استطاع طياران التحليق على ارتفاع قياسي بطائرة شراعية بلغ 52172 قدما أو ما يعادل 15.9 كيلومتر في سماء منطقة باتاغونيا في الأرجنتين.

وتجاوز الارتفاع المسجل زيادة بنسبة 3 في المئة عن الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2006 باسم أعضاء آخرين لنفس الفريق التابع لمشروع "بيرلان" برعاية شركة "آيرباص".

واستغل الطياران الرياح القطبية التي ساعدت في ارتفاع طائرتهما المصنوعة من ألياف الكربون إلى الستراتوسفير (الطبقة العليا للغلاف الجوي). بيد أن الهدف المعلن سابقا كان تجاوز ارتفاع 90 ألف قدم.

وبعد هبوط الطائرة الشراعية بسلام، قال غيد وارنوك المدير التنفيذي للمشروع "سنواصل تجاربنا العلمية لاستكشاف أسرار طبقة الستراتوسفير".

أضاف "حققنا إنجازا، وحان وقت التعلم". ولم تكن الرحلة الجوية أعلى الرحلات ارتفاعا لمشروع "بيرلان" فحسب، بل كانت الأطول والأشد برودة. واستمر تحليق الطائرة الشراعية لمدة نحو ست ساعات و35 دقيقة، وحافظت على ارتفاعها في مواجهة درجات حرارة سجلت نحو 68 درجة مئوية تحت الصفر.

وساعد ذلك في حدوث الخلل الفني الوحيد في الرحلة، وهو تفريغ أحد الإطارات. وهو خلل لم يسبب مشكلة واكتشف لدى هبوط الطائرة.

جناحان كبيران

توصف الطائرة الشراعية "بيرلان 2" بأنها "طائرة شراعية للضغط"، إذ تستطيع التعامل مع كثافة الهواء - أي كتلة الهواء مقسومة على حجمه - بأقل 2 في المئة من قراءة مستوى سطح البحر.

يبلغ وزن الطائرة نحو 816 كيلوغراما، وهو نفس وزن النسخة الأصلية من سيارة فولكسفاغن من طراز بيتل (الخنفساء)، وتحتوي على جناحين بتصميم خاص طولهما 84 قدما، بما يجعلها مناسبة على نحو أفضل في الارتفاعات العالية.

وحملت الطائرة على متنها بالإضافة إلى الطيارين، جيم بايان ومورغان ساندركوك، نظاما يضم أجهزة تحافظ على حياة الطيارين ومظلات وأجهزة علمية.

وقال ستيفن تريمبل، وهو صحفي لدى مؤسسة "فلايت غلوبال"، والذي قضى وقتا في المشروع في الأرجنتين، إن "من بين الأشياء التي استطاعوا إنجازها قياس استنزاف الأوزون، وهو عمل فريد".

وأضاف تريمبل "نظرا لعدم وجود محركات، لم تؤثر على قياساتهما أي انبعاثات".

دوامة قطبية

وسجلت الطائرة ارتفاعها القياسي على مقربة من بلدة إل كالافات، وهي بلدة مطلة على بحيرة كبيرة وجبال الأنديز، واغتنمت الطائرة فرصة وقوع ظاهرتين جويتين نادرتي الحدوث بالتزامن.

الظاهرة الأولى تمثلت في هبوب تيارات الرياح فوق جبال الأنديز والتي تحدث تأثيرا أشبه بالموجة. واستطاع الطياران الاستفادة من الأمواج في بلوغ ارتفاع بين 30 و40 ألف قدم.

الظاهرة الثانية تمثلت في الدوامة القطبية للقطب الجنوبي، وهي منطقة ذات ضغط منخفض تدور في إتجاه عقارب الساعة حول الأرجنتين. وتدفع الدوامة خلال أشهر الشتاء في أمريكا الجنوبية، والتي تخالف توقيت العام بالنسبة لنصف الكرة الشمالي، ما يطلق عليه التيار النفاث لليل القطبي.

يمكن لهذه الظاهرة أن تدفع الطائرة إلى ارتفاع يصل إلى 120 ألف قدم، على افتراض أن جسم الطائرة والجناحين يمكنها التعامل مع ذلك. وقال تريمبل لبي بي سي "إنهما يرغبان في الوصول إلى أعلى ارتفاع يمكن أن يصلا إليه".

وأضاف "تسعى فرق مثل بيرلان وبعض مشروعات أخرى يمولها وادي السيليكون لأن تعيد روح المغامرة الجوية التي عرفت عن الطيران بطريقة لم نشهدها منذ زمن طويل".