الرباط: جدد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي، التأكيد على أن بلاده تتكبد خسائر كبيرة بسبب ظاهرة الفساد، معتبرا أن الحاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهود لمحاصرة المعضلة التي تؤرق بال الدولة والمجتمع وتعرقل نمو وتطور البلاد.

قال العثماني "نخسر سنويا ما بين 5 و7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام بسبب الفساد"، ووصف الرقم المسجل ب"الضخم، ويعني أننا في حاجة لبذل المزيد من الجهد للحد من نسبة الفساد في بلادنا".

وأضاف العثماني أن عددا من المسؤولين يحاكمون بسبب "الرشاوى أو استغلال المال العام أو مخالفة القانون"، مؤكدا أنهم ينتمون لمختلف الإدارات العمومية، بما فيها "الأمن الوطني والدرك الملكي".

واعتبر العثماني في تصريح للصحافة، على هامش افتتاح يوم دراسي حول النموذج التنموي، تنظمه جمعية مهندسي حزب "العدالة والتنمية"، اليوم السبت، بالرباط، أن محاكمة المتورطين في الفساد "شيء مهم، حتى تكون هناك معاقبة المسؤولين، الذين يتجاوزون القانون ويستغلون المال العام من أجل مصالحهم الشخصية".

وشدد رئيس الحكومة المغربية على أن هناك "فريق عمل خاص يجمع تقارير المفتشيات العامة ويدرسها"، معترفا بأن الإدارة المغربية في حاجة إلى "التطوير للحد من البيروقراطية والبطء وضياع الوقت والمال".

ودعا العثماني إلى "محاربة السلبية في التقييم لمعالجة السلبيات وتثمين الإيجابيات، ولا يجب أن نعكس السلبيات فقط"، وأشار إلى أن الحديث عن النموذج التنموي "ليس بالضرورة النموذج الاقتصادي، رغم أن الكثيرين يرجعونه إلى الجانب الاقتصادي".

وزاد العثماني موضحا في كلمته أن التنمية بمفهومها العام "أوسع بكثير من الجانب الاقتصادي"، واستدرك قائلا: "كمعايير يتحدث عنها الاقتصاديون، صحيح لدينا خصاص ( نقص)يجب أن نتداركه، لكن التنمية أوسع مما هو مادي".

وأضاف العثماني أن ما سماه الجانب الغير مرئي في المعادلة والمتعلق ب"المجتمع وفعاليته وثقافته والقيم التي يتشبع بها ثم الفعالية السياسية، هو الذي يتطلب التحليل والبحث عن تأثيره"، مبرزا أن هناك جوانب "لا تقاس بالمقاييس الرياضية المتوفرة، لكن لها تأثير كبير في أي لحظة من لحظات الشعوب".

ولم يقف العثماني عند هذا الحد، بل ذهب إلى أن قيمة العمل "تميز منطقة عن منطقة وفردا عن فرد ومجتمعا عن مجتمع"، معتبرا أن ثقافة العمل "جزء أساسي وأيضا ثقافة الاستحقاق والإنجاز في النموذج التنموي".وأشار إلى أنه إذا كانت "الفعالية الاجتماعية متواضعة سيكون الإنتاج ضعيفا".

وعد العثماني نسبة النمو التي تحققها بلاده "غير كافية"، موضحا أنها بلغت 4.1 في 2017 و3.6 الى 3.9 بالمائة متوقعة خلال هذا العام، وأضاف "على الرغم من أن نسبة النمو التي نحققها متوسطة، فإننا نبحث عن تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق، ويجب أن نبذل جهدا أكبر"، وذلك في إشارة الى الصعوبات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها حكومته.

كما أوضح العثماني بأن منظومة الحكامة في البلاد "تحسنت بشكل كبير خلال السنوات الماضية لكنها غير كافية، والتقائية السياسات العمومية تحتاج للمزيد من التطوير"، وسجل أن التقائية السياسات العمومية وتنافسية الاقتصاد الوطني والمقاولة والرأسمال البشري "أمور جوهرية، لكنها لا تغني عن الجوانب الأخرى، منها جعل الجهد التنموي ينتج المزيد من الثروة ويرفع من النمو".

واعتبر العثماني أن الأحزاب السياسية لها دور كبير في جعل "الدينامية السياسية تجعل للمجتمع أفقا من الإيجابية من أجل نجاح النموذج التنموي"، وحث على ضرورة الاجتهاد والعمل إنجاح هذا الورش الطموح.