نهى احمد من سان خوسيه: عندما يخطط الزائر لزيارة كوبا يقع في حيرة من أي المدن يجب ان يبدأ رحلته، فكوبا بعد الانفتاح اتضح بانها بلد الجمال غير العادي لما تحتويه على آثار وفنون وطبيعة رائعة في كل زاوية من زوايا المدينة. 

إلا ان البداية تكون في معظم الأحيان بزيارة العاصمة هافانا التي توصف بانها المركز الثقافي في أميركا الوسطى لما تملكه من مجموعة واسعة من المتاحف والقصور والأماكن العامة المشادة على النمط اللأسباني العريق الى الأزقة والساحات التي تحيط بها كنائس ومقاهي ومطاعم ومتاحف وغاليرهات ومعارض فنية مختلفة وأسعار الدخول اليها منخفض جدا. وتقام فيها العديد من الحفلات الفنية فهي تحتضن أحد أكبر مدارس رقص الباليه في العالم.

ومن يذهب باتجاه البحر يجد أكبر القلاع والحصون التي تركها المستعمرون من قراصنة وبريطانيين وحتى الاستعمار الاسباني. ويتعمد الكثير من الزوار تمضية نهارهم في المدينة القديمة حيث الأزقة الضيقة والبيوت التي تركت على نمطها منذ بنائها إبان الاستعمار الأسباني وتم ترميمها، الا ان المدينة تجمع القديم والجديد معا لوجود معارض للتكنولوجيا الى جانب العروض الفنية والمهرجانات الدولية.

وكسب شاطئ هافانا جمالا خاص لوقوعه شمالا على المحيط الاطلسي ما جعلها تربط المحيط مع خليج المكسيك، ويزيد جمالها إطلالها جنوبا على جزر الباهاماس. وتتمتع هافانا بأهمية فنية معمارية كبيرة لكونها واحدة من أقدم المستوطنات الاسبانية ففي كل زاوية من مساحتها لا تخلو من الفن المعماري الذي نشأ في القرن الـ 15 ونمط الباروك والكلاسيكي الجديد، لذا وضعتها الأونيسكو عام 1982على لائحة التراث العالمي ما دفع الحكومة منذ ذلك الوقت الى تخصيص ميزانيات من أجل اجراء عمليات ترميم واسعة لها. وتلك الخطوة جذبت مئات الآلاف من السياح لزيارتها، فاكثر من 900 مبنى ومعلم ذو أهمية تاريخية تذكر بالماضي العريق ويلمس الزائر ذلك خلال تجوله في أزقتها فيخال انه يسمع ضجيج حوافر الخيل الاسباني عند قيامه بالاستعراضات الكبيرة. 

وواحد من أجمل المباني هو مقر الحاكم سابقا وبني على النمط الاسباني القديم ويزيد جماله وقوعه على المحيط الاطلسي وعلى بعد امتار قليلة تقع قلعة القوات الملكية سابقا ، وعلى طول طرقات هذه المعالم التاريخية الضيقة الحجرية تنشر المطاعم والمتاحف الصغيرة والملاهي التي ترك الكثير منها كما كانت في الماضي منها ما يعود الى القرن ال15.

ويقصد السياح حي فيدادوس القديم حيث يقع فندق هافانا ليبري المشهور والذي حوله فيدل كاسترو بعد نجاح ثورته لبضعة أشهر الى مقر لحكومته إضافة الى فندق ناسيونال الذي أشيد عام 1930 ، فالاثاث فيه مازال على حاله كما كان يزوره الروائي الاميركي المعروف ارنست هامنغوي، الى جانب البار والمسرح حيث كانت تؤدى رقصة السلسا.

ومن يزور هافانا عليه ان يقصد منتزه الواجهة البحرية وطوله 8 كلم عند الغسق ليرى أجمل مشهد قد يراه في حياته، انعكاس أشعة الشمس على سطح مياه الاطلسي ومراقبتها وهي تختفي رويدا رويدا تاركة في النهاية لونا ورديا رائعا. لكن روعة هذا المساء لا تكون أقل في الصباح حيث يصطف المئات للاصطياد بالقصبة فوق الجدار ، ويستغل الكثير من السياح المكان من أجل التنزه بكل هدوء، فقلة السيارات والكثير منها من نوع اولد تايمر أي قديمة لا تسير بسرعة. 

ومن يريد السباحة فان شاطئ العاصمة كسب الكثير من جمال الساحل الكوبي ومياه الاطلسي، منها منطقة بلايا ديل غوانابو حيث المياه الصافية الصالحة ايضا للغوص أو تتبع أنواع مختلفة من الأسماك والحيوانات البحرية اللطيفة ومن يسعى الى الاستحمام بهدوء عليه ان يقصد شاطئ خيباكويا الذي تظلله أشجار النخيل ما يجعل الجلوس تحت شجرة أفضل مكان للاسترخاء. وتتحول الشواطئ والمنترهات على البحر ليلا الى حفلات في الهواء الطلق لعزف الموسيقى والتباري لمن يرقص السالسا الكوبية بشكل أفضل، على أنغام موسيقى الاكورديون والغيتار، مع عروض مسائية تخصصها الحانات والمقاهي على طول الشاطئ ويكون غياب الشمس وانعكاس أشعتها على مياه البحر هو كواليس منظر لا يمكن نسيانه.