اختارت تونس في العام 2014 أن تتم تجربتها الديمقراطية الغنية والنموذجية، فاختارت الباجي قائد السبسي، الذي يرى فيه التونسيون مثالًا للرئيس العلماني السابق الحبيب بورقيبة.


بيروت: مرّ العام 2014 سريعًا على "التوانسة". فمنذ يومه الأول، كان الحراك التونسي الشعبي مواكبًا لحسم الأمور لصالح ثورة الياسمين، التي أشعلت في بداية العام 2011 موجة الاحتجاج العربي، التي اجتاحت مصر وليبيا واليمن، ولا تزال تجتاح سوريا، بعد أربعة أعوام من ابتدائها.

دستور تاريخي

في 26 كانون الثاني (يناير)، تم إقرار الدستور "التاريخي التوافقي الذي سيشهد له العالم"، كما قال رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، بعدما صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي.

لا شك في أن هذا العام رسّخ مقولة أن التجربة الديمقراطية التونسية منفردة في العالم العربي، وفق الغنوشي. فهذه التجربة الغنية، بالرغم من نجاحها في بلادها، فشلت في الانتقال إلى الدول العربية الأخرى، تمثلًا بانتقال عدوى الثورة.

وفي بداية الشهر نفسه، انتخب المجلس الوطني التأسيسي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، برئاسة رجل القانون شفيق صرصار، وتضم 9 أعضاء، مهمتهم انجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتحديد تواريخ لها، وفقًا لخارطة الطريق التي أقرتها الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني.

كما صادق المجلس الوطني التأسيسي على حكومة برئاسة مهدي جمعة، الذي عينته هيئة الحوار الوطني بعد سلسلة من المداولات جمعت نحو 90 حزبًا سياسيًا تونسيًا.

أول انتخابات

بقي التداول السياسي مستمرًا، بعدما صار الهدف الأساس الوصول إلى الانتخابات التشريعية الأولى بعد إقرار الدستور، وإجراء الانتخابات الرئاسية.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تم اجراء الانتخابات البرلمانية لمجلس نواب الشعب، شارك فيها 69 بالمئة من الناخبين التونسيين، وبرزت فيها أربع قوى سياسية رئيسية في تونس، هي& حزب نداء تونس، ونال 86 مقعدًا، وحركة النهضة التي نالت 69 مقعدًا، والاتحاد الوطني الحر الذي نال 16 مقعدًا، والجبهة الشعبية الائتلافية اليسارية ونالت 15 مقعدًا، من إجمالي 217 مقعدًا.

وفي 26 تشرين الثاني (نوفمبر)، تنافس 27 مرشحًا للانتخابات الرئاسية، مرّ منهم المرشح عن حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي (88 عامًا) والمرشح المستقل المنصف المرزوقي (69 عامًا) لجولة الإعادة.

إلى العلمانية در

وفي 21 كانون الأول (ديسمبر)، حسمت تونس منصب رئيس الجمهورية، ففاز السبسي بالغالبية، بنسبة 55.6 بالمئة من الأصوات في جولة الإعادة، وحصد منافسه المرزوقي 44.3 بالمئة من الأصوات، ليصبح السبسي أول رئيس منتخب في تونس، بعد مرحلة أربع سنوات انتقالية صعبة.

وبعد يومين، أعلن الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي عن تشكل قوة سياسية معارضة، سمّاها "حراك شعب المواطنين"، تضم أحزابًا ديمقراطية هدفها منع عودة الاستبداد، خصوصًا أن السبسي متهم بأنه من فلول عهد زين العابدين بن علي، بالرغم من علمانيته. ويعتبر اختيار التونسيين للسبسي رئيسًا دليلاً على حنينهم لأيام الحبيب بورقيبة الذهبية.

حافل في الأمن

أمنيًا، حفل العام التونسي بالعديد من الأحداث. ففي 10 كانون الثاني (يناير)، صنفت واشنطن تنظيم أنصار الشريعة في تونس إرهابيًا.

وفي 6 شباط (فبراير)، قتل الأمن التونسي كمال القضقاضي (35 عامًا)، المتهم بتخطيط وتنفيذ عملية اغتيال الناشط اليساري شكري بلعيد، والمشاركة في التخطيط لاغتيال نائب المجلس الوطني التأسيسي عن حزب التيار الشعبي محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) 2013.

وفي 28 أيار (مايو)، تعرض منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو، بحي الزهور في مدينة القصرين القريبة من جبل الشعانبي، لهجوم إرهابي أسفر عن مقتل 4 من حراسة.

وفي 16 تموز (يوليو)، قتل 15 جنديًا على يد مسلحين ينتمون لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي في منطقة هنشير التلة بجبال الشعانبي بمحافظة القصرين. وعشية الانتخابات التشريعية، قتل 6 إرهابيين ورجل أمن في منطقة وادي الليل في ضواحي غرب العاصمة في اشتباك بين الأمن وعناصر إرهابية.

وفي 5 تشرين الثاني (نوفمبر)، هاجمت مجموعة إرهابية حافلة تنقل عسكريين، وقتلت 5 منهم وجرحت 10 آخرين في منطقة نبر بمحافظ الكاف. وفي 17 كانون الأول (ديسمبر)، أعلن قياديون في تنظيم أنصار الشريعة مبايعتهم لداعش، معترفين&للمرة الاولى&بقتلهم شكري بلعيد، متوعدين بمزيد من العمليات الإرهابية في تونس.