"إيلاف" من بيروت: يطرح المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ بفيلمه الجديد The Post الذي سيصل إلى دور العرض في 22 ديسمبر، مسألة حرية الصحافة المهددة من قبل الرئيس الأميركي. وهو يقدّم من خلاله النماذج التاريخية لتحكم الرؤساء بالصحافة، عبر أمثلة وأدلة تعكس واقع الحريات المنتهكة في ظل الديمقراطية المزعومة!



فبعد أشهرٍ قليلة من الهجوم الذي شنّه الرئيس الحالي على الصحافة الحرة التي وصفها بـ "عدو الشعب الأميركي" وبدأ يهاجمها بلا هوادة ويسخر منها متهماً كل التقارير التي لا تحتفل به بالتزييف، يعود "سبيلبرغ" ليلقي النظرة على ما حدث في صيف العام 1971 عندما اتخذ الرئيس الأميركي آنذاك إجراءات لإسكات وسائل الإعلام. حيث أنه عندما تم تسريب آلاف الصفحات من الوثائق السرية حول تورط الولايات المتحدة في فيتنام، بالإضافة لوثائق من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى عام 1967، إلى صحيفة نيويورك تايمز، التي بدأت بنشرها في سلسلة أصبحت تُعرّف باسم "أوراق البنتاغون"، رد الرئيس ريتشارد نيكسون على التسريبات بتأمين أمرٍ قضائي يمنع الصحيفة من النشر بعد طباعة عدد قليل من القصص!

فيلم "سبيلبرغ" يزكز على موقع ودور صحيفة "واشنطن بوست"، برئاسة الناشرين كاثرين غراهام (ميريل ستريب) ومحرر بن برادلي (توم هانكس). ليضيء على ما حدث في مكاتبها من نقاشات لاتخاذ القرار بنشر التقارير نفسها من عدمه في ظل الخطر بإصدار قرار بإغلاق الصحيفة بقرارٍ رئاسي! 

انها في الحقيقة قصة الدور الذي تلعبه صحيفة واشنطن بوست، ومنها يأخذ الفيلم اسمه "The Post". والبحث يدور حول موقفها من دعم صحيفة زميلة في خطر واتخاذ القرار بنشر وثائقها الممنوعة من عدمه. ولا شك أن الفيلم يطرح مسألة التعاضد بين المؤسسات الإعلامية لمواجهة التحديات، لأنه ليس هناك من صحيفة تستطيع أن تغيّر الواقع بمفردها. كما أنه يلقي الضوء على إخفاء القضايا والحقائق لصالح الرؤساء بدلاً من إطلاع الشعب على الوقائع بما يصب في مصلحة البلاد.

في المحصلة، لقد تعلمت الصحافة الأميركية درساً من تجربة نيويورك تايمز قبل 46 عاماً، لذا سيكون من المفيد إلقاء الضوء مجدداً على هذه الوقائع بفيلمٍ تشير التوقعات إلى أنه سيُحدث ضجةً- أقله في الوسط الإعلامي الأميركي.