أعلن علماء أميركيون أنهم تمكنوا من فك طلاسم جينة فيه الجسم البشري، في إجراء يعد بتطويل العمر وذلك بعد دراسة وضع الأميش في الولايات المتحدة.
&
إيلاف من لندن: كشف علماء أميركيون من جامعة نورث ويسترن في شيكاغو سر طول عمر كثير من اعضاء طائفة الآميش الأميركية التي تعيش في عزلة عن المجتمع.

كتب علماء في مجلة "ساينس أدفانسيز" أنهم توصلوا إلى أن سبب طول حياة بعض أفراد هذه الطائفة يعود إلى تحوير جيني يؤدي إلى فرملة تقدم عمر خلايا أجسادهم. ويأمل العلماء، بعد هذا الكشف، في التوصل إلى نائج مماثلة عند البشر باستخدام التقنيات الطبية والعقاقير.
&
الآميش

تشير موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية إلى أن "آميش" (بالإنجليزية Amish ) طائفة مسيحية تجديدية العماد تتبع الكنيسة المنونية. نشأت هذه الطائفة في العصور الوسطى، وهي فترة شهدت بروز حركات إصلاحية مسيحية كثيرة، منها الطائفة التي كانت تعرف حينذاك باسم المسيحيين الجدد "آنابابتيست" التي يعتبر الآميش جزءًا منها.

يبلغ عدد الآميش حاليًا زهاء 249 ألفًا موزعين في 22 مستوطنة في الولايات المتحدة وولاية أونتاريو في كندا.

تعيش أقدم جماعة من الاميش في مقاطعة لانكستر، وهي منطقة زراعية نائية استوطنها الأميشيون الأوائل في عشرينيات القرن الثامن عشر، ويقدر عدد افرادها بـ 16 ألفًا. كان كثير من الآميش قد لجأوا إلى تلك المقاطعة هربًا من الاضطهاد الديني في أوروبا. ويتوزع أفراد طائفة الآميش في عشرات المستوطنات التي تتمع باستقلالية تامة وفقًا لقوانينها الخاصة غير المكتوبة، المعروفة باسم"أوردنانغ".

يتحدث معظم الآميش ثلاث لغات: لغة قريبة من الألمانية تسمى "بنسلفانيا داتش" في المنزل، ولغة قريبة أيضًا من الألمانية تدعى "هاي جيرمان" في صلواتهم، والإنكليزية في المدارس.
&
تحور في الجين سيرباين 1&

ركزت الباحثة سعدية خان، من جامعة شيكاغو، وفريق عملها على العوامل الجينية التي تسبب طول عمر بعض البشر.

تقول الباحثة الأميركية إنهم كشفوا تحورًا في الجين سيرباين1 (SERPINE1) هو سبب طول عمر بعض أفراد هذه الطائفة المعزولة.

فالمعروف في علم الوراثة أن الخلية تفقد شيئًا من قبعتها الحامية (التيلومير) عند كل مرة تنقسم فيها، وتؤدي هذه الحال إلى زيادة عمر الخلية وتوقفها عن العمل أو موتها. ويحلم البشر، والعلماء بالطبع، في وقف تقدم هذه العملية ومنح البشر "ينبوع الحياة" الذي يعد بحياة شابة طويلة.

وتلعب عوامل أخرى دورًا في سرعة تقدم عمر الخلايا، مثل التغذية والصحة العامة والعادات والتقاليد وشدة العمل ...إلخ. ويعول بعض العلماء على تحسين هذه العامل في حياة البشر بهدف إطالة حياتهم.
&
سبر غور جينوم الآميش

عثرت خان وفريق عملها على جين سيرباين1 المحور في جينوم عدد كبير من أعضاء طائفة الآميش المقيمين في بيرن في ولاية انديانا. ومعروف عن هذه الطائفة أنها تنحدر من مهاجرين سويسريين ويعيشون منذ قرون بعزلة شبه تامة. وعلى هذا الأساس كان معظم أعضاء هذه الطائفة من الأقارب بحكم انعزالهم والتزواج بين بعضهم.

فحص فريق العمل الخريطة الجينية لنحو 177 آميشي من هذه الطائفة، وتوصلوا إلى أن 43 منهم يحملون الجين المحور المسمى SERPINE1.

يطلق هذا الجين بروتينًا يحمل اسم باي-1 (PAI-1) يلعب دورًا مهمًا في عملية انقسام الخلايا وتقدم سنها، وهو متوافر بكثرة في الخلايا القديمة. ويبدو أن هذا الطفرة الجينية الصغيرة تسبب فرز عوامل أقل من عوامل تقدم عمر الخلايا.
&
10 سنوات أطول

وعند سبر غور هذه التغيرات الجينية لاحظ العلماء أن طول التيلومير في كروموسومات المتطوعين من حملة التحور الجيني"سيرباين1"يزيد طولًا بمقدار 10% عنه في تيلوميترات الأفراد غير الحاملين لهذا التحور الجيني.

المهم أيضًا في الدراسة هو أن الأميش، الذين يحملون هذا التحور الجيني، يعيشون 10 سنوات أكثر مما يعيش أفراد طائفتهم الذين لايحملون هذا التحور الجيني.

وكان حملة التحور الجيني "سيرباين1" يعيشون 85 سنة كمعدل، مقارنة باقرانهم العاديين الذين يعيشون 75 سنة كمعدل.

يقول علماء جامعة شيكاغو إن الأميش من حملة هذا التغير الجيني لا يعيشون أطول من غيرهم فحسب، وإنما يعيشون بصحة أفضل أيضًا من غيرهم. كما كشفت الفحوصات عن معدلات إنسولين أفضل في أجسادهم، وهذا ما جعلهم أقل عرضة من غيرهم لداء السكري.

ولم يصب أي متطوع من حملة الجين المحور "سيرباين1" بداء السكري طوال الفترة الماضية، في حين كانت نسبة السكري بين الآخرين من أفراد الطائفة ترتفع إلى7% بينهم.
&
وصفة لحياة أطول

ولسوء حظ البشر، بحسب سعدية خان، هذا التحور الجيني لا يتواجد في أية مجموعة بشرية أخرى تعيش على الأرض، فضلًا عن طائفة الأميش التي تقطن في بيرن في ولاية إنديانا.

أكد دوغلاس فون، عضو فريق العمل، أن مجاميع طائفة الأميش الأخرى لاتحمل هذا التغير الوراثي في أجساد أفرادها. ووصف فون حالة جماعة الأميش في بيرن بأنه "تحوّر خاص بهم".

يعمل الباحثون من شيكاغو على عقار يحاكي هذا التغير الجيني، ويعد بحياة أطول 19 أعوام. ويعتمد العلماء في هذا الأمل على عقار يوقف عمل بروتين باي-1الذي يسرع عملية تقدم عمر الخلايا.

وتعاونت جامعة شيكاغو مع جامعة توهوكو اليابانية على تطوير واختبار عقار لمكافحة الشيخوخة يتناول بالفم.

أطلق على العقار اسم TM5614، وهو يكبح جماح بروتين باي-1. ويقولون الآن إن العقار اجتاز المرحلة الأولى من التجارب في اليابان، وانتقل العلماء إلى المرحلة الثانية من الاختبارات.

وكتب الباحثون في"ساينس أادفانسيز" إنهم سيتقدمون إلى إدارة الإغذية والعقاقير الأميركية بطلب البدء بإجراء تجارب على العقار الجديد في الولايات المتحدة خلال نصف السنة المقبلة.

وجرب العلماء الطريقة بنجاح أيضًا من خلال عقار جديد يتصدى لسقوط الشعر المرتبط بتقدم العمر. لكن ما إذا كان هذا النجاح يمهد لوصفة صيدلانية تطيل عمر الإنسان، فهذا غير معروف بعد.
&