«إيلاف» من الجزائر: أعلن الوزير الأول أحمد أويحي استئناف الجزائر عمليات استغلال الغاز الصخري الذي توقفت أشغال استكشافه في 2015، إثر احتجاجات عارمة بولايات الجنوب انطلقت نهاية 2014 عقب صدور قرار حكومي يقضي بالبدء في استغلال هذا المورد الطاقوي لتعويض انخفاض احتياطات البلاد من البترول الذي تبقى عائداته أساس الاقتصاد الجزائري.

وجاء إعلان أويحي خلال قيامه بأول زيارة تفقدية للولايات قادته إلى وهران غرب البلاد، أين زار المنطقة الصناعية أرزيو ومركب تمييع الغاز الطبيعي "GL3Z"، ودشن باخرتين جديدتين لنقل الغاز الطبيعي المميع.

 وتصنف الجزائر ضمن الدول الأكثر تصديرا للغاز، وكانت رفقة روسيا وراء إطلاق منتدى الدول المصدرة للغاز الشبيه بمنظمة أوبك.

 إصرار

ويفهم من تأكيد الوزير الأول بأن الحكومة تشجع الاستثمار في مجال المحروقات، خاصة المحروقات الصخرية أنها ماضية في استغلال الغاز الصخري بعد انتهاء فترة الاستكشاف التي جرت بين عامي 2014 و2015، ورافقت احتجاجات في ساحة النضال بعين صالح.

وقال أويحيى إن حكومته "" تشجع الاستثمار في مجال المحروقات لا سيما المحروقات الصخرية لأنه لدينا قدرات في هذا المجال، ونطمئن بأن شركة سوناطراك (حكومية) قادرة على أن تشرح أن ذلك ليس بمثابة فتح الباب أمام جهنم وليس بالمغامرة بل بالعكس، فان ذلك سيضمن الاستمرار في ترقية المداخيل الوطنية في مجال الطاقة". 

وأكد أويحيى أن "القدرات الموجودة لدى سوناطراك تبعث على التفاؤل وهي رسالة أمل للجزائريين لا سيما في هذا الظرف الذي يتميز بالضائقة المالية جراء تذبذب أسعار النفط في العالم". 

وأشار أويحيى إلى أن" النفط سيبقى المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني وسترافق الحكومة سوناطراك لتنشيط مشاريعها". 

وقال الخبير الطاقوي مهماه بوزيان لـ"إيلاف" إن تصريح الوزير الأول له دلالة كونه جاء من أرزيو مفخرة الصناعة البتروكيماوية الجزائرية، ما يعني أن هذه الصناعة ستكون لها أولوية في المشاريع الطاقوية الجزائرية المقبلة، وان الاستثمارات المقبلة ستوجه لصناعة الغاز وتطوير حقول الغاز الصخري عبر الشركة الحكومية سوناطراك. 

وخلال احتجاجات 2015، تحدثت أطراف عن إسناد مهمة الاستثمار في الغاز الصخري إلى مؤسسات أجنبية متعددة الجنسيات، والتي اتهمها المحتجون بالبحث عن تحقيق أرباح مالية فقط، دون الاكتراث بالضرر البيئي للمنطقة الذي سيزيد من متاعب سكان المنطقة.

غير ان بوزيان يفند هذه المخاوف، ويؤيد قرار الحكومة بالمضي قدما في تطوير عملية استغلال الغاز الصخري، غير أنه دعا إدارة أحمد أويحيى على انتهاج إستراتيجية اتصالية شفافة تزيل مخاوف سكان المنطقة، وتشرح لهم الفوائد الاقتصادية وحاجة البلاد لاستغلال هذه الثروة الطاقوية.

قيد الدراسة

لكن يبدو أن الشروع في تنفيذ مشاريع استغلال الغاز الصخري لن يكون في القريب العاجل، فقد أعلن وزير الطاقة مصطفى قيطوني الاثنين أن الملف لا يزال في مرحلة الدراسة، وسيعالج بطريقة "لائقة" على غرار ما يتم في الدول الأخرى.

 وعرض قيطوني خلال أشغال اجتماع مجلس الأعمال الجزائري-الأمريكي الذي عقد بالجزائر التكنولوجيات الجديدة التي تسمح باستخراج الغاز الصخري بأقل المخاطر التي قد تضر بالبيئة.

وأوضح الوزير أن الغاز غير التقليدي يعد "خيارا" تم اتخاذه، و" سنذهب إليه ويجب أن نذهب إليه" بالنظر للاستهلاك القوي في مجال الغاز الطبيعي. 

وبحسب قيطوني، فإن "الأمر يتعلق بمستقبل الأجيال القادمة"، لأن ثلث الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي يستهلك محليا مقابل ثلث يوجه للتصدير وثلث آخر يعاد ضخه في آبار الإنتاج للحفاظ على ضغط الغاز، إضافة إلى أن الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي يرتفع باستمرار ويمكن أن "يصل إلى مستوى جد عال وهذا وضع يستدعي التحرك". 

وأوضح الخبير الطاقوي مهماه بوزيان في حديثه مع "إيلاف" أن اللجوء إلى استغلال الصخري صار اليوم جزءا متعلقا بضمان الأمن الطاقوي للجزائر، بالنظر إلى أن المعطيات المتعلقة بالإمكانات الطاقوية الجزائرية الحالية سواء المتعلقة باحتياطات البترول أو مشاريع الطاقات المتجددة تشير إلى أن ما هو متوفر لن يكفي مستقبلا لتلبية الاحتياجات الوطنية من الطاقة.

إمكانيات ضخمة

وأشار بوزيان إلى أن "مكامن الجزائر المحتملة من الغاز الصخري تصل إلى 27 ألف مليار مكتر مكعب على الأقل، وهي 10 أضعاف احتياطات الجزائر المؤكدة الآن من الغاز الطبيعي التي تكفي سوى لـ17 سنة، ما يعني أن الغاز الصخري سيمدد احتياطات البلاد حتى عام 2100، كما أن الوكالة الدولية للطاقة تصنف الجزائر كثالث احتياطي عالمي بعد الصين والأرجنتين".

وتشير تقديرات أجراها مجمع سوناطراك الحكومي بالتعاون مع شركات نفطية عالمية في خمس أحواض بالصحراء جنوب البلاد، أن الجزائر تحوز على احتياطيات من الغاز الصخري تقدر بحوالي 4940 ترليون قدم مكعب، من بينها 740 ترليون قدم مكعب يمكن استرجاعها على أساس نسبة استرجاع 15 بالمائة. 

وتوجد هذه الاحتياطات القابلة للاسترجاع في مناطق أحنات وتيميمون، وإليزي ومويدير وبركين جنوب الجزائر. 

وأشار تقرير للوكالة الدولية للطاقة حول الغاز الصخري تم إصداره في 2013 إلى أنه وبنسبة استرجاع 15 بالمائة، فإن الجزائر تحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث احتياطات الغاز الصخري التي يمكن تقنيا استرجاعها بعد كل من الولايات المتحدة (التي تتراوح نسبة الاسترجاع فيها بين 20 و50 بالمائة حسب الحقل) والصين والأرجنتين.

إعادة النظر

 تربط الحكومة استغلال الغاز الصخري بتحيين قانون المحروقات بهدف جلب الاستثمارات الخارجية التي قد تساعد شركاتها في نقل الخبرة للمتعاملين الجزائريين في هذا المجال. 

وبحسب الوزير الأول أحمد أويحيى، فإنه يجب إعادة النظر في قانون المحروقات لأن القطاع يعرف تحولات كبيرة في العالم وعلى الجزائر أن تواكب هذه التحولات. 

وقال أويحيى "حان الوقت للجزائر أن تقوم بتعديل قانون المحروقات لجلب الشركاء ولترقية مداخيل البلاد في مجال الطاقة". 

وأضاف أنه من "الضروري إعادة قراءة هذا القانون وفق الرهانات الحالية على الصعيد الاقتصادي". 

وأوضح أن "عددا من المستثمرين الأجانب المهتمين بقطاع المحروقات بالجزائر تقدموا إلى مناقصات لينسحبوا كون القانون الحالي لا يمنح التسهيلات اللازمة، و لا بد لهذا القانون أن يكون جذابا خاصة أن السوق الدولية تغيرت بصفة كبيرة". 

بدوره، يرى مهماه بوزيان "أنه بات من الضروري إعادة النظر في قانون المحروقات الحالي بهدف البحث عن أسواق جديدة، ودعا إلى تطوير الإنتاج المحلي عبر سوناطراك".

وأوضح بوزيان في حديثه مع "إيلاف" "أن على الجزائر أن تعمل اليوم على الفوز بعقود فورية وليس الاعتماد فقط على العقود طويلة ومتوسطة المدى، لأن السوق النفطية والعوامل الاقتصادية الحالية تختلف عما كان سابقا". 

تمويل إسلامي

إلى ذلك، وفي إطار سعيها للبحث عن أموال جديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية تتجه الجزائر هذه المرة إلى دعم المعاملات الإسلامية عبر البنوك.

وقال رئيس جمعية البنوك و المؤسسات المالية بوعلام جبار إن بعض البنوك ستشرع في العمليات الأولى للتمويل الإسلامي قبل نهاية 2017ن وستتبعها بنوك أخرى العام المقبل.

وأعلن المدير العام لبورصة الجزائر يزيد بن موهوبي هو الآخر عن التحضير لمشروع إدراج "صكوك إسلامية" في تعاملات البورصة. 

وكشف أن بورصة الجزائر "قاربت على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع إدراج صكوك إسلامية في تعاملاتها" و الذي سيتم بمجرد الانتهاء من تقديمه أمام هيئة مراقبة عمليات البورصة لتقدمه هي الأخرى بعد دراسته لوزارة المالية. 

و أضاف أن التحضير لهذا المشروع يجري بالتنسيق مع جامعة سطيف، ومن خلال "الاتفاقية المبرمة مع بورصة التداول بالمملكة العربية السعودية باعتبارها تتوفر على أكبر مخزون من الصكوك التي تتجاوز قيمتها المالية 400 مليار دولار، بهدف الاستفادة من تجربة هذه البورصة الرائدة على مستوى الشرق الأوسط في مجال الصكوك الإسلامية".