الرباط: عقب مصادقة مجلس الحكومة عليه، خلف مرسوم قانون جديد يقضي بتقديم دعم عمومي للإنتاجات الأجنبية للأعمال المسموعة والمرئية والسينمائية ، ردود فعل متفاوتة من طرف العاملين بالمجال السينمائي في المغرب.

و بشأن الجدل الذي أثاره المرسوم الجديد، قال فؤاد السويبة، ناقد سينمائي في اتصال مع"إيلاف المغرب":"بما أن الدولة اختارت أن تكون وجهة خاصة لتصوير الإنتاجات الأجنبية على أرضها، فتقديم الدعم لها يبقى مسألة ضروية، وهو ما تنهجه العديد من الدول كجنوب إفريقياوالأردن وتونس، فضلا عن دول أوروبية من قبيل إسبانيا وتشيكيا، وبالتالي فإذا توفرت الإرادة والعزيمة لدى الدولة المغربية للمضي قدما في هذا الطريق، يصبح من اللازم عليها تقديم الدعم، خاصة أن المغرب أضحى قبلة مثالية يتهافت عليها السينمائيون العالميون، بالنظر للعديد من المميزات منها جمالية الإنارة والمناظر الطبيعية".

موقع المبدع المغربي

و حول إمكانية وجود تأثير مباشر للدعم الموجه للأعمال الأجنبية على نظيرتها الوطنية، اعتبر السويبة أن السؤال المطروح حاليا هو موقع المبدع المغربي في خضم هذا المعطى الجديد، مع ضرورة فتح الباب أمام العاملين في الميدان للاشتغال، وهو ما يطرح من جهة ثانية إشكالية عمل وحضور نفس الشركات المستفيدة التي تشتغل على حساب الإنتاج الأجنبي، والذي بدوره يستفيد من خلال عدم أداء الضرائب وغيرها.

و زاد الناقد السينمائي المغربي متسائلا"أين محل المبدع المغربي من الإعراب في هذه الإنتاجات والذي لم يفكر فيه أحد، في علاقة بمسألة دعم الإنتاج السينمائي المغربي".

في غضون ذلك، نفى السويبة وجود أي تأثيرات سلبية على الأعمال الوطنية، منتقدا الربح الوفير والأموال الطائلة التي يجنيها بعض الأفراد، و في المقابل، لا يساهمون في تطوير الإنتاج المغربي.

و عن مساهمة الإنتاجات العالمية في فتح أبواب جديدة للإنتاج المغربي، أضاف السويبة"هذا الكلام لا أساس له من الصحة، إذا كنا نريد أن يصبح المغرب وجهة للإنتاج، فمن الضروي أن يكون هناك تأثير إيجابي على الإنتاج بالبلد، علما بأن المستفيدين ينحصرون في بعض الشركات والعاملين في المجال التقني، أما المبدع المغربي فلا يستفيد، لأن الشركات لا تستثمر بالأموال التي تجنيها في المجال، وهنا يأتي دور الدولة في العمل على تطوير المجال".

الإنتاج الوطني

من جهته، اعتبر سعد الشرايبي، مخرج مغربي في اتصال مع"إيلاف المغرب" أن تخصيص دعم عمومي للأفلام الأجنبية خطوة إيجابية بحد ذاتها، لأنها ستمكن من خلق فرص للعمل خصوصا في صفوف التقنيين المغاربة.

و أشار إلى أن دعم الإنتاجات الوطنية ينبغي أن تحظى بالأسبقية وتحتل صدارة اهتمامات المسؤولين بالمغرب، علما ان السينمائيين المغاربة يطالبون منذ حوالي الـ10 سنوات بزيادة الدعم العمومي، من أجل سد الحاجيات التي تتكاثر والتي عادت بقوة للواجهة بعد إقرار الدعم للإنتاج الأجنبي.،مضيفا ان التجربة أثبتت منذ 30 سنة أن الإنتاجات الأجنبية ليس لديها تأثير مباشر على نظيرتها المغربية"٠

وحدّد مرسوم القانون الجديد مبلغ الدعم المقدم للإنتاج الأجنبي بالمغرب للأعمال المسموعة والمرئية والسينما في نسبة 20 في المائة من مجموع المصاريف المنجزة بالمغرب والمؤهلة للدعم، شريطة تقديم الوثائق التي تثبتُ النفقات، و تشمل طريقة التمويل المباشر الاستثمارات التي لا تقِل عن 10 ملايين درهم( مليون دولار)، بحيث تتجاوز مدة التصوير 18 يوماً داخل التراب المغربي.

و أشار بيان سابق لوزارة الثقافة والاتصال المغربية أن هذا المرسوم يندرج في إطار ملاءمة مقتضياته مع قانون المالية لسنة 2016، من خلال مأسسة دعم الإنتاجالمسموع والمرئي والسينمائي الأجنبي، ووضع إجراءات تحفيزية من شأنها جذب الاستثمارات الأجنبية وتقوية الحضور الوطني في محيط تطبعه المنافسة سواء على الصعيد الجهوي أو القاري.

المغرب وجهة مفضلة

واستطاع المغرب جلب إنتاجات أجنبية بفضل تنوع مواقعه وقربه من أوروبا، بالإضافة إلى العرض الوحيد الذي قدمه المغرب سنة 1997، المتمثل في الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة لجميع السلع والخدمات التي يتم اقتناؤها من لدن شركات الإنتاج الأجنبية؛ لكن هذا الإجراء لم يعُد كافياً لمواجهة المنافسة العالمية.

و تمكنت المملكة من تحقيق رقم قياسي فيما يتعلق بمداخيل الأفلام الأجنبية المصورة بالتراب المغربي خلال 

سنة 2014، بعد أن بلغت قيمة الأرباح التي جناها المغرب من تصوير هذه الأفلام أكثر من 1,1 مليار درهم (11 مليون دولار)، ليستقبل في السنة نفسها حسب أرقام عن المركز السينمائي المغربي 38 إنتاجا أجنبيا، من بينها 27 فيلما طويلا، و11 سلسلة تلفزيونية في حين بلغ عدد التراخيص الممنوحة للأجانب من أجل التصوير بمختلف المدن المغربية أكثر من 631 ترخيصا، مقابل 661 ترخيصا للتصوير تم منحها للمغاربة.