سيف بن ضاحي من أبوظبي: تواصل القمة العالمية لطاقة المستقبل أنشطتها في العاصمة الإماراتية أبوظبي لتكشف عن مشاريع وبرامج مستقبلية وترسم خططًا مستدامة، تحدد عبرها ملامح واستراتيجيات الطاقة المتجددة على مستوى العالم.

وشهد اليوم الثاني توقيع اتفاقيات شراكة متنوعة، أبرزها اتفاقية شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة والمستدامة المعتمدة، بينما أبرم معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا مذكرة تفاهم لتطوير تطبيقات تستخدم ضمن منطاد "ستراتوباص".

سلطان الجابر يشهد صفقة الاستحواذ على محطة الرياح التجارية

فيما وقع معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا اتفاقية لتطوير تقنيات تحلية مياه ذات كفاءة عالية في خفض استهلاك الطاقة، بينما استحوذت "مصدر" على 25 في المئة من أول محطة رياح عائمة في العالم في بحر الشمال "هايويند سكوتلاند"، إلى جانب ذلك شهدت القمة تنظيم معرض الطاقة الشمسية.

وأشارت شخصيات عالمية مشاركة في معرض الطاقة الشمسية إلى أن حلول توليد الكهرباء من وحدات الطاقة الشمسية المركّبة على أسطح المباني من شأنها أن تساعد على تحرّك قطاع الطاقة المتجددة وإحداث نمو في أسواق الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

200 غيغا واط جديدة

وتحرز مصادر الطاقة المتجددة تقدماً سريعاً في المنطقة، إذ تبين تقديرات دول مشاركة في الحدث أن هناك مشاريع مخططًا لها من المنتظر أن تضيف نحو 200 غيغا واط من قدرات إنتاج الكهرباء على مدى الأعوام العشرة المقبلة، إذ بدأت دول في المنطقة رسم أجنداتها الخاصة بمشاريع الكهرباء والمياه، وجلبت عطاءات المشاريع في دولة الإمارات خلال العام الماضي عروض أسعار تقل عن 3 سنتات أميركية لكل كيلوواط ساعة.

كهرباء شمسية للبيع

جانب من الجلسة الحوارية حول خفض الانبعاثات الكربونية

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة "إنفايرومينا" سامي خريبي أن الطاقة الشمسية أصبحت تأتي بصورة جلية في صميم خطط إنتاج الكهرباء في الإمارات، مبيناً أن الوحدات الشمسية التي تركب على أسطح المباني تلعب دوراً مهماً في هذا النمو، ويجري حالياً وضع أهداف رسمية متعلقة بتركيب الوحدات الشمسية على الأسطح، في حين يجري رسم السياسات التي تتيح للعملاء بيع الكهرباء الناتجة عن هذه الوحدات إلى شبكة التوزيع الرئيسة، ما من شأنه أن يؤدي إلى تغيير جذري في طرق الحصول على الكهرباء في المنطقة العربية.

المنطقة واعدة استثمارياً

بدوره، أكد مدير إدارة المناشط في شركة "ريد" للمعارض ناجي الحدّاد، الجهة المنظمة للقمة العالمية لطاقة المستقبل بالتعاون مع "مصدر"، أن انخفاض التكلفة وزيادة كفاءة الطاقة الشمسية في السوق المتنامية للطاقة المتجددة يحظيان بأهمية خاصة في الإمارات، ما دقع الشركة بالتعاون مع "مصدر" إلى إطلاق معرض الطاقة الشمسية، إذ إن المنطقة غنية بضوء الشمس ما يشكل نموًا واستثمارًا واعدًا على المستوى العالمي.

"أدنوك" تحسن كفاءة الطاقة

توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية سيحدث نمواً كبيراً في الشرق الأوسط وآسيا

من جانبها، تعتزم شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" تطبيق مجموعة من الإجراءات التي ستسهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 10 في المئة بحلول عام 2020، وستقلل استراتيجية كفاءة استخدام الطاقة من استهلاك أدنوك للغاز بمعدل 156 مليون قدم مربع يومياً، وتساعد على توفير النفقات بقيمة إجمالية تبلغ مليار دولار بحلول عام 2020.

3 ملايين طن خفض الانبعاثات

ونجحت هذه المبادرات حتى الآن في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بواقع 3.1 ملايين طن سنوياً، أي ما يعادل الانبعاثات الناجمة عن 658.800 رحلة بالسيارة في العام، ومن المتوقع انخفاض معدلات الانبعاثات بشكل أكبر في الأعوام الثلاثة المقبلة مع تطبيق المزيد من إجراءات تعزيز الكفاءة التشغيلية.

وأشار مدير دائرة إدارة الغاز في مجموعة أدنوك عمر السويدي، في جلسة حوارية حول خفض الانبعاثات الكربونية ضمن مناشط القمة العالمية لطاقة المستقبل، إلى أن مبادرات "أدنوك" لكفاءة استخدام الطاقة تؤكد أن الاستدامة البيئية والاستدامة الاقتصادية لا يتعارضان، وأن اعتماد التطبيقات التكنولوجية التي تضمن كفاءة استخدام الطاقة تحقق نتائج تجارية ملموسة.

تطوير مشاريع الطاقة المتجددة

وفي سياق متصل، وقعت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" اليوم اتفاقية تعاون مشترك مع كل من شركة الكهرباء والماء القطرية وشركة نبراس للطاقة، تهدف إلى تنظيم علاقة عمل مشتركة بين الجهات الثلاث في مجال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة والمستدامة المعتمدة على أسس تجارية لبيع الكهرباء في الإمارات وقطر، وأي بلد يجري الاتفاق عليه على الصعيد الدولي.

تعزيز برامج الاستدامة

وتعزز الاتفاقية أطر تعاون الشركات الثلاث في مجالات البحث والتطوير والتقنية والتعليم والتوعية المستدامة على أساس خبرة كل الأطراف في تطوير ونشر برامج الاستدامة، وتساهم الاتفاقية في تحقيق الاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية التي يشهدها قطاع الطاقة المتجددة، إلى جانب توظيف الخبرات التي تمتلكها "مصدر" وشركاؤها للنهوض بقطاع الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.

الاستحواذ على 25% من "هايويند سكوتلاند"

وفي السياق ذاته، استحوذت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" اليوم على حصة في "هايويند سكوتلاند"، محطة الرياح البحرية العائمة في بحر الشمال بقدرة 30 ميغاواط، وبموجب الاتفاقية أعلنت "مصدر" وشركة الطاقة الدولية شتات أويل عن موافقتهما على تقاسم مخاطر تطوير المحطة، إذ ستغطي "مصدر" 25 في المئة من التكاليف السابقة والمستقبلية للمشروع.

بواكير الإنتاج نهاية 2017

وتعتبر "هايويند سكوتلاند" أول محطة رياح عائمة في العالم، ومن المقرر أن تبدأ في الإنتاج التجاري أواخر العام الجاري، وتهدف هذه المحطة التجريبية إلى تقديم نموذج منخفض المخاطر وفعّال من ناحية التكلفة لمحطات طاقة الرياح العائمة التجارية في المستقبل.

وشهد صفقة الاستحواذ رئيس مجلس إدارة شركة مصدر الدكتور سلطان الجابر، وزير التغيّر المناخي والبيئة الإماراتية الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، سكرتيرة الدولة النرويجية تون سكوجن، السفير البريطاني لدى الإمارات فيليب برهام.

دعم منطاد "ستراتوباص"

من جهته، وقع معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، على هامش مناشط القمة العالمية لطاقة المستقبل، مذكرة تفاهم مع شركة "تاليس إلينيا سبيس" الفرنسية، وجامعة الهندسة الفرنسية "مين باريس تك"، بهدف تطوير ودعم تطبيقات تستخدم ضمن منطاد "ستراتوباص" لقدرته على التحليق والتقاط الصور من طبقات الغلاف الجوي "الاستراتوسفير" على ارتفاع 20 كيلومترًا من سطح الأرض.

وتتعاون شركة "تاليس إلينيا سبيس" حالياً مع شركاء من فرنسا وأوروبا لتطوير منطاد "ستراتوباص" الذي يمثل مركبة هجينة من قمر صناعي وطائرة بدون طيار، وسيوضع المنطاد على ارتفاع 20 كيلومتراً من منطقة عملياته وعند المستوى الأدنى من طبقة "الستراتوسفير" في الغلاف الجوي، التي تكون فيها الرياح منخفضة وكثافة الهواء كافية لحمل المنطاد، وسيعمل معهد مصدر على تعزيز جهوده الرائدة في تطوير تقنيات مبتكرة لرصد الأرض، من شأنها أن تعود بفوائد مستدامة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.

تحلية المياه بالطاقة المتجددة

إلى جانب ذلك، أبرم معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا اتفاقية مع جامعة كوريا لتطوير تقنيات تحلية مياه ذات كفاءة عالية في خفض استهلاك الطاقة، ويهدف المشروع البحثي المشترك إلى إثبات إمكانية الاعتماد على محطات تحلية مياه تعمل بالطاقة المتجددة بالكامل، وذات طاقة إنتاجية كبيرة، إلى جانب إثبات قدرة بعض تقنيات تحلية المياه المبتكرة على الحد من استهلاك الطاقة في عمليات التحلية في دولة الإمارات.

خفض البصمة الكربونية

وأوضحت المديرة المكلفة في معهد مصدر الدكتورة بهجت اليوسف أن تحلية المياه لعبت دوراً مهماً على مدى عقود عدة في تلبية الحاجة المتزايدة للمياه العذبة في الإمارات، كما سيكون على الدولة خفض استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية في إطار مساعيها إلى تقوية دعائم الاستدامة، لذلك فإن التمكن من تحلية المياه اعتماداً على الطاقة المتجددة وتقنيات موفرة للطاقة مكسباً على كلا الصعيدين.