دبي: أعلن مبارك راشد المنصوري محافظ المصرف المركزي الإماراتي اليوم الأربعاء أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بصدد إصدار عملة رقمية جديدة للتداول بين البلدين يجري دراستها حاليا بالتشاور بين المصرف المركزي الإماراتي ومؤسسة النقد السعودي، لافتا إلى أن المرحلة التجريبية للمشروع بعد الانتهاء من دراسته ستكون في التعاملات المالية بين المصرف المركزي والبنوك المحلية على أن يتم تطويرها لاحقاً لتكون وسيلة للدفع بهدف تعزيز المعاملات المالية.

من ناحية اخرى أكد المنصوري على استمرار موقف المصرف المركزي الاماراتي من التعامل بالعملات الافتراضية، محذرا من المخاطر المرتبطة بالتعامل بالعملات الافتراضية، ومنها "البيتكوين" و"إيثريم" وغيرهما في المرحلة الراهنة، مبينا أن مثل هذه العملات ليس لها مرجع محدد وأنها تخضع بشكل أساسي للعرض والطلب.

الدفع عبر الحدود

وأوضح المنصوري في تصريحات صحفية اليوم على هامش انعقاد اللقاء السنوي الثالث عشر بين صندوق النقد العربي ومعهد الاستقرار المالي ولجنة بازل المصرفية في ابوظبي أن المصرف المركزي الإماراتي بصدد تولي مشروع مشترك مع مؤسسة النقد العربي السعودي لاستخدام تكنولوجيا "بلوك تشين" (block chain) في معاملات الدفع عبر الحدود بين البلدين الذي سوف يتضمن إصدار عملة رقمية قابلة للتداول بين البلدين، موضحا أنها المرة الأولى على الإطلاق التي تشهد تعاون سلطات نقدية من بلدين مختلفين لاعتماد هذه التقنيات. معربا عن أمله في أن يشجع هذا الإنجاز على مزيد من التعاون متعدد الأطراف في المنطقة. لافتا الى انه لا تأثير لضريبة القيمة المضافة المقرر تطبيقها مطلع العام المقبل بواقع 5% على السلع والخدمات، على النشاط المصرفي بدولة الامارات.

الإصلاح الرقابي 

واستعرض المنصوري في كلمة له برنامج مصرف الإمارات المركزي للإصلاح الرقابي واسع النطاق الذي تم تطويره بناء على الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وما تم إحرازه من تقدم على صعيد التقنيات المالية (FINTECH)، موضحا "وجدنا أنفسنا بحاجة للاستفادة من الفرص والمزايا التي توفرها هذه التقنيات مع ضرورة التحوط ضد المخاطر المحتملة.. وفِي تقديرنا أنه لا خيار للقطاع المالي غير أن يحذوا حذو مسيرة التحول الرقمي التي يشهدها العالم حالياً، التي توفر طرقاً للحصول على التمويل بما يعزز النمو الاقتصادي، مع التأكيد في هذه الحالة على التحديات الرقابية وأهمية مواجهة المخاطر التي تعرض لها الفضاء الإلكتروني وحماية المستهلك.. وتطرح التصورات التي حدثت مؤخراً في مجال التقنيات المالية تحديات وفرصاً حيث إنها لا تزال في مرحلة الابتكار والتطور، غير أن المهم بالنسبة للمتعاملين والسلطات الرقابية هو الإدراك بأن هنالك حاجة إلى مزيد من الوعي بالمزايا التي توفرها هذه الابتكارات مع العمل على الحد من المخاطر المحتملة ومراقبة آثارها".

إدارة المخاطر

وتابع المنصوري أن المصرف عمل مؤخراً مع ممثلين للقطاع المالي والشركاء الرئيسيين في وضع أسس لأطر ضبط وإدارة المخاطر بطرقة سليمة، كما تمكن من وضع حد أدنى من المعايير المطلوبة من المؤسسات المالية التي تخضع لصلاحياتنا ويجري حالياً إنشاء إدارة في المصرف المركزي تكرس لمراقبة تطبيق هذه المعايير. كما شرع المصرف في تطبيق برنامج إصلاحي تنظيمي واسع النطاق وفق رؤية الإمارات 2021 التي تنص على ضرورة أن يرتكز تطور وتنوع الاقتصاد الوطني إلى نظام مصرفي قوي وكفء وسليم.

أنظمة جديدة للقطاع المصرفي

وتطرق الى أولويات المصرف المركزي التنظيمية للقطاع التي تشمل الحوكمة لدى البنوك، حيث تم وضع أنظمة جديدة للقطاع المصرفي في الدولة بشأن الضوابط الداخلية والامتثال والتدقيق الداخلي ورفع التقارير المالية والتدقيق الخارجي في إطار نظام شامل من حيث متطلبات الحوكمة لدى البنوك. مشيرا الى ان النظام المالي يلعب دوراً محورياً في تطور الاقتصاد الوطني ضمن استراتيجيات النمو المعتمدة، خصوصاً أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه تحديات تتطلب المزيد من التحوط، حيث تعتمد الدول النفطية استراتيجية جديدة لحقبة ما بعد النفط بحكم الوضع الجديد للمستويات المتدنية لأسعار النفط التي يبدو أنها ستتواصل لفترة طويلة لكن هذا الواقع الجديد يوفر أيضاً فرصة للقطاع المالي لاعتماد أحدث الابتكارات، بما يؤهله للعب دور رائد في هذا الخصوص".

المخاطر الاحترازية والحوكمة

وتطرق المنصوري الى وضع لجنة بازل التابعة لبنك التسويات الدولية للمسات الأخيرة على الإطار التنظيمي العالمي، بما يخدم الهدف طويل المدى المتمثل في تقوية وتعزيز الدعائم التي تضمن نظاماً بنكياً مرناً ومستقراً. وذلك في إطار التقدم الكبير الحاصل على مستوى الإصلاحات التي جاءت نتيجة الأزمة المالية العالمية الأخيرة وبما يتماشى مع تحقيق متطلبات وفق بازل - 3، التي أخذت بعين الاعتبار المخاطر الاحترازية والحوكمة، وأوصت بإشراف فعال يضمن تطور الوساطة المالية واستقرار القطاع المالي. مؤكدا ضرورة تنسيق الأطر الرقابية على الصعيدين العالمي والإقليمي، لأن غياب دعائم التعاون بشأن تنظيم ومراقبة العمليات عبر الحدود يقلل الفرص بالنسبة للمستثمرين والشركات التي تبحث عن مصادر للتمويل، وهو بذلك يعيق سهولة وحرية هذه المعاملات.

إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

وأوضح انه فيما يخص راس المال تم إعداد أنظمة جديدة هي حالياً بصدد التشاور مع ممثلي القطاع المصرفي خصوصاً فيما يخص مكونات رأس المال حسب متطلبات بازل-3، مضيفاً أن العمل مستمر لإنهاء ما تبقى في العام المقبل مثل مخاطر الطرف المقابل ومعاملات المشتقات المباشرة مع الطرف المقابل، والتوريق المالي. كما تشمل الأولويات التنظيمية للمصرف وضع إطار لإدارة المخاطر لدى البنوك. كما يسعى المصرف المركزي إلى تعزيز فرص تطوير الأعمال متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الإمارات بهدف دعم الاقتصاد الوطني، إذ إن المصرف بصدد إعداد نظام إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.