استطاع الفنان المغربي محمد عدلي أخيرًا أن يبصم مكانته في الساحة الفنية من خلال إصداره أغنيتين لاقتا نجاحًا مبهرًا لم يتوقعه، «نديكلاري نبغيك» و«مصدقتيش». وسيدخل عدلي المنافسة على جائزة «الميوزك أواردز» المغربية بأغنية «نديكلاري نبغيك» في صنف الأغنية الشعبية والراي بعد اختياره من قبل إدارة الجائزة إلى جانب زينة الداودية. 

«إيلاف المغرب» اتصلت به وأجرت معه الحوار الآتي حول مشاركته في المنافسة وأشياء أخرى.

* تم اختيارك ضمن المتنافسين على جائزة «ميوزيك أواردز» المغربية في صنف الأغنية الشعبية والراي، هل تتوقع فوزك بالجائزة؟

- المعروف أن إدارة الجائزة تختار الأغاني المشاركة بالإعتماد على الأغاني الأكثر استماعًا في ثلاث محطات إذاعية هي «هيت راديو» و«راديو دوزيم» و«شذى إف إم»، وتم اختيار أغنيتي «نديكلاري نبغيك» بمعية الفنانة زينة الداودية، وهذا أيضًا في حد ذاته إنجاز كبير بالنسبة إليّ أحمد الله عليه. 

* منذ مشاركتك في برنامج "دو فويس" في الموسم الأول، ماذا الذي تحقق؟
- مرت خمس سنوات منذ مشاركتي في برنامج دوفويس في الموسم الأول سنة 2012 إلى الآن. كنت أغني لسنوات ولا أحد يعرفني. منذ 2012 إلى الآن تغيرت أشياء كثيرة . بفضل برنامج دوفويس استطعت أن أحقق بعض الشهرة الحمد لله. لكن بعد رجوعي من البرنامج واجهتني صعوبات كثيرة، منها أنه كان يجب أن أكمل المسيرة الفنية بمفردي، وهي أمور تتطلب المثابرة والإجتهاد للحفاظ على الحضور بالساحة الفنية في ظل التنافسية القوية الموجودة حاليًا، ومع انتشار العديد من الأصوات الجميلة من حولنا. الحمد لله جمهوري تضاعف منذ ظهوري في البرنامج وتعلمت الكثير في السنوات الست الأخيرة. 

*الملاحظ أن الجمهور تعرف إليك في البرنامج من خلال اللون الطربي، ثم بدأت تؤدي لونًا آخر، الذي هو الراي. كيف جاء هذا التحول؟

- عندما عدت من "دوفويس" لم أكن أؤدي الراي، بل عرفني الجمهور في لون آخر، في الأغنية العصرية الشبابية. أما عن علاقتي باللون الطربي، فقد تربيت على سماع الطرب منذ وقت مبكر، إضافة إلى أن الفنان لا يمكنه أن يعرف بعض التقنيات الموسيقية كالمقامات العربية مثلًا أو غيرها إذا لم يؤدِّ الأغاني الطربية. بعد ذلك لم يكن ممكنًا أن أستمر في اللون الطربي، إذ لو كنا في زمن الألبوم لكان ممكنًا أن أؤدي مثلًا أغنية طربية وأخرى شعبية، وثالثة عصرية شبابية إلخ، وهذا لن يتسنى إلا لو كانت لديّ شركة إنتاج كبيرة، آنذاك كان يمكن أن نجد في ألبوم واحد هذا التنوع الغنائي. أما والحالة هذه، فلا يمكنني إلا أن أصدر أغان «سينغل» بالشكل الذي فعلت عندما غنيت أغاني عصرية شبابية بروح جديدة وبتوزيع موسيقي جديد. 

بعد ذلك جاءت فكرة إنتاج أغنية من صنف «الراي» في 2016. لماذا الراي ؟... لأن الجمهور كان يطلب مني كثيرًا أن أؤدي أغاني الراي، والملاحظ أن هذا الصنف يمس كل الشرائح كبارًا وصغارًا، وقلت مع نفسي بما أنني أنتمي إلى شمال أفريقيا، وأعرف جيدًا هذا اللون الغنائي الذي تربيت على سماعه منذ صغري، شأنه شأن العديد من الأنماط الغنائية الأخرى، فلم لا أؤديه؟ وفعلًا نجحت الفكرة، ونجحت أغنية «نديكلاري نبغيك» ولاقت استحسان الجمهور. 

* هل كنت تتوقع نجاح أغنيتي «نديكلاري نبغيك» و«ماصدقتيش» بهذه السرعة؟

-لا يمكن لأي فنان عبر العالم أن يتوقع نجاح أغنية كيفما كانت، ومن يدّعي العكس فهو حتمًا مخطئ. لا يمكننا بتاتًا أن نعرف بشكل مسبق ما إذا كانت أغنية ستنجح وتحقق انتشارًا واسعًا أم لا. لأن الفن لا ثقة فيه. يمكن لعمل أن يبدو بسيطًا وعاديًا ولا نوليه أية أهمية، ومع ذلك ينجح بشكل مبهر، في حين أن الأغنية التي توسمت نجاحها وانتشارها يمكنها أن تخذل كل توقعاتك. 

* من هو «إيدول» محمد عدلي في الغناء؟
- في كل لون غنائي لديّ «إيدول». في الراي مثلًا هناك الشاب خالد ومامي وحسني رحمه الله، وعقيل، إضافة إلى الشيوخ القدامى مثل أحمد وهبي والهواري والشيخة الريميتي، ثم الشاب ميمون الوجدي، الذي سطع نجمه في الثمانينات من القرن الماضي. وفي اللون الطربي هناك محمد عبد الوهاب وفيروز ووديع الصافي وأسمهان وكل عمالقة الطرب العربي الذين أعشقهم. 

* الملاحظ أنك تقوم بكتابة الكلمات وتلحينها. هل هي عدم ثقة في الكتاب والملحنين المغاربة؟

- ليس لديّ أي اعتراض على التعامل مع كتاب كلمات أو ملحنين، بالعكس، سيما وأنني لا أكون دائمًا مستعدًا للكتابة أو التلحين. حبذا لو أجد من يمدني بكلمات جميلة تتماشى مع روح العصر. للأسف كل النصوص التي أتوصل بها لا أشعر أنها تعبّر عني وتتوافق مع ما أريد أن أؤديه. 

الشيء نفسه ينطبق على التلحين. أغنية «نديكلاري نبغيك» لم تكن لا من كلماتي ولا ألحاني. غنيتها ولاقت نجاحًا كبيرًا، لكنني أحسست أنها صممت على مقاسي، تمامًا كما لو كانت بذلة. لا أريد أن تشبه الأغاني التي أؤدي أغاني فنانين آخرين.

* ما هي مقاييس النجاح في نظرك؟ هل يكفي تحقيق نسب مشاهدة عالية على يوتيوب؟ 

- لا أبدًا لا أعتقد. هذا ليس معيارًا بالمرة. في وقت سابق كان مقياس النجاح هو نسبة المبيعات في «الكاسيت» (الشريط المسجل)، وهذا معيار حقيقي على النجاح. كان الفنان بمجرد أن يخرج إلى الشارع يلتف حوله الجمهور، يلتقطون معه صورًا، وأظن أن ذلك هو مقياس النجاح والإنتشار. 

أما نسب المشاهدة على يوتيوب فهذا يرتبط بكوننا في عالم «الديجيتال»، وهذا من السهل التلاعب فيه وتغييره. صحيح أنه يساعد على الإنتشار بسرعة، لكن المعيار الحقيقي في نظري يبقى عندما يخرج الفنان إلى الشارع والأماكن العامة ويتعرف الجمهور إليه ويلتفون حوله لالتقاط صور معه أو يسألونه عن جديده الفني. 

* هل هذا يعني أن نسب المشاهدة التي سجلتها أغانيك غير حقيقية؟ 

- منذ أن أصدرت أغنية «نديكلاري نبغيك» وأنا ألاحظ نجاحها ومدى إعجاب فئة واسعة من الناس بها، وأينما حللت في مهرجانات الشواطئ التي شاركت فيها، رأيت كم تفاعل معها الجمهور وهو يؤديها بشكل رائع، لدرجة إنني كنت أصمت وأترك الجمهور يغني، وكم دهشت وأنا أرى أنهم يحفظونها ويؤدونها بشكل مبهر، لدرجة إنني كنت أشعر بالرغبة في البكاء من شدة التأثر، خاصة وأن جمهور مهرجان الشواطئ قد يصل إلى مائة ألف متفرج أحيانًا. أما بالرجوع إلى نسب المشاهدة على يوتيوب فهي لا تعكس دائمًا حقيقة الإنتشار لأن معظم الناس عندما يعجبون بأغنية ما، فإنهم يحملونها على الأجهزة بدلًا من العودة إليها في كل مرة عبر يوتيوب. 

* لماذا لا نراك في المهرجانات؟ 

- لا أعرف أين يكمن الخلل بالضبط. 

* هل هذا يعني أنك لا تتلقى عروضًا للمشاركة؟ 

- لا بالعكس أتلقى عروضًا، لكن بأسعار لا يمكنني قبولها، بعد كل المجهود الذي بذلته يتم استدعائي بالسعر نفسه الذي يعمل به فنانون ما زالوا في بداياتهم الفنية، مع احترامي للجميع، لا يمكنني أن أقبل، وهذا هو سبب رفضي المشاركة في المهرجانات. 

* ما هو جديدك الفني؟ 

- نحن بصدد الإشتغال على مجموعة من المشاريع الفنية. لا أريد أن أتحدث عن التفاصيل لأنه كثيرًا ما ننخرط في العمل، ونغير توجهاتنا وأفكارنا في آخر لحظة. كل ما أستطيع قوله في الوقت الحالي هو أننا حاليًا منكبون على أغنية من صنف «الراي» أيضًا، إضافة إلى أغنية وطنية وأشياء أخرى سوف أفصح عنها في الوقت المناسب، عندما تصبح جاهزة.