يقتل الالتهاب الرئوي المكتسب 20 في المئة من الأطفال الذين يموتون في الألم. فكيف نتقي شره؟ وكيف نغالجه ونعالج تداعياته؟ في هذا التقرير معلومات وافية عن ميكروب الميكوبلازما المسبب الرئيسي للمرض..


 د. طارق السلامة: يُعد ميكروب الميكوبلازما أحد أسباب الإلتهاب الرئوي المكتسبة في المجتمع، وهذا الإلتهاب يتواجد ويزداد في الأغلب عند صغار الأطفال والمتقاعدين والمصابين بعمر الكهولة. ويسبب هذا 
الإلتهاب الرئوي وفاة 20 في المئة من الأطفال الذين يموتون حول العالم، إذ هو عندهم التهاب في الجهاز التنفسي السفلي والنسيج الرئوي، ويؤدي إلى تصلب الرئتين.

أنواع وأعمار
تشكل الفيروسات بين 14 و35 في المئة من مجموع حالات الإلتهابات الرئوية المكتسبة عند الأطفال، وتختلف البكتريا المسببة للإلتهابات الرئوية عند الأطفال تبعًا لأعمارهم. فعند حديثي الولادة، نجد مجموعة بي ستربتوكوكل المكور العقدي، وايشريشيا كوليا، وكلبسليا، وستافيلوكوكس آيورس المكور العنقودي. وعند صغار الأطفال، نجد بكترياستروبتوكوكل نيومونيا وكلاميديا. ونجد عند الأطفال بعمر المدارس بكتريا ستروبتوكوكل نيومونيا، وستافيلوكوكس آيروس المكور العنقودي، ومجموعة ألف ستربتوكوكل المكور العقدي، وميكروب السعال الديكي، ومكروب الميكوبلازما الرئوي.
تعتبر فيروسات الجهاز التنفسي والكلاميديا الرئوية ومكروب الميكوبلازما الرئوية الأسباب الرئيسية لأغلب حالات إلتهاب الجهاز التنفسي السفلي، والميكوبلازما هي ميكروب لا يحتوي على جدار خلية، ولا نواة له، لأنها أصغر كائن حي حر وكامل الوجود. وثمة نوعان من الميكوبلازما: واحدة تصيب الجهاز التنفسي، وأخرى تصيب الجهاز البولي التناسلي، وتسمى يورابلازما.

انتشار ميكوبلازما
تنشب أغلب حالات إلتهاب القصبات بسبب الميكوبلازما الرئوية منفردة أو بشكل عدوى بين أفراد العائلات، وربما يحصل هذا الإلتهاب بشكل وبائي لكن يتفشى في أعداد قليلة من المرضى. ويحصل هذا النوع من الإلتهاب في كل العالم وفي أي فصل من فصول السنة.
يمكن الميكوبلازما الرئوية أن تصيب أي إنسان في أي عمر، حتى حديثي الولادة التي تكون إصابتهم شديدة، وتحصل التفشيات الشديدة والكثيرة لهذا الالتهاب الرئوي كل 3 إلى 4 أعوام، حصل آخرها في بريطانيا، لكن هذا التفشي الأخير كان خفيف الوطأة.
تحصل الإصابة أو العدوى بـميكوبلازما الرئوية من طريق التنفس، وتمتد فترة حضانة الإصابة بهذا المرض من أسبوع إلى 3 أسابيع. تكون الأعراض بطيئة، وهي الحرارة والتعب والصداع والسعال. يتطور المرض في 5 إلى 10 في المئة من حالات الإصابة بهذا الميكروب إلى حالة الإلتهاب الرئوي أو إلتهاب الترقوة والقصبات. تمتد فترة هذه الأعراض من اسبوعين إلى 3 أسابيع بصورة شبه حادة، ويكون حلق الطفل المصاب محمرًا ومحتقنًا مع عدم وجود تضخم في الغدد اللمفاوية.

مضاعفات وأجسام مضادة
لهذا المرض مضاعفات أخرى ربما تظهر على جلد المريض بشكل طفح جلدي واحمرار، مع وجود أكياس حويصلية تستمر أسبوعًا أو أسبوعين، أو ربما يحصل التهاب في العين والفم والجهاز التناسلي، أو مرض الجهاز العصبي من إلتهاب السحايا والنخاع الشوكي والأعصاب الخارجية، وفقر الدم التحللي، وآلام المفاصل.
الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بمرض الميكوبلازما الرئوية هم المصابون ببعض الأمراض الوراثية ومنها مرض الدم المنجلي، والمصابين بانعدام وظيفة الطحال.
يعتمد التشخيص المخبري لمرض ميكوبلازما الرئوية على إيجاد الجسم المضاد، وإيجاد الأغلوتينين الباردة الموجودة في البلازما. وتواجدها ليس غريبًا بالمصاب بمرض الميكوبلازما الرئوية، وقد تكتشف قبل ظهور الأجسام المضادة
يعتبر إعطاء المضاد الحيوي من طريق الفم فاعلًا وأكثر أمنًا لعلاج الإلتهاب الرئوي المكتسب في المجتع. لكن إعطاء المضاد الحيوي من طريق الوريد ضروري للأطفال الذين لايستطيعون تناوله من طريق الفم أو الذين يعانون أعراض المرض الشديدة.

العلاج الفاعل
يقلل العلاج الفاعل والناجح للميكروبات من فترة الإصابة بالمرض، ومن شدة السعال وتكراره، ومن أعداد الجراثيم المسببة للمرض، ومن انتشار المرض وانتقاله بالتلامس والاتصال.
لكي يكون العلاج ناجحًا بالمضاد الحيوي، يجب وضع عمر المريض وشدة المرض والإنسان المصاب به ونتائج أشعة الصدر وفحص الدم في الاعتبار.
الجدير بالذكر أن استخدام البنسلين والسفالوسيورين غير فاعل في علاج الميكوبلازما الرئوية، فصورة الإلتهاب بالقصبات الرئوية وشكله يحتاجان إلى وقت ليس بقصير لكي تزول، أي يمكن أن يستغرق الأمر 4 إلى 6 أسابيع. وهذا النوع من الميكروب الميكوبلازما ممكن زراعته من اللعاب لمعرفة المضاد الحيوي الملائم له.
أما عقاقير ماكرولايدس مثال الأرثرومايسين وآزثروما وكلارثرومايسين، فيمكن أن تشكل علاجًا أوليًا للأطفال الذين تزيد أعمارهم على خمس سنوات، وللأطفال المصابين بالتهاب الميكوبلازما والكلاميديا الرئوية.

ملائم.. غير ملائم
المضادات الحيوية الأخرى الملائمة لعلاج الميكوبلازما الرئوية هي من عائلات سايبرو فلوكساسين كوينيلون (يفضل إعطاؤها بعد سن 18 عامًا) وتيتراسيكلين (يفضل إعطاؤها بعد سن 8 أعوام) وستربتوكرامين.

وثمة علاجات مساعدة، هي علاج ارتفاع الحرارة، وإعطاء المغذي من طريق الوريد، وإعطاء الأوكسجين للطفل المريض للحفاظ على معدل الأوكسجين في الدم (أكثر من 92 في المئة).
وربما تشمل البحوث المستقبلية للميكوبلازما إيجاد لقاح أو تطوير مضاد حيوي فاعل.

في العادة، تكون احتمالات الشفاء من المرض عالية، لكن إذا حدث بعض مضاعفات هذا المرض، فإنها تكون طويلة الأمد. أما الوقاية من هذا المرض فتتم من خلال اعطاء لقاح الإنفلونزا لمن لديهم قابلية للاصابه بالانفلونزا او الالتهاب الرئوي، وإعطاء لقاح المكورات الرئوية.