«إيلاف» من دبي: أكد المشاركون في جلسة "مستقبل العملات الرقمية" في اليوم الثالث الختامي والأخير للقمة الحكومية العالمية بدبي على أن تلك العملات الرقمية حقيقية وليست فقاعة كما يراها البعض، فهي عملة حقيقية تعادل قيمة مالية فعلية، إلا أنها تحتاج إلى نوع معين من القوانين المنظمة لتداولها بما يضمن عدم تأثيرها في التوازن المالي في سوق العملات. مشيرين الى أن العديد من العملات الرقمية الحالية لم يشهد بعد استخداماً واسع النطاق، ولا يمكن استخدامه بسهولة أو تبادله، إذ إن كثيراً من المصارف لا تقبله أو تقدم خدمات له. وأن مستقبل تداول تلك العملات يتوقف على مدى تفاعل مستخدمي الشبكات الإلكترونية مع المواقع التي تتداولها، ومدى ثقتهم بأنها تعادل أصولاً نقدية ممكن أن يستفيدوا منها كما يستفيدوا من العملات التقليدية.

من جهة اخرى، أكد مشاركون في القمة الحكومية أنه بفعل بناء مدن المستقبل على أساس الذكاء الاصطناعي فمن المتوقع بحلول سنة 2050 أن نجد مبانيَ بارتفاع 30 كيلومتراً، حيث سيتم بناؤها وصيانتها باستخدام تقنيات لم تعرفها البشرية من قبل. لافتين الى ان مدن المستقبل ستصبح أقل انتشاراً للأمراض وذات بيئة خلاقة، كما سيتراجع الاعتماد على النفط إلى أدنى مستوياته وذلك على حساب استخدام الطاقة المتجددة.

 

ثقة المتعاملين

وتفصيلاً، أضاف المشاركون في جلسة "مستقبل العملات الورقية" وهم خبراء ماليون دوليون: جيسي باويل رئيس بورصة كراكين للعملات الرقمية، ولورانس ونترماير رئيس مؤسسة اليبزيز وكيان ون وونغ رئيس مؤسسة نيم آي أو، أن انتشار تداول تلك العملات يتوقف على مدى ثقة المتعاملين بأنها تعادل أصولاً نقدية.

وحول مدى فعالية وإمكانية استخدام تلك العملة مستقبلاً، قالوا إن أحد التحديات التي تواجه المعنيين من مصرفيين وماليين، يكمن في ضرورة تطوير تقنية مالية مختلفة ومتخصصة في إدارة التعامل مع العملات الرقمية، تختلف تماماً عن تلك المستخدمة في تنظيم تعامل العملات التقليدية. موضحين أنه لا يمكن للعملات العادية أن تعمل داخل نظام العملات الرقمية، من خلال وضع إطار تشريعي أو قانوني يحكم تداولها في فضاء إلكتروني لا يمكن أن تحدده ضوابط أو حدود، إلا أنه يمكن للأنظمة المالية والمصرفية أن تنظم نفسها خارج نظام وإطار العملات الرقمية بما يكفل عدم تسببها في اختراق نظام العملات المادية.

 

 

مدن المستقبل والذكاء الاصطناعي

وفي جلسة ثانية بعنوان "صناعة مدن تحاكي المستقبل" أكد خبراء أن مدن المستقبل سيتم إنشاؤها وبناؤها من خلال الذكاء الاصطناعي، وستشهد حلولاً أكثر ابتكاراً لمشكلاتها والتحديات التي تواجهها، وستصبح بشكل عام أقل كلفة وأكثر كفاءة. حيث ذكر البروفيسور عمر ياغي مدير ومؤسس معهد بيركلي العلمي، أن بناء وتأسيس مدن المستقبل سيصبح أقل كلفة بكثير من الوقت الحالي، من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في بنائها، حيث أصبح من السهل حالياً صناعة مبانٍ أكثر قوة ومتانة من خلال مزج مكونات عضوية مع كيميائية واستخدامها في عمليات البناء، وبكلفة أقل.

ثلث سكان العالم يعانون

واشار إلى أن نحو ثلث سكان العالم يعيشون في مناطق صعبة تعاني شح المياه والكثير من تحديات العيش، إلا أن الذكاء الاصطناعي أدخل حلولاً لكل هذه التحديات من خلال توفير المياه من الهواء وتنقيته ليصلح لكل الاستخدامات ومن ثم لم يعد سكان هذه المناطق في حاجة إلى تكبد المشقة للحصول على المياه، وسيصبح لدى كل منزل أدواته الخاصة التي تحقق له الاكتفاء الذاتي مدى الحياة. وافاد أنه في الوقت الذي ستصبح فيه مدن المستقبل أكثر تقدماً وتطوراً، إلا أنها ستصبح أكثر انعزالاً، بسبب اكتفائها ذاتياً بفعل الذكاء الاصطناعي الأمر الذي يعد من سلبيات هذه المدن.

مبنى بارتفاع 30 كيلومترا في 2050

في سياق متصل، أوضح الدكتور إيان بيرسون مستشرف المستقبل أنه بفعل بناء مدن المستقبل على أساس الذكاء الاصطناعي فمن المتوقع بحلول سنة 2050 أن نجد مباني بارتفاع 30 كيلومتراً، حيث سيتم بناؤها وصيانتها باستخدام تقنيات لم تعرفها البشرية من قبل. مضيفا ان مدن المستقبل ستصبح أقل انتشاراً للأمراض وذات بيئة خلاقة، كما سيتراجع الاعتماد على النفط إلى أدنى مستوياته، وذلك على حساب استخدام الطاقة المتجددة.

 

مدن صديقة للبيئة وأبنية ثلاثية الأبعاد

واشار الى أن مدن المستقبل ستكون صديقة للبيئة، حيث ستقل الانبعاثات الضارة، ومن ثم سيصبح المناخ أقل عرضة للضرر والتغيّر مستقبلاً، عوضاً عن تداعيات الثورة الصناعية التي أثرت فيه بشكل كبير. موضحاً أن الأبنية في مدن المستقبل ستبنى باستخدام التقنية ثلاثية الأبعاد، الأمر الذي سيجعل منها بيئة ملهمة، وسيدخل الروبوت في حياة الإنسان كمساعد شخصي يدير له أمور حياته. منوها بأنه في ما يتعلق بالوظائف في مدن المستقبل، فإن البقاء سينحصر على المهن التي تقوم على العلوم الإنسانية التي لا يستطيع الروبوت القيام بها، وأن هذه المدن في حاجة إلى قادة قادرين على اتخاذ القرارات الصحيحة، التي تحافظ على رفاهية الإنسان في ظل تنامي دور الذكاء الاصطناعي في حياته.

هل القادم أفضل.. للبشرية؟

وفي جلسة اخرى حاول مالكوم غلادويل الكاتب والمؤلف العالمي الإجابة عن سؤال "البشرية: هل القادم أفضل؟"، موضحا أن على المختصين في القطاعات الحيوية مثل المعلمين والأطباء أن يعيدوا تعريف الأدوار التي يمكن أن يلعبوها بعد أن باتت التقنيات التكنولوجية المتطورة تقوم بالمهمات والأعمال، محتلة مكان العقل البشري والدور الإنساني للخبراء والمتعلمين. قائلا "إن على الحكومات أن تعي أن دورها الأساسي خلال المرحلة المقبلة يتركز في قدرتها على خفض القلق والتوتر اللذين تتسبب فيهما التغيرات الجذرية المتسارعة في أنماط الحياة والإنتاج والعمل، الناشئة عن التطور التكنولوجي والفتوحات التقنية والرقمية، التي خلقت أنواعاً جديدة وغير مألوفة من التحديات."

مخاطر الكترونية

وأشار إلى تحديات نتجت عن التطور التكنولوجي يمكن أن تدرج تحت عنوان مفاده أن نوع المشكلات التي ستعاني منها البشرية مستقبلاً غير مألوف، بل هو مركب ومعقد وممنهج، والى وجود نقلات نوعية في حجم المخاطر الناتجة عن كثير من التغييرات التي أفرزتها التكنولوجيا مثل تهديدات جرائم الأمن الإلكتروني، والتهديدات التي يمكن أن تنتج عن تبني تقنيات متقدمة، مثل تقنيات التنقل ذاتي القيادة التي تتطلب تشريعات وقوانين وأنماطاً حياتية مختلفة عما يعرفه البشرية حالياً

 

كتلة من الألغاز.. وأسئلة غامضة

وأكد غلادويل أن العالم لم يعد كتلة من الألغاز التي تفك شفرتها بمجرد جمع المعلومات بل بات مجموعة من الأسئلة المعقدة والغامضة غير المنتهية التي لا يمكن الإجابة عنها إلا بالتحليل المتعمق لكل حالة على حدة، مبينًا أن البشرية كانت تعاني قبل عصر التطور التكنولوجي قلة المعلومات، إلا أنها اليوم أصبحت تواجه تحديا كبيرا نتيجة التدفق المتواصل للكم الهائل من المعلومات. لافتا الى ان "عمل الأطباء قبل عصر التطور التكنولوجي كان تشغيلياً وإجرائياً إلى حد كبير، بينما يفرض التقدم التكنولوجي اليوم وتراكم المعلومات وتنوع مصادرها وتدفقها غير المنتهي أن يكون الطبيب محللاً بارعاً ومتعمقاً لكل حالة مرضية على حدة، إذ لم يعد العلاج يعتمد على وصفة واضحة وناجعة لأكبر عدد من المرضى.. فالطبيب يحتاج، في عهد التطور التكنولوجي والفتوحات في الفحوص الطبية، أن يكون مختصاً اجتماعياً، يملك أدوات التواصل والإقناع، لمحاورة المريض، ومعرفة رغباته وإمكاناته، التي يمكن على ضوئها أن تتحدد الخطة العلاجية المطلوبة لشفائه".

مستقبل التعليم يتوقف على إمكانات المعلمين

وذكر انه في ما يتعلق بمستقبل التعليم، فإن تطور القطاع التعليمي يعتمد بشكل أساسي على قدرات وإمكانات المعلمين التي تقاس عبر تقييم دوري لنتائج الطلاب ومستوى أدائهم خلال الدورات الدراسية. مبيناً أن العملية التعليمية يجب أن تقوم على التفاعل بين المعلم والتلاميذ، والانتقال من التعامل مع الطلبة كمجموعة إلى التعامل معهم كحالات فردية كل حسب حجم ومحتوى تفاعله مع المعلم.