ـــ ولماذا ليس 20%؟ لقد حيرتني!

ـــ هم ابقوا 1% كصاعق إرهابي، هذا يمكن أن ينجز ويركب بيوم واحد فقط! من قبل مخابرات الدول المتصارعة في مناطق الحروب، فينسب لها 20% ، وتتبرأ هي من كل شيء ، معادلة خبيثة كما ترى!

قال صاحبي محزونا مذعورا :

ــــ أهو قدر علينا، هل كل أطفالنا سيصيرون إرهابيين؟

ــــ لا تقلق، هم فقط مشاريع لهذا المصير الجهنمي! وكل هذا يمكن تصريفه، وتعديل مساره لو وجد حكام عادلون أصحاب ضمير وشرف وعمل للخير، يبنون دولهم ومجتمعاتهم وفق أسس صحيحة فلا يمر الشاب بطريق الآلام هذا لينتهي إلى قتل نفسه وقتل غيره! واهم ، مجاف للحقيقة ،أو متهرب من الحساب والمساءلة من يقول أن الإرهابيين غسلت أدمغتهم، بدون وسخ أدمغتهم وكل أدرانها وعقدها المتوارثة والمكتسبة، والمزيد من الوسخ والتعبئة والضخ العدائي لا يمكن أن يقتلوا أنفسهم من أجل قتل الآخرين الأبرياء. الذين ساعدتهم الأحوال وغسلوا أدمغتهم بأنفسهم وتأملهم ومعونة مثقفيهم ، هم الأسوياء الذين تساموا فوق جراحاتهم! وهم حتى إذا اختلفوا مع الآخرين تعاملوا بالعقل والتسامح ونشدان الخير!

ـــ لكنهم يتكاثرون، هم كالشوك تجزه هنا ، ينبت هناك! 

ـــ نعم ، الإرهابيون، لا تختص بإنتاجهم طائفة واحدة، أو دين واحد، الإرهابي ليس فقط من يضغط زر التفجير، بل من يسير معه من المنشأ حتى تسليمه زر التفجير، و أشرار كثيرون، استعملوا هذا الخزين البشري، اعتمدوه سلاحا فتاكا هاما مفيدا وخطيرا، أهم من اليورانيوم،ثمة دول تريد أن تتوسع بهم، دول تتوهم أنها بهم تغدو أقوى، دول كبرى تريدهم فقط ليتقاتلوا ويكونوا في شغل عنها لتسيطر على ثرواتهم، أمريكا الخبيرة بصنع القواعد، وحلفاؤها من دول كبرى وجدوا بعد 11 سبتمبر في الإسلام والمسلمين الخطر الأعظم بعد الشيوعية، فقرروا تفتتيهم بحروب طائفية بينهم (وفخار يكسر بعضو) ! كل يوظفهم لمصالحه! لا تصدق أن هناك مركزا واحدا لهم ، ثمة مراكز كثيرة تديرهم وتحركهم ، مندوبو مخابرات شتى يتجولون في كل مكان ، في شتى العواصم والأرياف؛ بهيئات حضارية راقية مهذبة، لا هم له سوى وضع اليد على هذا السلاح المكون من أجساد بشرية غضة معذبة! مندوبو المخابرات ذوو الهيئات الأنيقة لا يلتقون بكل إرهابي على حدة، وليس شرطا أن يكون في بلداننا الإسلامية ،ثمة مقاولون ثانويون يتقاضون عمولات ، يمكن أن يجدوه في لندن وباريس أو نيويورك، هم مبرمجون جاهزون زادتهم رحلات اللجوء المريرة عنفا وحقدا! وفي هذا السوق، خلط كبير للأوراق فمن أجل الفتنة الطائفية يمكن لإرهابي كبير من السنة أن يوظف إرهابيين من الشيعة، وهم في غفلة من أمرهم، ويمكن لإرهابي كبير من الشيعة أن يوظف إرهابيين كبارا أو صغارا من السنة، وهم في غفلة من أمرهم، بل يمكن من أجل حملة لصعود حزب يميني متطرف في دولة أوربية توظيف إرهابي أو إرهابيين في عمل يفاقم الكراهية ضد المسلمين، والأجانب عموما! في العمل الإرهابي لا يحق للمجند أن يسأل (من هو قائدي) هم يتحدثون عن زعيم أو مرشد عام، هلامي ضائع في دخان التفجيرات، والصراعات الدولية! ليس شرطا أن يدخل مقاولو الإرهابيين المساجد والحسينيات للقائهم، يمكن أن يجدوهم في كل مكان حتى في بار أو ماخور،الشاب عادة بين 16 و22 من العمر، لطيف خجول مهذب سيعتذر انه يشرب أو يدخن أو يجالس غانية ، سيقول بخجل "ظروف اضطرار، شيء مؤقت" ثم تبدأ معه قائلا أنك ستتولى هدايته إلى الصراط المستقيم، ،طريق الجهاد في سبيل الله والحقوق المهضومة ، تدردش معه إذا كان الشاب سنيا ما عليك سوى أن تلتفت جهة الشرق وتقول له: انظر ها هم الإيرانيون يحكمون العراق، بواسطة عملائهم الروافض، أذلوا السنة وأهانوهم ، جعلوهم في أسفل درجات المواطنة، حرموا الكثيرين منهم عيشهم ووظائفهم وعاملوهم كلهم كإرهابيين، لم يبق سني في داره أو مدينته، وهم يحاربونهم في سوريا واليمن ويريدون اجتياح كل بلاد المسلمين السنة، يشتمون عائشة وأبا بكر وعثمان، وإذا لا تصدق هذه قنواتهم الفضائية تبث من لندن وطهران ولبنان شاهدها، لا تكتف بهم فقط اضرب معهم الأمريكيين والفرنسيين والإنجليز وحتى البلجيكيين، فهؤلاء حماتهم وهم من أتوا بهم إلى الحكم! اضرب فسطاط الكفار، فالكفر ملة واحدة، هذا وقت الشهادة تقحم! إقدم ، أمامك الجنة والحوريات! وأما إذا كان شيعيا،فيقولون له أنظر ها هي السعودية وقطر وتركيا وكل دول الخليج يحدون أنيابهم لالتهامكم ،يرسلون لكم الإرهابيين النواصب لقتلكم، وإسقاط حكمكم الفتي في العراق، وحكم بشار حامي حما زينب، يريدون هدم أضرحة أئمتكم في النجف وكربلاء، هيا تقحم ، إقدم، لا ترحمهم إذا التقيت أحدا من نواصبهم ، هذا أوان الانتقام فهؤلاء الأحفاد من أولئك الأجداد قتلة الحسين! ثم يصرخ منظمهم الإرهابي الكبير: المعركة اليوم هي بين أنصار الحسين وأنصار يزيد، قادمون يا يمن، قادمون يا بحرين ،قادمون يا سوريا، قادمون يا جزر الواق واق!

وبعد أن ينهي منظمو الإرهابيين من الطائفتين عملهم يبسلمون ويشكرون الله على نعمته، ويهتف السني: الله أكبر، ويهتف الشيعي: اللهم صلي على محمد وآل محمد! هذا يسلم لصاحبه السيارة المفخخة ليذهب بها إلى الجنة بسرعة 140 كيلو متر، فهو منتعض، وعلى أحر من الجمر ،الحوريات بانتظاره لمعانقته دفعة واحدة فهو البطل المضحي من اجل دينه ومذهبه! وذاك يسلم صاحبه سرداب الاختطاف وسيارة الدفع الرباعي، ودريل ثقب الرؤوس، للتلذذ بالانتقام، وسيلتقي القتلة والمقتولون في العالم الآخر، وسيضمد الله الجراح! هل يحتاج ذلك أكثر من عمل يوم واحد؟ 

ـــ أتعني أن الإرهابيين ضحايا وأبرياء؟

ـــ الأمر يا صاحبي لم يعد بسيطا هكذا، لقد تعقد كثيرا، ولكن لا تنس أن الإرهابيين كانوا أطفالاً أبرياء، أطفالنا ،سنة وشيعة، ونحن وتاريخنا، ومجتمعاتنا ودولنا وعالمنا لوثناهم ، وسخنا عقولهم، صنعناهم هكذا على غرار أفكارنا، وفق مصالحنا ونزعاتنا، الأفضل أن تسألني هل نحن أبرياء؟ أو بالأحرى ما حجم جنايتنا؟ وهل نحن مستعدون للاعتراف، ودخول طريق جديد؟