عندما& يبدو& أن& أجزاء& كبيرة& من حياتنا تتغير في قصيدة واحدة فهذا يعني أن الشعر يمكن أن يساعدنا على التعامل مع الحقائق الجديدة وتقييم ما جهل من مستقبل ، وعندما& ندخل& إلى& تضاريس& لا نعرفها لوحدنا& &أو معا& يمكن& للشعر& أن& يلتقط& &عواطفنا ليشارك نقاط الضعف والندوب بالإضافة إلى& نقاط القوة& لدينا ،& فمن& خلال ما عرضناه آنفا يمكننا أن نتعرف على الكثير مما طرحه الشاعر قاسم محمد مجيد& من& مفارقات& عاشها ونعيشها في نصوص قصيرة& محكمة& اللغة ،& آخذة& بتلابيب& &صورتها الشعرية& حتى& لنحس& كم& هي& حروفها& & &ناطقة& جمعتها& &مجموعته& &الشعرية& &"& يوميات& &رجل منقرض "& الصادرة& حديثا& والتي& &احتوت& على& 25& قصيدة& من& الشعر& الحديث& شكلت& & سياحة مضنية في عالم& تسوده& التناقضات ، حيث نقرأ له& في& مفتتح& ديوانه الصغير في صفحاته ، الكبير في معانيه& &نصه& &الذي& حمل& عنوانا& هو :& " متحف& &الكائنات المنقرضة " والذي& احتوى على& مقطعين وثلاثة& وعشرون& سطرا& حيث& نستشف منه كمية القلق والتوتر& الذي& يشعر& به& الشاعر حينما& يرى الحياة بمنظار لا يراها غيره :
الكثيرون .... لا يصدقون أن صورتي
معلقة في المتحف
دائما
يلتقط السياح صورا معي&
ويتجاهلون&
جاري&
وحيد القرن الأسود ..
هذا التوتر قال عنه الشاعر والناقد الفلسطيني سامح كعوش& متناولا& في& مقال& تحليلي& تجربة& الشاعر السوري& &كمال& &أبو& ديب& &مشيرا& لتحليله النقدي الرائع& لقصيدة أدونيس النثرية :
" يقدم& كمال& أبو& ديب& تحليلاً& لقصيدة& & &أدونيس
&النثرية& مبيناً& أن& الشعرية& في& قصيدة النثر تكمن ضمن معطيات ما يطلق عليه تسمية الفجوة& أي& " مسافة التوتر "& حيث& يستقي& النص& شعريته& من& & &كثافة الثنائيات& الضدية& فيه ، من& مسافات& &التوتر التي يخلقها في جسد العبارة الواحدة ، وبين العبارة والعبارة ،& وبين& مستويين& لرصيد& مساعد& & للغة الكتابة& لغة& التضاد ولغة التماثل والترادف الوحيدة
البعد " ،& تجلت& هذه& المعاني في أغلب نصوص مجموعة الشاعر قاسم محمد مجيد ومنها قصيدته " ماذا قال ساعي بريد المقبرة " :
أعترف أنني&
كلما& ذهبت& إلى& المقبرة ..& تهت& فيها
قالوا لي : ضع خلفك قبر سيد صروط
واندفع قليلا إلى اليسار
& & & & &******
رجل مسن
ربما ناله التعب .. وتاه مثلي
قال& :& إن لم& تقتلنا الحروب&
نموت بالأوبئة
& & & ******
هذا& &النص& &نتلمس& &فيه& &حالة& &القلق& &الواضحة& وانعكاسه& &على& &الشاعر& &وهو& &يؤطر& &صورته الشعرية بتلك& المسميات& الحزينة : المقبرة ، التعب ، الحروب& ، الموت& ، ثم الأوبئة& ، وبما& أننا حين نقرأ& تلك& السلسلة& الطويلة& من& الأبجدية المحبطة فسوف& نتقاسمها سوية لأننا نعيش نفس الهم ونفس الشعور بها& :
حين قرأ آيات من القرآن
مرت فوقه غيمة
تشبه مريضا مصابا بالجدري&
قال : الموت لا يملك سروالا أنيقا .. ولا قلبا&
فذات نهار دفع تلاميذ مدرسة
بكعب بندقيته&
وأغلق الباب ..
يوميات& &الشاعر& &الحزينة& &والمحبطة& & &تتصاعد دراماتيكيا& حين& نتوقف& أمام& نصه& "& نحن& نشبه مخلفات الحرب " :
نحن ... نشبه مخلفات الحروب&
صار البعض خرطوشة مدفع
أو قذيفة هاون
وآخرون .. يشبهون
دبابة بلا سرف
وجناح طائرة مثقوب بالطلقات&
& & & & & *****
لا الصباح مبتهج بالزرقة
وغلاف مجلة .. عجلة إسعاف لنقل الموتى
ورئة الأيام تتنفس رائحة البارود
ويعود& الشاعر& مرة& بعد& الأخرى& مذكرا بأحزاننا وإحباطاتنا& &في& &نصوص& &مجموعته& &الشعرية :
" الملك المسكين " ، " في خان الحاج فليح كاطع " ،& " إحصائية "& ،& من يوميات رجل منقرض "& ، حتى آخر قصائده " ما قاله الرجل العامي " ، وهي ليست& خاتمة& لقصائده& التي حملت كل تلك الأسئلة فهناك& كما& أتوقع& الكثير& منها في جعبته التي ينوء بحملها وسوف يضعها لا محالة أمامنا في قادم الأيام :
لا بأس&
بما قاله الرجل العامي
إن ..... امتلأت روحك بالأسئلة ...
فمحظور&
أن تسأل أو تدعي السير بثبات
ولا تعترف علنا .. أن ساقيك ترتجفان&
حين تعبر متاريس الضباع&
" يوميات رجل منقرض "
مطبعة الكردي&
جمهورية مصر العربية 2018
&