السيناريوهات المحتملة في فيينا هي التوقف عن العمل باتفاق التخفيض ما قد يؤدي إلى هبوط الأسعار، أو الاستمرار في العمل باتفاق خفض الإنتاج ما يعني ارتفاع الأسعار، أو فتح المجال للدول المنتجة كي تنتج نفطها وفق طاقتها، أي التخلي عن اتفاق الخفض، وهذا يضمن هبوط الأسعار.

نهاد اسماعيل من لندن: ارتفعت وتيرة التكهنات والسيناريوهات المتوقعة حول ما سيتمخض عن اجتماع فيينا الجمعة 22 يونيو بين أعضاء أوبك ومنتجين مستقلين خارجها، على رأسهم روسيا. فإيران تقول إنها مع العراق وفنزويلا في رفض أي مقترحات لرفع الإنتاج بحسب تقرير بلومبرغ الصادر في 17 يونيو الحالي. هذا التصريح الإيراني يمهد لتصادم في اجتماع فيينا الذي ستحضره 24 دولة تشارك حاليًا في اتفاق تخفيض الانتاج الذي دخل حيز التنفيذ بداية عام 2017، محددًا الخفض بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا، على أن ينتهي الاتفاق في ديسمبر 2018.

قادرون

لا شك في أن لدى أوبك وحلفاءها المقدرة على رفع الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميًا، بحسب تصريحات ألكسندر نوفاك، وزير الطاقة الروسي، في الأسبوع الماضي.

هذه الزيادة ستعوض النقص في الإمدادات من فنزويلا التي تعاني اضطرابات سياسية وأعمال شغب، ومن إيران بسبب التهديدات بإعادة فرض العقوبات. يذكر أن السعودية تتفاوض بشأن عدد من السيناريوهات المحتملة التي تهدف إلى رفع الإنتاج بواقع نصف مليون إلى مليون برميل يوميًا. وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن تنخفض إمدادات النفط من فنزويلا وإيران بنحو 1.5 مليون برميل يوميًا.

لا يمكن تجاهل الضغوط التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي انتقد أوبك بتغريدة في مايو لأنه قلق على ردات فعل الناخبين من صعود أسعار البنزين والديزل قبل الانتخابات النصفية. كما انتقد أوبك مرة أخرى قبل أيام علمًا أن العقوبات الأميركية ساهمت في تقلص الامدادات من خلال العقوبات التي تفرضها واشنطن على فنزويلا وإيران، ما يفتح المجال أمام الدول الخليجية في أوبك لرفع انتاجها، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

أكثر تعقيدًا 

في عام 2016، نجحت السعودية في اقناع أوبك وروسيا بتخفيض الإنتاج، ما دفع سعر مزيج برنت إلى الصعود بنسبة 75 في المئة، ليصل إلى 80 دولارًا تقريبًا قبل أسابيع قليلة. لكن الامتحان الصعب الذي سيواجه أوبك وشركاؤها سيكون في فيينا بعد أيام.

لكن دخول عدة عناصر جديدة على المعادلة سيزيد الأمر تعقيدًا؛ منها النمو الاقتصادي العالمي، وتجديد العقوبات على إيران، وانهيار الإنتاجين الفنزويلي والليبي. هذا يؤكد أهمية اختيار استراتيجيا حذرة لا تؤدي إلى انهيار الأسعار.

لكن تضارب المصالح الجيو سياسية ستعرقل التوصل إلى نتيجة مقبولة لجميع الأطراف. فإيران تريد أسعارًا مرتفعة، وكذلك فنزويلا والعراق، لكن روسيا والسعودية تريدان أسعارًا معقولة ومستقرة لا تهدد الاقتصاد العالمي. هذه التناقضات لا تساعد في التوصل إلى استراتيجيا او خطة مقبولة من الجميع. كما أن شبح الزيت الصخري الأميركي لا يزال مصدر تهديد لأوبك وروسيا.

سيناريوهات محتملة

السيناريوهات المختلفة المحتملة في فيينا، لكن المستبعدة لما تحمله من مجازفة، تشمل رفع الإنتاج إلى مستويات عام 2016، بما يعني إضافة 1.8 مليون برميل يوميًا على الأقل، أي التوقف عن العمل باتفاق التخفيض أو الغاءه. وهذا قد يؤدي إلى هبوط في الأسعار إلى 70 دولارًا أو أقل للبرميل؛ أو الاستمرار في العمل بموجب اتفاق خفض الإنتاج على نفس مستويات الإنتاج المتفق عليها سابقًا، وهذا يعني بالضرورة استمرار ارتفاع الأسعارإلى 80 دولارًا وما فوق للبرميل، وهذا سوف يزعج ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ثمة احتمال ثالث: فتح المجال للدول المنتجة أن تنتج من النفط وفق طاقة كل بلد، بما يعني ضمنًا التخلي عن اتفاق الخفض وانتاج أكبر كمية ممكنة، وهذا يضمن هبوط الأسعار إلى مستويات لا تقبلها أوبك ولا روسيا.

السناريوهات الأكثر واقعية تتمثل في الموافقة على زيادات إنتاجية بنحو 500 ألف إلى 800 ألف برميل يوميًا، وهذا كفيل بتغطية العجز الناتج عن خسارة الانتاج الفنزويلي، ولا يؤدي إلى إغراق السوق.

مستويات قياسية

في هذه الأثناء، بلغ إنتاج نفط الخام الأميركي في الأسبوع الماضي 10.9 ملايين برميل يوميًا وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وزاد إنتاج الخام الأميركي 30 في المائة تقريبًا في العامين الماضيين، وهو يقترب الآن من مستوى إنتاج روسيا التي ضخت 11.1 مليون برميل يوميًافي أول أسبوعين من يونيو. كما يفوق إنتاج الخام الأميركي حاليًا مستوى إنتاج السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط، والتي تنتج 10.3 ملايين برميل يوميًا.

بحسب مصادر طاقة رسمية أميركية، استوردت الصين 360 ألف برميل يوميا من نفط الخام الأميركي خلال الأسابيع القليلة الماضية. وبحسب مصادر بيكر هيوز، شركة الخدمات النفطية الأميركية، ارتفع عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة لرابع أسبوع على التوالي.

قالت شركة بيكر هيوز في تقريرها الأسبوعي إن إجمالي عدد الحفارات النفطية النشطة في أميركا ارتفع بمقدار حفار واحد في الأسبوع المنتهي في 15 يونيو، ليصل إلى 863. وإجمالي عدد الحفارات النفطية مؤشر أولي للإنتاج مستقبلًا، وهو في هذه الحال مرتفع كثيرًا عن مستواه قبل عام، عندما بلغ 747 حفارًا.

وعلى الرغم من هبوط بنسبة 9 في المئة في أسعار الخام على مدار الأسابيع الأربعة الماضية، فإن المنتجين ما زالوا يتوقعون أن ترتفع أسعار نفطهم في 2018 عما كانت في 2017.