الرباط: تحت شعار " بيلماون تقليد سنوي بنكهة الماضي "، انطلقت مساء الأحد الدورة الـ11 لمهرجان رقص بوجلود بحي سيدي موسى بمدينة سلا المغربية، بمشاركة ضيف الدورة المجموعة الاستعراضية "رقصة الأسد الصيني".

الموروث اللامادي

بحضور جماهيري غفير، شهد الكرنفال الذي يشرف على تنظيمه فضاء التضامن والتنمية فرع سلا مجموعة من الاستعراضات التي تنهل من التراث الفني المغربي بمشاركة فرق"عيساوة"، و"كناوة" و مشاركة مجموعة من الفرق التراثية للأهازيج الشعبية، فضلا عن عروض راقصة لشباب، بالاعتماد على أزياء تنكرية مبتكرة مصنوعة من جلود الغنم والمعز والأبقار على الطريقة التقليدية، وهي العروض التي تتزامن مع الاحتفال بثالث أيام عيد الأضحى بالمغرب.

و عن فكرة هذا الحدث الفني وتفاصيله، يقول محمد وهيب، مدير المهرجان ورئيس جمعية فضاء التضامن والتنمية في تصريح لـ"إيلاف المغرب"ان فكرة كرنفال بوجلود بدأت سنة 2007 في إطار استحضار الموروث اللامادي الذي نادى به الملك محمد السادس، واضاف" نحن كشباب تكونت لدينا الفكرة بغية إسماع صوت من لا صوت له، في مقابل التهميش والإقصاء اللذين نحس بهما كساكنة في حي سيدي موسى بسلا، و من تم حاول الشباب أن يبدع لإيصال صوته وكانت التجربة التي استمرت على مدى 11 سنة متتالية، فنحن في أمس الحاجة لخلق جو من الترفيه والمتعة والتنشيط لفائدة الساكنة التي تعاني من غياب فضاءات للترفيه".

و حول السبب وراء اختيار شعار"بيلماون تقليد سنوي بنكهة الماضي"،قال وهيب"هو بمثابة استحضار للموروث اللامادي بهدف المحافظة عليه، باعتباره جسرا من جسور التواصل بين الماضي والحاضر، فضلا عن تناول الثقافة الأمازيغية المغربية وانفتاحها على الثقافة الكونية، و يتخذ هذا الطقس الاحتفالي عددا من التسميات بمختلف مناطق المغرب، مثل "هرما" و"باشيخ"، و"بيلماون" و"بوهيدورة"، و"سونا"، و"سبع بولبطاين" و"بويسليخن" و هي أسماء متعددة تطلق على ظاهرة طقس بوجلود، و التي تعني مرتدي الجلود، في جو فرجوي و حكائي، احتفالا بعيد الأضحى المبارك".

طقوس تراثية

و زاد مدير "مهرجان رقص بوجلود" قائلا"نحن نجسد مجموعة من الألوان والأنماط التراثية الفنية في كل من سيدي موسى و ساحة باب لمريسة بسلا، ونرفع شعار"لما لا تكون هذه الساحة مثل ساحة جامع الفنا في مراكش وساحة الهديم في مكناس".

و أشار الفاعل الجمعوي إلى إصرار رواد فضاء التضامن والتنمية على تنظيم المهرجان في شكل كوكتيل متنوع يضم 7 فرق تراثية رغم عدم تخصيص دعم له خلال هذه السنة من قبل الجهات المسؤولة، الشباب الحاضرون يقدمون العروض بشكل تطوعي لكي لا يتم إيقاف المهرجان، وهنا أوجه تساؤلي لمن يتحدثون عن دعم التنمية والمهرجانات التي أصبحت تمول حاليا، لماذا يتم إقصاء مهرجان له صيت ".

و أضاف وهيب "هناك من يبرر عدم الدعم بأن الامر يتعلق بترهات تضرب عمق الدين والهوية المغربية"، و هو ما أعتبره "مغالطات لا أساس لها، فنحن نعمل في إطار الترفيه فقط عن الساكنة، والتي تعاني من أوجه إهمال متفاوتة وعديدة، أبرزها التخوف السنوي من المد البحري الذي يعرفه الحي في شهر نونبر والذي يمنعنا من النوم ليلا خشية علو الأمواج وبسبب الصوت الذي يصدره البحر، إضافة إلى عدم وجود فضاءات، ناهيك عن الكورنيش الذي يمثل في أحيان كثيرة مرتعا خصبا للسرقة والاعتداء".

تكريم محمد الأثير

و عرفت هذه الاحتفالية التي تنظم بشكل سنوي عروضا مختلفة رافقتها مجموعة من فرق الأهازيج الشعبية للفلكلور والفن والموسيقى التراثية المغربية المتنوعة والمختلفة الغنية بالموروث الروحي والثقافي، لإحياء التراث اللامادي و المحافظة عليه، و كذا استحضارا للثقافة المغربية الأمازيغية و انفتاحها على الثقافات الإنسانية.

و شهد مهرجان رقص الجلود في دورته الحالية مشاركة شباب من مدن الرباط، وسلا، والقنيطرة، وتميز بتكريم ابن مدينة سلا الممثل المغربي محمد الأثير، و الذي اشتهر بأداء الأدوار الكوميدية في مسرحيات عديدة، فضلا عن مشاركته في مسلسلات وأفلام سينمائية.

و تفاعل الجمهور الحاضر مع مختلف العروض التي قدمتها الفرق المشاركة بالتصفيق و رقص الأطفال الصغار الذين حرص ذويهم على التقاط صور تذكارية لهم مع الشباب المتنكرين، و الفرق التراثية التي ألهبت الجمهور ورواد المهرجان .

و تعتبر ظاهرة بوجلود من الطقوس التي ارتبطت عبر التاريخ بالاحتفال بعيد الأضحى حيث يعمل مجموعة من الشباب على المرور بالبيوت من أجل جمع الجلد و(البطاين) والدعاية للاحتفال بمهرجان بوجلود في شكله الهزلي الفرجوي، إذ يقوم هؤلاء الشباب بتجسيد مختلف الشخصيات المجسدة لموروث بيلماون بودماون أو بوجلود من خلال أزياء تنكرية في جو احتفالي يمتزج فيه الاجتماعي بالديني و التراثي بالخرافي.