قالت ميلاني هومل، وزيرة الصحة في ولاية بافاريا الألمانية، إن وزارتها رصدت تزايد أعداد العائلات التي تستخدم "الحبوب المنومة" لأطفالها. وحذرت الوزيرة من عواقب صحية وخيمة على الطفل من هذه الحبوب قد تصل إلى الموت أحياناً.


إيلاف من برلين: يسمي البعض الحبوب المنومة للأطفال بـ"القطرات السحرية"، لأنها تباع أيضاً كقطرات، إلا ان المعتقد ان من يستخدمها مع طفله يبحث لنفسه عن نوم "سحري" عميق على حساب صحة طفله.

وشارك الوزيرة هومل في قلقها العديد من المؤسسات الصحية والطبية والنقابات الطبية بينها نقابة الاطباء الألمان.

أكدت هومل على ضرورة انهاء هذه الظاهرة، مشيرة إلى أن العقاقير المنومة للطفل، كما هي الحال مع الحبوب المنومة للبالغين، لا تخلو من مخاطر الإدمان.

واضافت انها تؤثر سلباً على عمل الكبد والكليتين، وأن "سحرها" &لا يستثني الجهاز التنفسي للطفل.

وأيدها في ذلك الدكتور هيرمان يوزيف كال، رئيس نقابة أطباء الأطفال، الذي قال إن استخدام هذه المواد المنومة بجرعات صغيرة قد يؤدي إلى انقطاع نفس الطفل فجأة.&

وقال كال إنه يشعر بالغثيان كلما عرف أن طبيباً ما يكتب الحبوب المنومة لطفل.

وأضاف ان 90-95% من الأطفال لا يعانون من مشاكل في النوم، لكن بعض ذوي الأطفال يجهلون أن ساعة النوم الداخلية للطفل تختلف عن ساعتهم الداخلية كناضجين.

وطبيعي فإن الطب يجيز استخدام الحبوب المنومة، بل وعقاقير أخرى أشد خطورة، للأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة تتطلب تجريدهم من الآلام وجلب بعض ساعات النوم إلى جفونهم، إلا ان هذه العقاقير تبقى غير مبررة في غير هذه الحالات.&

وأكد الطبيب المختص بأمراض الأطفال أنه يشعر بالغثيان أيضاً كلما يتذكر ان بعض هذه الحبوب المنومة للأطفال يمكن شراؤها من الصيدلية دون الحاجة إلى وصفة من طبيب.

وأضاف أن على السلطات الصحية الألمانية أن تفرض شروطاً قاسية على بيع مثل هذه المستحضرات.

ونشرت الجمعية الاتحادية لصحة الطفل والشباب تقريراً، قالت فيه إنها لا تمتلك أرقاماً حول مدى انتشار الحبوب المنومة للأطفال، لكنها لاحظت تفاقم هذه الظاهرة في ألمانيا.

واستشهدت الجمعية بدراسة نشرها "معهد فحص الأدوية" (DAPI) وتتحدث عن زيادة ملحوظة في عدد وصفات العقاقير المنومة للأطفال التي كتبها الأطباء رسمياً.

وتكشف الدراسة المذكورة، التي شكك البعض بأرقامها، أن عدد وصفات الحبوب المنومة للطفل (حتى 16 سنة) ارتفع بمقدار 2,3 مليون وصفة بين 2005 و2001.&

وتوقعت الدراسة أرقاماً اعلى في حالة إضافة مشتريات الحبوب المنومة للطفل، التي لا تحتاج إلى وصفة الطبيب، ويمكن الحصول عليها في الصيدليات أو على الانترنت.

وعموماً ارتفع عدد هذه الوصفات في العام 2005 إلى أكثر من 4,2 ملايين وصفة، ثم قفز إلى 6,3 ملايين وصفة في العام 2011.

وبرر خبراء المعهد الظاهرة بـ"شيخوخة" المجتمع الألماني، وبظواهر التوتر في العمل والحياة الاجتماعية، وهي عوامل تدفع الناس للبحث عن أسهل الطرق لجلب النوم لعيون أطفالهم. فهناك نسبة 15% من الألمانيات والألمان يعانون من اضطراب النوم، بحسب معطيات وزارة الصحة الاتحادية.

ويلجأ معظم هؤلاء إلى الحبوب المنومة بحثاً عن نوم أفضل، لكن الكثير منهم يدمن على هذه الحبوب.

ونشر معهد الأبحاث الصحية الألماني (IMS) دراسة له في السنة الماضية تقول إن العام 2015 شهد صرف 18700 وصفة لحبوب منومة ومهدئة كتبها الأطباء لأطفال تحت سن 3 سنوات. وأضاف المعهد 35 ألف علبة حبوب منومة للأطفال، اشتريت من الصيدليات، دون الحاجة إلى وصفة طبيب في نفس العام، وإلى نفس الفئة العمرية.

ودخلت كارلا زاور كيرشباخ، من جمعية "غيلشنغ" لإرشاد العائلات في ميونخ، على الخط بالقول إن منظمتها رصدت أيضاً اهتماماً أكبر من أهالي الأطفال بموضوع الحبوب المنومة للأطفال.

وذكرت كيرشباخ أن سؤال "هل يمكن أن اعطي حبوباً منومة لطفلي؟"، يتكرر في غرف الإرشاد في المنظمة باستمرار.

وبررت الخبيرة الاجتماعية هذه الظاهرة بلجوء الأهالي إلى اسهل الطرق بدلاً من اجهاد النفس في البحث عن بديل صحي.

في النهاية، أشار الدكتور هيرمان يوزيف كال إلى أن الأهالي في القرون الوسطى كانوا يعطون الطفل ملعقة من كحول مركز كي يرسلوه إلى الفراش، في حين يلجأ الناس في القرن الواحد والعشرين إلى الحبوب المنومة.

وأكد أن الطريقتين خطيرتان، وتعبران عن رغبة الأم أو الأب بالنوم، لا عن رغبة الطفل بالنوم. ان من يدمن المخدرات أو الحبوب المنومة لا يمكن أن يصبر قليلاً بانتظار ان ينام الطفل كي يخلد بنفسه بعد ذلك إلى ادمانه.