إيلاف من القاهرة: كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 14% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بعدما افادت المؤشرات بتراجعه مطلع العام الجاري، في وقت حمل خبراء الاقتصاد الحكومة مسؤولية عدم استقرار معدلات التضخم في البلاد.

ومجددًا يعاود معدل التضخم في مصر للارتفاع، بعدما شهد تراجعًا ملحوظًا مع بداية العام الحالي، حيث أكد الجهاز المركزي ارتفاع معدل التضخم خلال يونيو الماضي بنحو 2,9% مقارنة بشهر مايو السابق له ليبلغ 282,7 نقطة، وعلى أساس سنوي بلغ معدل التضخم 13,8% مقارنة بمثيله عام 2017.

معدل التضخم السنوي
وبحسب التقرير الشهري للجهاز، فإن معدل التضخم السنوي العام في المدن ارتفع إلى 14,4% في يونيو مقارنة مع 11,4% في مايو، وعلى أساس شهري قفزت وتيرة تضخم أسعار المستهلكين بنسبة 3,5% في يونيو مقارنة بـ 0,2% في مايو. 

وأوضح الجهاز، أن معدل التضخم خلال النصف الأول من العام الجاري ارتفع بنحو 14% مقارنة بمثيلتها من العام الماضي.


الحضر
وأشار إلى أن معدل التضخم في الحضر خلال يونيو الماضي زاد بنحو 3,5% مقارنة بالشهر السابق عليه، ليسجل 274,8 نقطة مقابل 265,6 نقطة، وعلى أساس سنوي بلغ معدل التضخم 14,4% مقارنة بالشهر المناظر من العام الماضي، وفي الريف زاد معدل التضخم خلال الشهر الماضي بنحو 2,3% ليبلغ 292 نقطة مقابل 285,6 نقطة، وسنويًا سجل معدل التضخم 13,1% مقارنة بالشهر المناظر من عام 2017.

المواد الغذائية
وأشار تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، إلى أن أسعار الطعام والشراب زادت بنحو 1,7% خلال الشهر الماضي مقارنة بالشهر السابق عليه، وعلى أساس سنوي ارتفعت بنحو 10% مقارنة بمثيلتها من العام الماضي.

سبب التضخم
وأرجع جهاز التعبئة العامة والإحصاء ارتفاع التضخم إلى ارتفاع اسعار الخضراوات بنسبة 4%، والحبوب والخبز بـ 2% ،وقسم النقل والمواصلات بنسبة 27,8% والسكان والمياه والكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة 8,1%. 

 
تثبيت الفائدة
وكانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري خلال اجتماعها الأخير الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي، اتخذت قرارًا بتثبيت أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي، لتبقى بذلك على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند مستوى 16,75% و17,75% على الترتيب. 

كما أبقت على كل من سعر العملية الرئيسة عند مستوى 17,25% وسعر الائتمان والخصم عند مستوى 17,25% ، وبررت اللجنة قرارها بالمؤشرات الإيجابية التي وصل إليها الاقتصاد المصري، حيث واصل المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي انخفاضه في مايو 2018 ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أبريل 2016 بمعدل 11,4% و11,1% على الترتيب.

 وانخفض معدل البطالة خلال الربع الأول من عام 2018 ليصل إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2010 عند معدل 10,6%، بالإضافة إلى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي واصل ارتفاعاته منذ الربع الرابع من عام 2016 ليسجل 5,4% خلال الربع الأول من عام 2018، مدعومًا بالتحسن في صافي الصادرات والاستثمارات العامة، وهو ما حد من الضغوط التضخمية الناتجة عن الزيادة في الطلب.

من جانبه أكد إبراهيم صالح، خبير التخطيط والاقتصاد بالمعهد القومي للتخطيط ، أن ارتفاع معدلات التضخم أمر طبيعي يحدث عقب فرض الحكومات زيادات جديدة فيما يتعلق بالمنتجات البترولية والمواصلات .

وأشار إلى أن الحكومة المصرية قامت برفع الدعم بنسبة 50 % عن المحروقات والكهرباء والمواصلات والمياه ، مما أثر سلبًا عليه بزيادة التضخم بعد أن وصل لمعدل هبوط كبير وملحوظ في شهر أبريل الماضي وقد بلغ نحو 10,9% ،ليعود في الارتفاع بنسبة طفيفة ليصل في شهر مايو الماضي نحو 11,09% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2017 .

مسؤولية الحكومة
وقال صالح ،لـ"إيلاف" :" إن الحكومة المسؤول المباشر عن حالة التخبط وعدم الاستقرار بشأن معدلات التضخم في مصر سواء بالتراجع أو الزيادة من شهر لآخر، نتيجة عدم وجود سياسة نقدية ثابتة من جانب الحكومة وعجز السياسات الاقتصادية عن الوصول لمرحلة الاستقرار ،بجانب انصياع الحكومة المصرية حرفيًا لتعليمات صندوق النقد الدولي بتخفيض الدعم الحكومي للمنتجات البترولية والكهرباء، وبالتالي فينتظر استمرار حالة التخبط في معدلات التضخم خلال الشهور القليلة القادمة". 

تداعيات خطيرة 
في السياق ذاته حذر محمد عبد الحميد، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية ، من تداعيات الارتفاع في معدلات التضخم في مصر، ولعل أهمها عزوف الاستثمارات الأجنبية أو المحلية عن الدخول في الأسواق خوفًا من الركود.

وطالب الحكومة بسرعة مواجهة تداعيات ذلك حفاظًا على استقرار الأسعار بالسوق المصري، لافتًا إلى أن الحكومة مطالبة بسياسة نقدية جديدة ومواجهة القوى الاحتكارية ،بما يعود بالفائدة على هبوط معدل التضخم ليصل في حدود الأمان وهو 8% على الأقل خلال الفترة المقبلة، ليشعر المواطن بتحسن في أحواله الاقتصادية كما وعدت الحكومة في بيانها الأخير أمام مجلس النواب .

وأكد الخبير الاقتصادي لـ"إيلاف" ،أنه يتوقع استمرار الزيادة في معدلات التضخم حتى نهاية العام الحالي، ما بين "1: 2%"، وهو ما قد يضع الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى مدبولي في ارتباك شديد نتيجة حدوث موجات جديدة من ارتفاع بأسعار المنتجات الاستهلاكية بالسوق المصري .