صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تواجه مصر أزمة تراكم القمامة في الشوارع، وفي محاولة من الحكومة للتغلب على المشكلة، قدمت مشروع قانون للبرلمان، لإنشاء شركة وطنية لإدارة المخلفات ووضعت منظومة جديدة للاستفادة من تلك المخلفات التي تقدر بنحو 90 مليون طن سنويًا.

وتسعى مصر إلى الاستفادة من نحو 90 مليون طن من القمامة سنويًا، والعمل على تحفيز الاستثمار فيها، والقضاء على مشكلة مزمنة في الوقت نفسه.

وتقدمت الحكومة بمشروع قانون لحل أزمة تراكم القمامة خلال 3 سنوات، ويقسم مشروع القانون مصر إلى 300 منطقة، كل منطقة تحوى 300 ألف نسمة، على أن يتم إنشاء محطة ترحيل لكل منطقة، ومصنع تدوير للمخلفات في كل منطقتين، ومدفن صحي لكل 6 مناطق.

وبموجب القانون سيتم إنشاء جهاز تنظيم إدارة المخلفات، ويتبع وزارة البيئة، ويتولى رسم السياسات العامة وإعداد الخطط اللازمة لتنظيم إدارة المخلفات على المستوى الوطني، ومراقبة الشركات العاملة في جمع أو إدارة أو تدوير القمامة.

ويفرض القانون رسومًا إضافية على المواطنين مقابل جمع القمامة، بناء على استهلاكهم من التيار الكهربائي، تبدأ بمبلغ 5 جنيهات وتنتهي بـ 100 جنيه.

وينزل القانون عقوبات قاسية بمن يلقون المخالفات في الشوارع، ولاسيما مخلفات البناء، وتصل العقوبة إلى الحبس والغرامات بما يتراوح بين 100 ألف جنيه وخمسة ملايين جنيه مصري، أي ما يتراوح بين 5600 دولار و280 ألف دولار أميركي.

ويسمح القانون بإنشاء شركات وطنية ومنح متعهدي جمع القمامة التراخيص اللازمة، على أن يتم ذلك تحت إشراف جهاز تنظيم إدارة المخلفات.

وقالت رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات بوزارة البيئة، الدكتورة ناهد يوسف، إن مصر بدأت في تنفيذ منظومة جديدة للقضاء على أزمة القمامة والاستفادة منها في تحفيز الاستثمار.

وأضاف لـ"إيلاف" أن وزارة البيئة وضعت خطة عمل لإدارة المخلفات الصلبة في 26 محافظة، وبدأت بالفعل في تطبيق المنظومة الجديدة في عدة محافظات منها، قنا وأسيوط وكفر الشيخ والغربية، باستثمارات تقدر بـ145 مليون جنيه.

وأشارت إلى أن المنظومة الجديدة تسعى إلى الاستفادة من المخلفات من خلال معالجة 60% منها بالطرق الميكانيكية وتصنيع السماد الوقود البديل، ومعالجة جزء من المخلفات حراريًا لانتاج الوقود الكهربائي، ويمكن دفن الأجزاء غير القابلة للتدوير في مدافن صحية، غير ضارة بالبيئة.

وتقدمت عضو مجلس النواب النائبة نادية هنري، بسؤال برلمانى إلى وزيري البيئة والتنمية المحلية حول ما وصفته بـ"مهزلة القمامة في مصر"، مؤكدة أن طريق محور المشير مدينة نصر _ القاهرة الجديدة تتصاعد فيه الأدخنة بسبب حرق القمامة.

وأضافت في سؤالها: "نحن نموت يوميا من مخلفات وروائح القمامة في كل مكان في مصر والآن اشتعال الحرائق يضيع كل الجهود والمحاولات الأمنية لحماية الوطن والمواطنين على مقصلة أصحاب المصالح".

وتابعت: "لمصلحة من إهمال هذا الأمر وعدم التعامل بجدية في أمر ضار بالصحة وبالبيئة وبالاقتصاد المصري، وإلى متى نترك القمامة في الشوارع وفِي أهم المناطق السياحية والأثرية".

وحسب دراسة لعلاء حسب الله عضو مجلس ادارة الجمعية العلمية للصناعات الغذائية، فإن متوسط حجم قمامة مصر السنوية يزيد عن 90 مليون طن، مشيرًا إلى أن حجم القمامة اليومية في مصر يزيد عن 50 ألف طن منها 15 ألف طن في محافظة القاهرة وحدها و6 آلاف طن بالإسكندرية.

وأضافت الدراسة أن تدوير القمامة يسمح بتوفير حوالي 250 ألف فرصة عمل سنويًا، مشيرًا إلى أن قيمة الطن تصل إلى 6 آلاف جنيه في حالة الاستفادة منه في عمليات التدوير أو تصديره للخارج.

ولفتت إلى أن الصين تقيم قيمة القمامة المصرية بـ 5 مليار دولار أي حوالي 45 مليار جنيه سنويًا كانت من الممكن أن تدخل خزانة الدولة مباشرة ما يزيد عن 100 مليار جنيه في عامين لتحل بها مشكلة الاسكان والعشوائيات الخطيرة.

وقالت الدراسة إن النباشين ينتشلون أفضل ما في القمامة من مخلفات ورقية وزجاج واخشاب وعلب الكنز وبلاستيك ويترك المخلفات عديمة القيمة مما يصعب من استغلال المخلفات المصرية في عملية تدوير القمامة والصناعات المرتبطة بها حيث يوفر طن القمامة 8 فرص عمل مباشرة في عمليات الفرز والتجميع والتصنيع.

وذكرت الدراسة أن القمامة المصرية من أغنى أنواع القمامة العالمية بشهادة العديد من الجهات العالمية حيث أنها مليئة بالمواد العضوية بسبب إلقاء المصريين ما يزيد عن 30% من بقايا الغذاء في صناديق القمامة مما سيساهم في انتاج 14 مليون طن من الأسمدة العضوية عام 2016 الكافية لزراعة 2 مليون فدان جديد من مشروعات الرئيس عبد الفتاح السيسي الواعدة.

وأضافت أن القمامة تساهم في إنتاج 3 ملايين طن ورق وإنتاج أعلاف الماشية التي تأتي من الخارج وتضرب مباشرة أسعار اللحوم في مصر، مشيرًا إلى أن المخلفات العضوية والصلبة يمكن استخدامها في تصنيع البلاستيك في مصر وكافة استخدام البلاستيك في التصنيع والمدخلات العملية الانتاجية وفي تصنيع الأجهزة الكهربائية والالكترونية بالشركات العالمية العاملة في مصر والشركات المحلية.

وأوضحت الدراسة أن الاستثمار في تدوير القمامة يخفض المبالغ التي تتحملها الدولة لعلاج الفئات غير القادرة والتي تصل إلى ما يزيد عن 900 مليون جنيه من جراء انتشار الأمراض الوبائية في مصر علاوة على الملايين التي تنفق على شركات القمامة سنويًا دون أي تحسن في الخدمة المقدمة للمواطن المصري وأكثر من 25 مليار جنيه كلفة التدهور البيئي السنوي في مصر.