية الفرنسية (الممثلة اشتي حديد) التي تتكلم عن الاسلام باعتباره دين ارهابي لاسيما ان زملاءها الصحفيين في صحيفة شارل بيدو قتلوا من قبل من صرخ (الله اكبر).
عنوان المسرحية جاء من بوابة محطة القطار بالرقم (7) التي تواجد عندها هؤلاء الاشخاص السبعة بالمصادفة.
عرض مغاير ومشاكس
مؤلفة العرض الفنانة د. عواطف نعيم أكدت لإيلاف ان العرض فجر كل المسكوت عنه الذي نتحدث عنه في دواخلنا ولا نتحدث به جهاراً، انه كشف للعبة التي نحن نحترق في داخلها. 
وقالت إنه عرض مسرحي مغاير ومشاكس ينطلق من الواقع المضطرب للامة العربية بعد الربيع العربي واختلاف التسميات والاهواء والتوجهات،هذا الاختلاف الملتبس الذي خلّف الكثير من الصراعات بين ابناء الوطن العربي،مفاهيم بالحرية وبالدين وبالسياسة بالتقاتل مع الاخر بالعنف الذي يلاقونه، بالصراعات اليومية وحالة الظلامية عند بعض العقول.
وأضافت أن هؤلاء السبعة اجتمعوا في محطة قطارات، وهنا اعلنت السلطات الاوربية عن وجود ارهابي تبحث عنه الشرطة. هؤلاء السبعة يشك احدهما في الاخر ويعتقدون ان واحدا منهم هو الارهابي، اتهام وبوح فيما الطرق امامهم مغلقة، طوال الوقت يبقون في لعبة الاتهامات والعنف والمواجهة ويبحثون عن الحل والخلاص من هذا المكان الذي هم فيه الذي ادخل الرعب والخوف في نفوسهم من الاخر.
وأوضحت أن العرض فيه اشتغال لما بعد الحداثة، وقد استطاع المخرج سنان العزاوي الذي فكك وهدم وبنى ودخل في اللامنطق احيانا والذي هو حقيقة المنطق،واشتغل على المشفر في علم الدلالة، كما استطاع ان يفجر كل طاقات الممثلين الادائية الهائلة، فطوال ساعة ونصف ما فار الممثلون ولا تعبوا وكانوا في تمرين متواصل اكد ان المخرج اشتغل على مستوى احترافي عالي.
مخلفات ونتاجات الشارع 
من جانبه قال مخرج العرض سنان العزاوي إن اليوم اسدلنا الستار على عرض gate7 في بغداد، بعد عرض استمر ٦ أيام على قاعة مسرح الرافدين مجاور المسرح الوطني، شكرآ لأبطال عملي المثابرون، وشكري لدائرة السينما والمسرح/ قسم المسارح. لدعمكم لهذه التجربة المسرحية المغايرة،شكرآ للجمهور الذي حضر والذي اتفق والذي اختلف مع العرض، انتظروا gate7 وهي تمثل العراق في محافل مسرحية دولية وهي تحصد الجوائز بكل ثقة.
واوضح لإيلاف تشكل هذا العرض من خلال مخلفات ونتاجات الشارع العراقي في واقعه، لكن التجربة ابتعدت عن الدائرة الصغرى (المحلية) الى الدائرة الكبرى (العربية) المتمثلة بالمشكلات التي اسست مفهوما جديدا تمثل بـ (الربيع العربي) الذي جعل الانسان العربي يفقد توازنه.
وأضاف: بعد اشهر من تمارين الجسد والالقاء الصوتي نحصد هذا العرض وهذا الجمهور الذي غصت به القاعة، فلقد اعتمدت على لغة الصورة وطريقة الاداء للوصول الي معنى التجسيد الذي كان فيه الممثل لاعبا ومؤديا وصولا الى اندماج الشخصية بعيدا عن التقليدية. 
قدرة تعبيرية متفوقة
الى ذلك قال الفنان والناقد المسرحي الدكتور سعد عزيز عبد الصاحب إن مسرحية gate 7 تستمد قدرتها التعبيرية المتفوقة من فواعل ما بعد الحداثة بسمات التشظي واللاتمركز والتكرار والكولاج والقبح الجميل بفرضية اللعب الفني (التمسرح) المستنطقة لمضمرات السياسي والديني والثقافي بالكشف عن نتائج ثورات الربيع العربي وبأخذها لعينات (شخصيات) متعددة الانتماء الايديولوجي والوطني
واضاف أن المخرج (العزاوي) اكتشف ما يسهم في تطوير وبناء عمل الممثل على الصعيدين النفسي والحركي من مفردات (ازياء واكسسوار) هي من ضمن مكياج الشخصية الداخلي والخارجي.
وأضاف أن قيمة العرض الفنية بقيت مرهونة بمستوى اللعب في الفضاء الذي شيده الممثلون ببنى مشهدية تكرارية مراقبة من قبل روح علوية وشخص متستر يرن هاتف الخوف بلحظة ويقذف حقيبة التنصت بلحظة اخرى، الكل يتنصت على الاخر لا اسرار والكل يمتلك سرا يمتلك خطيئة، كاميرا خلفية مراقبة.. كاميرا البوابة.. كاميرا الذات انها تجليات المراقبة والعقاب حسب فوكوـ فكل شئ يدور بفعل فاعل يرقب وينصت لما نفعل ويدير اللعبة من علية ملتبسة يعاقبنا ويحتفي بعقوبته لنا، انه يلعب بنا، بنهاية دائرية ينتهي العرض وبلا ستارة تغلق او تفتح وبلا موسيقى سوى ضجيج يصم الاذان واستغاثات من قاطرة مهجورة تنفتح على المجهول.