يقول أطباء روس من جامعة سانت بطرسبورغ أنهم ابتكروا كريات نانوية ممغنطة وذكية، تصل إلى مكان النزف الداخلي، وتعمل على تسريع تجلط الدم في الجرح، وتقليل كمية الدم النازف.

إيلاف من برلين: كتب باحثون في مجلة"ساينتفيك ريبورتس" أن الكريات يجري زرقها من الخارج، وأنه تمت تجربتها بنجاح على دورة دموية مغلقة داخل شرايين اصطناعية في المختبر. ولأن الكريات ممغنطة أيضًا، فقد تمكن الباحثون الروس من تحريكها خارجيًا بوساطة مغناطيس، وتوجيهها إلى مكان الجرح النازف.

التحايل على الجراحة
معروف أن النزف الداخلي يجري على الغالب، بسبب الحوادث والأمراض التقرحية، مثل قرحة المعدة والأمعاء. ويعني النزف الداخلي تراكم الدم النازف في الفراغات بين أعضاء الجسم، وداخل الأعضاء الحيوية.

المشكلة أن النزف الداخلي الكبير يكشف أعراضه بسرعة، ويكون خطيرًا جدًا، ويتطلب التدخل الجراحي، إلا أن النزف الداخلي الصغير لا يتكشف عن أعراض تشي به بسرعة، ولذلك فإنه لا يقلّ خطورة عن النزف الكبير. وغالبًا ما يتم الكشف عن مكان النزف الداخلي وعلاجه من خلال عملية جراحية.

نجح زرق الكريات النانوية الممغنطة في دورة دموية صناعية في تقليل النزف الدموي 15 مرة

ويعاني الطب حتى الآن من مشكلة انعدام القدرة على وقف النزيف الداخلي من الخارج من دون تدخل جراحي. وتعد طريقة الكريات النانوية الممغنطة مستقبلًا بالتغلب على هذه المشكلة. وفشلت الرغوات الجديدة، التي توقف النزف الخارجي، في وقف النزف الداخلي، بسبب عدم تشخيص مكان النزف أولًا، ولأن الدم يتجمع داخل الأعضاء الحيوية أحيانًا. وتكون الحالة أكثر تعقيدًا حينما يشك الطبيب بوجود نزف في الدماغ مثلًا.

فقدان دم أقل 15 مرة
وفي المختبر نجح زرق الكريات النانوية الممغنطة في دورة دموية صناعية في تقليل النزف الدموي 15 مرة أقل من المعتاد.

كتبت إيميليا شعبانوف وزملاؤها، من جامعة سانت بطرسبورغ، أنهم حمّلوا الكريات النانوية الممغنطة بالأنزيمات التي تعجل تخثر الدم، مثل أنزيم "ثرومبين". كما نجحوا بزرقها من الخارج، ومن ثم تحريكها إلى مكان النزف والتجمع فيه. ومعروف أن ثرومبين يتفاعل مع بروتين الدم "فيبرونوجين"، ويعملان سوية على تخثر الدم.

سر مغناطيسية الكريات المنمنمة أن العلماء وضعوا فيها مركبات تحتوي على الحديد، وهي كريات لا يزيد حجم الواحدة منها على 200 نانومتر.

استخدمت شعبانوف دورة دموية من الشرايين الاصطناعية التي تعمل فيها مضخة صغيرة على تدوير الدم في شبكتها. وتعمد الأطباء فتح ثغرة كبيرة نسبيًا في جدار أحد الشرايين يتسرب منه الدم إلى الخارج. قاموا بعد ذلك بزرق محلول الكريات النانوية الممغنطة، ووجّهوها بالحقول المغناطيسية من الخارج إلى مكان الثغرة (الجرح).

نتائج أفضل مع الفيبرنوجين
كانت النتيجة الأولى التي رصدها العلماء هي أن الكريات النانوية المغنطة الدائرة في الدم لم تؤثر سلبًا في كريات الدم الحمراء، وهي تدور معها في الشرايين الصناعية. والنتيجة الثانية هي أن الكريات لم تنشط في دفع الدم إلى التخثر، إلا بعد توجيهها وتركيزها في مكان الجرح.

حققت شعبانوف وزميلها أندريه دروزدوف نتائج أفضل حينما زرقزا أنزيم فيبرنوجين إلى الدورة الاصطناعية التي تحتوي على الكريات النانوية الممغنظة. ولاحظوا أن ذلك قلل وقت تخثر الدم بنحو 6.5 مرة، وقلل فقدان الدم 15 مرة.

اعتبر العلماء الروس تجربتهم فتحًا جديدًا في علاج النزف الداخلي، إلا أنهم أشاروا إلى ضرورة التحقق من ذلك في تجارب مستقبلية على البشر. قبل ذلك، يعد فريق العمل بقيادة شعبانوف العدة لإجراء التجارب على الحيوانات، بحسب تقريرهم.

رغوة بيولوجية للجروح العميقة
وكان العلماء الأميركيون من جامعة ماريلاند نجحوا في ابتكار رغوة بيولوجية توقف النزيف الخارجي والجروح العميقة التي يمكن الوصول إليها خارجيًا أثناء الحوادث.

هذه الرغوة طبيعية، وتتفاعل مع أنسجة الجسم، وتسرع وقف نزيف الدم، وتساعد على عملية الاندمال. وأنتج ماثيو داولنغ وزملاؤه الرغوة من بوليمر بيولوجي طبيعي، لا يرفضه جسم الإنسان، ويقولون إنه سيكون أفضل بديل لإسعاف المصابين بالنزف الشديد في حوادث الطرق، وخلال الكوارث. لا يتطلب الاستخدام غير رش الرغوة على الجرح من علبة تشبه رشاشات مزيلات الروائح السائدة في السوق.

تتفاعل الرغوة مع جسم الإنسان، وتصنع مع خلايا الدم النازفة والبلازما مزيجًا بيولوجيًا ينبني على الجرح، ويوقف تسرب الدم في الحال. ونجح داولنغ وزملاؤه في التجارب المختبرية على الخنازير في تقليص كمية نزف الدم بنسبة عالية، مقارنة بطرق الضمادات الضاغطة وغيرها. ويعرف الأطباء أن تسرب مثل هذه النسبة من الدم في الحوادث لا يعني، في جراحة الحوادث، غير موت المريض.