قد تكون حلقات كوكب زحل الساحرة في منظرها حديثة العهد نسبياً، وربما يبلغ عمرها قرابة مئة مليون سنة فقط. أو ما قارب ذلك . هذا ما أظهره التحليل الأولي للبيانات التي جمعتها المركبة الفضائية "المسبار" كاسيني في دورانها الأخير حول الكوكب العملاق.

وإذا تأكد ذلك، فإنه يعني أننا ندرس كوكب زحل في فترة حاسمة من عمر المجموعة الشمسية.

ومن المقرر أن يقترب المسبار "كاسيني" من الكوكب لمرتين أخريين، قبل أن يدمر نفسه آلياً في محيط زحل في 15 أيلول المقبل.

ويتم التخلص من المسبار بهذه الطريقة لأن وقوده سينفد قريباً، وعند ذاك سيكون من الصعب السيطرة عليه، وفي هذه الحالة، يخشى مدراء البعثة في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، من أن يصطدم -ويلوث- بأحد أقمار زحل، التي قد تكون موطناً لبعض أشكال الحياة الميكروبية.

ويعني هذا الاقتراب في النهاية أن العلماء والمهندسين يجازفون مع كاسيني هذه المرة بصورة لم يكن التفكير بها ممكنا عندما وصل المسبار إلى زحل قبل 13 عاماً.

ومن أبرز مخاطر ذلك، هي عملية التحليق القريب التي يقوم به المسبار كل ستة أيام، ففي هذه العملية يندفع بسرعة مخترقا الفجوة بين أعلى نقطة في المجال الجوي لزحل وبين الحلقات المحيطة به. ويعود كاسيني ببعض البيانات المهمة والفريدة عن هذه المنطقة التي لم يسبق استكشافها مطلقاً.

وتضمن ذلك وضع خريطة تفصيلية لمجال الجاذبية التي يمكن فيه تمييز تأثير الكوكب العملاق، ويمكن اختبار تأثير الحلقات المحيطة به بشكل منفصل.

ويسعى كاسيني بشكل رئيسي لقياس وزن الحلقات المحيطة بزحل، إذ يمكن أن تعطي كتلتها مؤشراً عن عمرها.

فكلما زادت كتلة الحلقة فإن من المرجح أنها ستكون أكبر عمراً.

ويعتقد بعض العلماء أن حلقات زحل قد تشكلت بالتزامن مع تشكل الكوكب نفسه قبل 4.6 مليار سنة. ومن المؤكد أن الحلقات تحتاج إلى كتلة كبيرة لتقاوم القوى التي قد تتسبب في تآكلها مع مرور الزمن، مثل اصطدامات النيازك الصغيرة بها. ولكن يبدو أن العكس قد يكون صحيحاً ايضا، ففي الواقع يمكن أن تكون كتلتها أقل من التقديرات السابقة.

وفي حال تأكد ذلك، فإنه يشير إلى أن الحلقات هي عبارة عن بقايا شيء ما تفتت في محيط زحل في الماضي القريب.

وتقول ليندا سبيلكر عالمة الفضاء في مشروع كاسيني لبي بي سي "بالنسبة للحلقات الأصغر عمراً، فإن تشكلها يتطلب مذنباً، أو سينتور (مجموعة من الأجسام الصغيرة المتجمدة)، أو ربما قمر اقترب بشدة من زحل، بعد ذلك تتكفل جاذبية زحل بتفتيت تلك الأجسام، والبقايا الناجمة عن التفتت هي ما تشكل الحلقات".

وتضيف "ربما حدث ذلك أكثر من مرة، وربما يكون بعض الاختلافات التي نلاحظها في الحلقات نجم من أشياء مختلفة تحطمت، ولكن إذا كانت الحلقات أقل كثافة فإنها لن تكون قادرة على الصمود في وجه قصف النيازك الصغيرة الذي تشير تقديراتنا إلى أنه قد حدث منذ تكوين الكوكب".

كما تقول "لذا، فإننا نرجح التوجه الذي يشير إلى أن عمر الحلقات قد يبلغ نحو مئة مليون سنة تقريباً أو ما قارب، وهي بذلك تبدو حديثة العمر جداً بالمقارنة مع عمر النظام الشمسي".

لكن على الرغم من ذلك حذرت الدكتورة سبيلكر، من أننا ما زلنا في الأيام الأول في تحليل البيانات الجديدة، ما يعني أن هامش عدم التوصل إلى نتائج مؤكدة مازال كبيرا جدا".

ويواصل أعضاء آخرون في الفريق اعداد الخططا لـ 18 يوماً المتبقية في عمل البعثة.

وقال إيرل مايز، مدير مشروع كاسيني في ناسا "إن كاسيني سيأخذ صوره الاخيرة يوم الخميس 14 سبتمبر / أيلول، وهو ما نطلق عليه "العرض الأخير" كناية عن المجموعة الاخيرة من الصور لبعض الأهداف المختارة من نظام زحل".

ويشمل ذلك صوراً من أقمار تيتان و إنسيلادوس، و الجسم الغريب سداسي الشكل في القطب الشمالي للكوكب، بالإضافة إلى القمر الصغير الواقع ضمن الحلقات والمعروف باسم بيغي.

ستنصهر مركبة المسبار كاسيني وتتفتت عندما تغوص في غازات الكوكب بسرعة تفوق 120000 كيلومتر في الساعة. وسيعرف المراقبون أن المسبار قد دُمر عندما تفقد هوائيات الاستقبال الأرضية الاتصال اللاسلكي معه، والذي من المتوقع أن يحدث في الساعة 11:54 بتوقيت غرينتش يوم الجمعة 15 سبتمبر / أيلول المقبل.