أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ الثلاثاء أمام منتدى دافوس أن "لا أحد سيخرج منتصرًا من حرب تجارية" في تحذير واضح إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي وعد بفرض قيود جمركية، تستهدف الصادرات الصينية.

إيلاف - متابعة: ألقى جينبينغ خطابه أمام نخبة اقتصادية تواجه ريبة متزايدة من الشعوب الغربية وعداء متصاعدًا للانفتاح على التبادل الحر، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد في المنتجع السويسري.

لا للحمائية
وقال أمام حوالى ثلاثة آلاف من قادة العالم الاقتصاديين والسياسيين، المجتمعين منذ مساء الاثنين في منتجع التزلج، الذي تحول إلى موقع محصن حتى انتهاء المنتدى الجمعة، "يجب أن نبقى متمسكين بتطوير التبادل الحر والاستثمارات" خارج الحدود الوطنية، وأن "نقول لا للحمائية". أضاف "لا أحد سيخرج منتصرًا من حرب تجارية".

ودعا الرئيس الصيني أيضًا إلى "إعادة توازن" في العولمة لجعلها "أقوى وأكثر شمولية واستدامة". وقال "لا يفيد أحدًا إلقاء المسؤولية على العولمة" في كل مشاكل العالم.

في الشق المتعلق بالمناخ، اعتبر الرئيس الصيني أن اتفاق باريس حول المناخ "يشكل انتصارًا تحقق بصعوبة"، داعيًا كل الموقعين "إلى الالتزام به". وهذا النص الذي اعتمد في نهاية 2015 من قبل 195 دولة يهدف إلى احتواء الاحترار العالمي بأقل من درجتين.

انتخاب ترامب تحديًا
من أبرز التحديات الجديدة فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، وانتقاله الجمعة إلى البيت الأبيض، بعد حملة انتخابية ركزها على التنديد بالتبادل الحر، الذي يعتبر المشاركون في منتدى دافوس من أشد مؤيديه.

وبعد كلمة الرئيس الصيني، يعتلي عضو في فريق الرئيس المنتخب الانتقالي، هو أنتوني سكاراموتشي، المنبر بدوره، ليلقي كلمة تنتظر بترقب كبير. ويجمع المنتدى الاقتصادي العالمي منذ نحو خمسين عامًا مسؤولي شركات ورؤساء حكومات وسياسيين وفنانين، أي باختصار نخبة مناصرة عمومًا للتبادل الحر بجميع أشكاله.

يناقش المشاركون في دافوس توجهات العالم في قصر المؤتمرات الكبير، ويناقشون الأعمال في اجتماعات بعيدًا عن الأضواء، سواء في قاعة اجتماع أو في أحد الفنادق الكبرى، أو إحدى الحفلات الساهرة التي تواكب المنتدى.

الاستماع إلى الناس
ينعقد المنتدى هذه السنة في ظل العداء المتزايد من جانب شريحة كبيرة من الشعوب الغربية حيال العولمة، ولا سيما بين طبقات وسطى تعاني من تراجع أوضاعها، وقد صوّتت لمصلحة ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتهدد ببلبلة اللعبة السياسية في فرنسا وألمانيا ودول أخرى.

يدرك مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شفاب هذه القطيعة بين النخب والطبقات الوسطى، وهو نظم اللقاء هذه السنة تحت شعار مسؤولية القادة، داعيًا إلى البحث عن "الأسباب التي تقف خلف غضب الناس وعدم ارتياحهم".

ونشر المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يعتبر الإقصاء الاجتماعي والتفاوت الاقتصادي الخطرين الرئيسيين اللذين يواجههما العالم عام 2017، نشر دراسة الاثنين تكشف أن متوسط الدخل السنوي تراجع في الدول المتقدمة على مدى خمس سنوات. وعلق مدير البنك السويسري العملاق "يو بي إس" سيرجيو إرموتي متحدثًا لوكالة فرانس برس: "علينا أن نستمع إلى ما يقوله الناس. فوائد العولمة تظهر بوضوح أكبر في الدول الناشئة منها في الدول المتطورة".

وقال رئيس قسم الاقتصاد في شركة "آي إتش إس ماركيت" ناريمان بهرافيش لوكالة فرانس برس إن "المفارقة" تكمن في أن التوقعات على صعيد الاقتصادي الكلي تبقى رغم ذلك إيجابية، غير أن "التكنولوجيا والعولمة تتركان عددًا كبيرًا من الناس على الهامش".

وأعلنت منظمة "أتاك" المعادية لليبرالية منددة "كما في كل سنة، وبتواطؤ وسائل الإعلام الكبرى، ستسعى هذه النخب إلى إعطاء صورة إيجابية لـ+قيادتها+ على صعيد العولمة. وهي مضطرة إلى الأخذ بتمرد الشعوب المتزايد الذي يبلبل النظام النيو-ليبرالي".

انهيار الثقة
وإذ نددت منظمة "أوكسفام" غير الحكومية بهذه التوجهات، نشرت دراستها السنوية عن الفوارق التي تصدرها مع انطلاق أعمال منتدى دافوس، لافتة فيها إلى أن أكبر ثمانية أثرياء في العالم يملكون معًا ثروة توازي ما يملكه نصف سكان العالم الأكثر فقرًا.

وأظهرت دراسة لمكتب "إيدلمان" للعلاقات العامة أن الثقة في الحكومات والشركات ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية تراجعت بشكل كبير في الدول الـ28 المشمولة في الدراسة، وأوضح رئيس المكتب ريتشارد إيدلمان أنه "انهيار في الثقة".

وذكر الاتحاد النقابي الدولي "يوني غلوبال يونيون" الذي يشارك رئيسه فيليب جينينغز كل سنة في منتدى دافوس أنه "بعد ثلاثين عامًا من الأرباح القياسية، كان أمام +الأعمال+ فرصة لتوفير الازدهار للجميع، لكنها فشلت، وهي الآن تدفع الثمن السياسي".