تشهد البيتكوين رواجًا كبيرًا في الأشهر الأخيرة وتضاعفت قيمتها عشرة مرات منذ بداية العام الحالي.

إيلاف من الرياض: تجاوزت قيمة العملة الرقمية (البيتكوين) العشرة الآف دولار، وهي العملة التي كانت تصارع للبقاء قبل سبع سنوات فقط. 

وتعرف البيتكوين بأنها عملة (نظام مدفوعات) رقمية عالمية لا تتبع لأي بنك مركزي. وتقوم فكرة (البيتكوين) على التعامل المباشر بين طرفين بدون وسيط أو طرف ثالث (البنك). 

المستشار المالي والمصرفي د. فضل البوعينين يقول إن "ما يحدث ليس منطقيًا ولا واقعيًا وقد وصلنا إلى مستويات خطرة في أسعار العملة الرقمية، وأتوقع أن انفجار الفقاعة بات قريبًا". أضاف: "لا وجود لمقومات يمكن القول بأنها تدعم قيمة العملة، البيتكوين ليست العملة الرقمية الوحيدة ولكنها العملة الوحيدة التي تحولت لأداة مضاربة وتضخمت بهذا الشكل".

نشأة البيتكوين

خلال فترة التسعينيات، سعى عدد من المبرمجين لتأسيس عدد من العملات الرقمية، وكانت هذه المحاولات غالبًا ما تفشل لأسباب عديدة أهمها غياب الهيكل التنظيمي والتشريعي وانخفاض عدد مستخدمي الإنترنت في العالم. 

وفي عام 2008 ومع تلقي الاقتصاد العالمي ضربات موجعة بفعل الانهيار المالي قام ساتوشي ناكاموتو بنشر ورقة عن البيتكوين كنظام عملة إلكتروني و ضمنها برنامجًا مفتوحًا للمطورين، وفي يناير2009 تم إطلاق أول عملة بيتكوين من قبل ساتوشي ناكاموتو. 

قام بعد ذلك عدد من المهتمين والمبرمجين باستخدام برنامج ساتوشي من بينهم المبرمج هال فيني، وتشير التقديرات إلى ساتوشي قام بإصدار مليون بيتكوين قبل أن يختفي ويسلم دفة القيادة إلى المطور غافين أندرسن الذي أنشأ (بيتكوين فاونديشن) وهي ما تشبه الواجهة الرسمية للبيتكوين.

وكانت قيمة عملة البيتكوين في بداياتها ضعيفة جداً، حيث أن أول عملية شراء بطريقة غير مباشرة كلفت عشرة آلاف بيتكوين للحصول على اثنين من البيتزا من سلسلة مطاعم بابا جونز.

ورغم ذلك لاتزال هوية المؤسس ساتوشي ناكاموتو غير مؤكدة، فالبعض يرجعها إلى مجموعة أشخاص والبعض يؤكد أنها لأمريكي ياباني يقيم في كاليفورنيا، إلا أنه ليس من دليل يؤكد على هوية ساتوشي الحقيقية رغم محاولات البحث المضنية. 

بنجامين لاوسكي المشرع المالي لنيويورك يصبح مستشاراً لشركات العملة الرقمية

الإطار القانوني

نشأت العملة الرقمية بدافع التخلص من سيطرة الحكومات وانعدام الثقة مدفوعةً بالتوجس العام بانهيار النظام المالي العالمي بعد العام 2008 ورغم ذلك فإن العمل بعملة جديدة بدون أسس قانونية وتنظيمية سيفقد الثقة بالعملة الرقمية.

قبل أن يترك رئيس الخدمات المالية في ولاية نيويورك بنجامين لاوسكي عمله الحكومي قاد جلسات استماع بشأن البيتكوين كان خلالها متحفظاً في موقفه تجاه العملة الرقمية و قال خلال احدى الجلسات: "سأختار أن أمنع الإرهاب وغسيل الأموال"، ولكنه فيما بعد عملت إدارة الخدمات المالية في نيويورك على تنظيم خدمات ومنتجات البيتكوين لتصبح نيويورك أول مكان في العالم ينظم ويشرع العملة الرقمية، وبعد ترك لاوسكي للعمل الحكومي قام بتأسيس شركة محاماة تدعم جهود الشركات المهتمة بالعملة الرقمية. 

ورغم هذه الخطوات التي قد تدعم العملات الرقمية تظل المخاطر مرتفعة جداً، وكل خطوة رسمية تفضي إلى تشريع عملة البيتكوين هي أمر إيجابي لاستمرارية العملة والثقة بها وهذا كله لا يلغي المخاطر التي ستؤدي لانفجار الفقاعة. 

متحمسون ومشككون

المتحمسون للعملة الرقمية يرونها أداة مهمة لنقل السيطرة والرقابة إلى يد الناس بدلاً من الحكومات والبنوك التقليدية. كما يقول المتحمسون للبيتكوين بأن أكثر من اثنين مليار ونصف المليار من سكان الأرض لا يمتلكون حسابات بنكية وهذه العملة الرقمية ستساعد كل فرد للحصول على منفذ للعمليات المالية دون الحاجة إلى وسيط وتعقيدات بيروقراطية.

كما يرى جزء منهم أن العملة الرقمية جزء لا يتجزأ من التطور التكنولوجي والعلمي الذي يعيشه العالم وأنه من المستحيل أن يستمر التعامل بالعملات المتعارف عليها بالشكل الحالي للأبد.

يقول المستشار المالي والمصرفي البوعينين: "هذه الادعاءات يمكن الرد عليها بسهولة، فاهتزاز النظام المالي عام 2008 كان سببه عدم الانضباط بمظلة البنوك المركزية والتجاوزات التي قامت بها الشركات، البنوك المركزية هي التي عالجت آثار الانهيار الاقتصادي، البنوك المركزية دورها مهم في حماية الناس وضبط جشع الناس".

في المقابل يشكك كثيرون باستدامة العملة الرقمية نظراً لأنها لا تحظى بثقة وقبول الناس ولأنها تفتقد للأطر القانونية والتنظيمية عالمياً لكي يتم تداولها. فبخلاف ولاية نيويورك التي قدمت إطاراً تنظيمياً للبدء بتنظيم المنتجات والخدمات للعملة الرقمية فإن ألمانيا هي الدولة الوحيدة التي اعترفت حتى الآن بالعملة الرقمية. 

وبالإضافة إلى ذلك يخشى المشككون من استغلال العملة الرقمية للقيام بعمليات غسيل أموال وتمويل الإرهاب، ويقول منتقدوا العملة بأنها تضر بالبيئة ضرراً كبيراً وتستهلك كهرباء وطاقة كثيرة خلال عمليات التعدين الإلكترونية (mining)، فالصين تعتمد بشكل كبير على الفحم لإنتاج الكهرباء و لكي تنتج عملات رقمية فإن عملية التعدين، التي تستهلك وقتاً هائلاً، تكون قد استهلكت بالفعل طاقة كبيرة. 

المستشار البوعينين أكد أن "أكثر ما يعاني منه الاقتصاد العالمي هو الأموال القذرة والبنوك المركزية تحارب ذلك وتحد منه"، وأضاف: "لم نصل للتشريعات المالية الضابطة للعملات الرقمية ولا يوجد أي معايير اقتصادية مقبولة يمكن البناء عليها في قيمة البيتكوين".