سعت العائلة المالكة البريطانية حثيثًا إلى إنجاب ورثة،وكان سعيها تاريخًا حافلًا، في رأسها خمس ولادات هزت بريطانيا كلها، من إدوارد الخامس إلى الملكة إليزابيث.

لندن: ولدت الملكة فكتوريا لعائلة لم تكن تريدها، وكانت ابنة عمها شارلوت وليدة زواج فاشل لم يدم إلا ثلاثة أيام، في حين لم يُحتفى بإدوارد السادس ملكًا إلا لأنه ولد صبيًا وليس بنتًاأخرى. وتلاحظ البروفيسورة كيت وليامز، أستاذة التاريخ في جامعة ريدنغ البريطانية، أن سعي العائلة المالكة البريطانية إلى إنجاب ورثة كان تاريخًا حافلًا، كما تبين الولادات الملكية الخمس ادناه التي هزت بريطانيا.



1- ادوارد الخامس: طفل رجل فقير

ولد إدوارد الخامس، الإبن البكر للملك ادوارد الرابع واليزابيث وودفيل، في زمن مضطرب، إذ تزوج والده سرًا في عام 1464،وكان زواجهما حدثًا جللًا روّع البلاط لأن اليزابيث امرأة من عامة الشعب تعيش في لانكستر من دون قطرة واحدة من الدم الأزرق تسري في عروقها. وبعد سنوات قليلة على تتويجها، وقع والدها وشقيقها في الأسر خلال إحدى المعارك وأعدمهما أقارب الملك.

في عام 1470، أُطيح بالملك إدوارد حين كانت اليزابيث حاملًا.فلاذت بكاتدرائية ويستمنستر حيث أنجبت ادوارد في وضع من الحرمان وانعدام الأمن. وجرى تعميده في الكاتدرائية على أنه "طفل رجل فقير".

في عام 1471، أُعيد ادوارد الرابع إلى العرش وأقام نجله ولي العهد في قلعة لادلو وسط انكلترا. وفي 9 ابريل 1483، توفي إدوارد الرابع فسافر الملك ادوارد الخامس الجديد إلى لندنلاعتلاء العرش، لكنه أُلقي في البرج مع شقيقه وأُرجئ تتويجه.وأُعلن أن والده كان متزوجًا حين اقترن بأُمه اليزابيث، وأن إدوارد طفل غير شرعي. ثم توج عمه ريتشارد ملكًا.

سرعان ما اختفى ادوارد وشقيقه عن الانظار في حادثة أصبحت أشهر لغز في التاريخ البريطاني: مَنْ قتل الأميرين في برج لندن؟

2- هنري الثامن: ينجب إبنًا تلهف عليه

حاول هنري الثامن جاهدًا لينجب وريثًا يخلفه على العرش. وبعد ابنتين هما ماري واليزابيث اللتين انجبهما من كاثرين الأراغونية وآن بولين على التوالي، كان البلاط يبتهل طالبًا إنجاب صبي. فوقع عبء هذه المهمة على رحم جين سيمور زوجة هنري الثالثة ووصيفة زوجته الثانية آن بولين.

بعد مخاض عسير في سبتمبر 1537، انجبت جين صبيًااستقبله البلاط بألفي طلقة مدفع من البرج. واضاءت المشاعل أنحاء بريطانيا وقرعت الكنائس أجراسها احتفاءً بالمولود الجديد الذي جاء متعافيًا أُحسنت تغذيته وكاد والده يطير به فرحًا، يحمله في حضنه ويرفعه ليُري حاشيته وريثه على العرش.

في هذه الأثناء، تردت صحة جين التي أنهكها المخاض العسير،وتوفيت بعد أقل من اسبوعين على الولادة. وعلى الرغم من أن الصبي الذي وهبت حياتها لإنجابه ورث عرش إنكلترا بوصفه الملك ادوارد السادس في عام 1547، فإنه توفي بعد ست سنوات عن 15 عامًا فقط.

3-الفتاة الضخمة: أمل الشعب

أنجب الملك جورج الثالث 13 طفلًا لم يكن أي منهم راغبًا في الزواج. وإزاء هذا الطيش الذي يهدد بانقطاع السلالة، نفد صبر الملك حتى وافق نجله ولي عهد العرش أن يتزوج على مضض من ابنة عمه كارولين برونزويك. وكان لقاؤهما الأول كارثة. وأمضى الأمير ليلة الزفاف مخمورًا حُشر رأسه في مشبك الموقد. وبعد ثلاثة ايام انفصل الزوجان.

بطريقة ما، حملت كارولين. وفي عام 1796، كتب الأمير جورج الرابع أن زوجته انجبت "فتاة ضخمة" بعد "مخاض عسير مخيف"، وقررا أن يسمياها شارلوت. وعلى الرغم من أن الأميركان يريد صبيًا، فإنه كتب مؤكدًا استقبال البنت بكل ما لديه من أبوة.

تصالح الزوجان فترة قصيرة، لكن الأمير عاد إلى أحضان عشيقته. وانجب أطفال جورج الثالث الثلاثة عشر نحو 56 طفلًا غير شرعي. لكن عام 1796 شهد ولادة طفل شرعي واحد هو الأميرة شارلوت التي سرعان ما أصبحت "أمل الشعب".

عندما حملت شارلوت من زوجها الألماني ليوبولد، أحد نبلاء مقاطعة ساكسي-كوبورغ، ابتهجت البلاد بحملها. لكن مخاضها استمر زهاء 50 ساعة في نوفمبر 1817 قبل أن تولد صبيًاميتًا. وفي غضون ساعات توفيت هي ايضًا.

صُعقت البلاد بهذا الحدث، لكن اشقاء جورج الرابع بدأوا يبحثون عن زوجات في سباق لإنجاب وريث شرعي.



4- فكتوريا: "هرقل جيب" المثير للسخرية

لم يكن هناك الكثير مما يحفظ هيبة البلاط في ميلاد فكتوريا.فإن والديها دوق ودوقة كينت تزوجا في عام 1818، بعد أن هجر الدوق عشيقته التي بقي معها عشرات السنين ليجد زوجة. كان شقيقه الوصي على العرش غارقًا في الحزن على وفاة ابنته شارلوت. وكان السباق محتدمًا على إنجاب وريث جديد للعرش.

حين ولدت فكتوريا في 24 مايو 1819، فرح الدوق بابنته على الرغم من اعترافه بأنها كانت "اقرب إلى هرقل جيب منها إلى فينوس جيب".

لم يكن افراد العائلة المالكة الآخرون راضين على ولادة بنت. إذ كان جورج الثالث عاجزًا بسبب الجنون، وكان الوصي الذي أصبح جورج الرابع رئيس العائلة. ورفض جورج الرابع أن يمنحالبنت اسمًا بعد اسمها الأول على عادة الملوك.

اراد الدوق أن يسمي ابنته اليزابيث، لكن الوصي اعلن أخيرًاانها ستكون فكتوريا على اسم والدتها. وكان الاسم غريبًا لأن فكتوريا لم يكن اسمًا شائعًا في بريطانيا. والأنكى من ذلك كان يُعتقد انه مشتق من الفرنسية بعد سنوات على انتهاء حروب نابليون.

قال الدوق: "اخوتي ليسوا اقوياء مثلي والعرش سيؤول إلي وإلى أطفالي". لكن الدوق كان مخطئًا، وتوفي بعد أشهر على ولادة ابنته. مع اقتراب فكتوريا من سن البلوغ، ناقش السياسيون تغيير اسمها، لكن والدتها رفضت. وأصبحت فكتوريا ملكة في الثامنة عشرة على الرغم من الامتعاض من اسمها.



5- اليزابيث: بهجة في أوقات عصيبة

عشية الاضراب العام في عام 1926، أنجبت دوقة يورك، زوجة الابن الثاني للملك جورج الخامس، طفلة بعملية قيصرية قرابة الثالثة بعد منتصف ليل 21 ابريل من ذلك العام.

وعلى الرغم من القلاقل الاجتماعية، هللت جموع من المواطنين خارج البيت الذي ولدت فيه الطفلة في منطقة مايفير وسط لندن.وما أن أقر وزير الداخلية جوينسون هيكز شرعية الطفل حتى عاد سريعًا إلى مكتبه للقاء مع مالكي المناجم التي كان عمالها مضربين.

فرح الملك جورج الخامس وزوجته الملكة ماري بحفيدتهما التي سُميت اليزابيث ألكساندرا ماري، وبوصفها ابنة نجل الملك الأصغر، لم يكن متوقعًا أن تعتلي اليزابيث العرش. كان يُنتطر من عمها ادوارد أمير ويلز أن يتزوج وينجب وريثًا. اتضح أن التاريخ قرر أن تؤدي إليزابيث دورًا يختلف عن دورها المتوقع لها حين ولادتها، واعتلت عرش بريطانيا بصفتها الملكة اليزابيث الثانية.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "هستيري إكسترا".