إيلاف من القاهرة: أبدى أهالي النوبة اعتراضهم على طرح الأراضي للمستثمرين، وأكدوا أنها أرضهم التاريخية، ويجب أن يكون لهم الحق في تملكها واستثمارها، ودخلوا في اعتصام مفتوح وقطعوا طريقاً دولياً، احتجاجاً على قرارات الحكومة.

وتسعى الحكومة المصرية إلى التوصل لحل سياسي مع الأهالي المحتجين على تخصيص أراضٍ في قرى نصر النوبة التاريخية، وأبرزها منطقة "خور قندي" ومشروع توشكي لمشروع المليون ونصف فدان التي ستباع للمواطنين والمستثمرين بالمزاد العلني.

كما يحتج النوبيون على قرار رئيس الجمهورية رقم 444 لسنة 2014، الذي اعتبر مساحة 110 كيلومترات من أراضي شرق بحيرة ناصر منطقة عسكرية. واعتبر أهالي النوبة أن هذه القرارات تقطع أراضيهم التاريخية، وتحرمهم من "حق العودة" إليها، وهو ما يخالف نص المادة 236 من الدستور الذي يعطيهم الحق في العودة لأراضيهم، وذلك خلال فترة انتقالية مدتها 10 سنوات، ويلزم الحكومة بتنميتها.

وتصاعدت الأزمة سريعًا مع في 19 نوفمبر الجاري، عندما دعا شباب النوبة إلى مسيرة احتجاجية، ضد قرارات الحكومة، وقطعوا طريق أبوسمبل الدولي، ودخلوا في اعتصام مفتوح. ورفعوا مجموعة من المطالب تتمثل في الآتي:&

- أن تكون الأولوية لأبناء النوبة وأسوان بمشروع توشكي ضمن المليون ونصف المليون فدان.
- تفعيل المادة 236 من الدستور بإصدار قانون بإنشاء الهيئة العليا لإعادة التوطين وتعمير وتنمية بلاد النوبة الأصلية.
- تعديل القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014، والخاص بتحديد المناطق المتاخمة للحدود، بما يتفق مع نصوص الدستور وحقوق النوبيين بإعادة توطينهم على كامل أراضيهم.
- وقف طرح أي مشروعات للبيع أو المزاد للمستثمرين ورجال الأعمال في المنطقة، قبل تفعيل الدستور وصدور القانون.
وتصاعدت الأزمة وازدادت توترًا مع اعتداء قوات من الجيش والشرطة على المعتصمين، ورفعوا حزمة جديدة من المطالب، تتمثل في الآتي:
ـ تمليك بيوت النوبيين في جزر وقري شمال السد دون شروط (قري الشلال).
ـ عودة مهجري السد والخزان لقراهم ونجوعهم الأصلية طبقًا لخرائط النجوع التفصيلية&قبل الخزان وتعلياته وطبقًا لمستندات المساحة وتوفير البنية الأساسية وكل الخدمات.&
- توشكي وكل المدن الجديدة حق لسكان المنطقة الأصليين فقط، وعلى الحكومة وقف كل أشكال وصور البيع والمزادات وحق الانتفاع ونقل كل الوافدين الذين تم توطينهم في أراضي النوبيين في اطار خطة وبرنامج التغيير الديموغرافي.&
- الأولوية للنوبيين في التوظيف والإسكان القومي (في مدينة أسوان ومركز ناصر ومنطقة جنوب السد)، وفي كل أقاليم مصر تعطي الأولوية لأبناء المنطقة الأصليين إلا أسوان.
- الترخيص لأبناء المنطقة فقط في التنقيب على الذهب وأعمال المناجم والتعدين والرخام الجرانيت وخلافه بدلاً من اسنادها للوافدين و المستثمرين، وتسخير عائدها وعائد المعابد وغيره في تعمير المنطقة.
- وقف كل أشكال التهميش والتطهير الثفافي والتغيير الديموغرافي الذي تقوم به الدولي ضد النوبيين، ووقف كل عمليات الاستيلاء المدنية والعسكرية على أراضي النوبيين.&
- الاعتراف بالنوبيين أنهم شعب أصيل لهم حقوق، وأن تكون لهم "كوتة" في التمثيل النيابي في مجلس الشعب بالانتخاب بعدد لا يقل عن عشرة نواب، وأن يكون المحافظ نوبيًا منتخبًا.

&

&

وفشلت مساعي نواب وشخصيات عامة في انهاء الأزمة، لاسيما في ظل إصرار أهالي النوبة على تنفيذ مطالبهم وإصدار قرارات جمهورية بما تضمنته.

وأرسل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى النوبة "أستاذه" المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع السابق ورئيس المجلس العسكري الذي حكم مصر بعد اسقاط نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورئيس مجلس النواب علي عبد العال، وكلاهما من أصول نوبية. وذلك في محاولة منه للوصول إلى حلول للأزمة.

وفشل المشير طنطاوي ورئيس مجلس النواب في التوصل إلى حلول وسط ترضي أهالي النوبة، وتضمن استثمار الأراضي ضمن مشروع المليون ونصف مليون فدان.

وأدت الأزمة إلى تعطيل اجتماع الحكومة اليوم الأربعاء، على أن يلتقي رئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، بوفد من النوبيين، واستبق اللقاء بتصريحات قال فيها: "أهالينا في النوبة هم جزء أصيل من النسيج الوطني المصري وسوف تقوم الدولة بتوفير كافة احتياجاتهم من خدمات إضافة لبناء قصور ثقافة وصرف صحي ومدارس".

وأضاف أنه "تم رصد مبلغ إضافي بلغ 270 مليون جنيه، لاستكمال هذه المشروعات، وان الحكومة بصدد مناقشة عدد من القوانين اللازمة في هذا الشأن وسوف تعمل مع مجلس النواب لسرعة إصدار هذه القوانين".

ومن جانبها، قالت وفاء عشري، عضو الاتحاد النوبي العام، إنه تم تشكيل لجنة من شباب النوبة لحضور جلسات المفاوضات مع الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان والمهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، للتفاوض في المطالب النوبية، مشيرة إلى أن ذلك ما دفع المعتصمين لفتح طريق أبو سمبل - أسوان في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء.

وأضافت عشري، &أن اللجنة البرلمانية المكلفة بالتفاوض مع أهالي النوبة المعتصمين، والمشكَّلة من النواب عمرو أبو اليزيد ومصطفى بكري ومحمد سليم، عرضوا إرسال مطالب أهالي النوبة إلى رئاسة الجمهورية في مقابل إنهاء الاعتصام، معللة إصرار المعتصمين على عدم فض الاعتصام أمس بعد التفاوض مع اللجنة البرلمانية، لضمان تنفيذ حقيقي للوعود، وهذا ما دفعهم إلى تشكيل لجنة من شباب النوبة لحضور المفاوضات.

ولم تخلُ الأزمة من تبني نظرية المؤامرة، وقال الأمين العام لائتلاف دعم صندوق تحيا مصر، طارق محمود، &إن هناك "بعض الدول والمنظمات المشبوهة تعبث بملف النوبة وتحاول الوقيعة بين الأهالي والدولة المصرية"، مطالباً "الجميع بالحرص على مقدرات الوطن وعدم الإنسياق وراء فتنة يتم التخطيط لها خارج حدود الدولة المصرية".

وقال في تصريح له، إنه "تم رصد العديد من عناصر تلك المنظمات أثناء تواجدهم في قطر لتنظيم بعض الفعاليات لإحداث فتنة في جنوب مصر، مؤكداً أن هناك أشخاصًا تلقوا تمويلات مالية ضخمة من قطر لإشعال ذلك الملف".

وأكد طارق محمود أن تلك المحاولات لن تنجح، وأهالي النوبة هم أول من سيتصدى لإفشال تلك المخططات، والدولة المصرية ستقدم حلولاً لحل ملف النوبة وفقاً للدستور والقانون.

وتبنى النائب في مجلس النواب عن محافظة أسوان، أحمد سعد درويش، نظرية المؤامرة أيضًا، وقال: "هناك أيادٍ خارجية تقف وراء هذه الأزمة"، مضيفًا "أسوان لم تشهد أي أحداث، حتى أثناء ثورة 25 يناير"، مستنكرًا "بعض ممارسات المعتصمين على طريق أسوان أبو سمبل، مثل قطع الطريق".

وأضاف: "نحن مع قضايا النوبة، لكن لابد من احترام الدستور، وعدم قطع الطريق، أو تعطيل السياحة"، متابعًا: "هؤلاء المعتصمون أرهقوا قوات الأمن، واستنزفوا طاقتهم". وتابع: "هذه ليست أخلاقيات أهل النوبة أبدًا".&

وأضاف: "أهل النوبة لا يمثلون سوى 10% فقط من سكان أسوان، وباقي الأهالي أعربوا عن ضيقهم من هذه الممارسات"، على حد قوله.
&