خاص بإيلاف: يستعد عدد من الحواضر، في مقدمها طهران ودمشق والضاحية الجنوبية في بيروت وأطراف quot;خفيةquot; ممتدة من تل أبيب إلى واشنطن مروراً بلندن لصدمة كبيرة بعد quot;احتفاليةquot; إعلامية لم تدم طويلاً.

المفاجأة الكبرى، حسب ما توفر عند quot;إيلافquot; من معلومات من مصادر قرار هي أن الامير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية، لم يستقل، ولم يعفَ من منصبه، وهو في طريقه الى العاصمة الرياض.
وكان محور طهران روج كثيرًا خلال الثمانية أسابيع الماضية لقصة إبعاد quot;مترنيخquot; السياسة السعودية من منصبه، وهزيمة بلاده في المعركة الإقليمية.
quot;إيلافquot; علمت بأن الأمير بندر سيكون في الرياض بعد أسبوع، بنهاية اجازته، وفترة نقاهته بعد عملية جراحية دقيقة أجريت له في الكتف في أحد المستشفيات الأميركية ثم إجازة في مراكش المغربية، وسيعاود نشاطه من مكتبه، وادارة الملفات الصعبة التي سبق وكلفه بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ تموز (يوليو) 2012.
احتفالية خائبة
احتفالية الصحف السورية وتلك المحسوبة على إيران في لبنان وكذلك وسائل الإعلام الإيرانية ونظيرتها الإسرائيلية والبريطانية سبق لها وأن أعلنت النصر بناء على إشاعة ابعاد الأمير، وان الرياض رفعت الراية البيضاء وقررت الانسحاب من مواجهاتها ضد ايران وحلفائها في المنطقة.
واصبح غياب الأمير بندر مثار إشاعات في الخارج، وكان آخر ظهور لهاجتماعهبالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رحلة دامت عدة أيام لموسكو في كانون الأول (ديسمبر) 2013 وهي رحلة رافقتها تساؤلات كثيرة لاعتبارات الصداقة التي تربط بين بوتين وضيفه السعودي النشيط.
وكذا الحال، فإن عودة الأمير بندر ستفاجئ بعض المواقع الغربية التي تعمدت إشاعة أخبار عن مرضه في الصحافة، مستنتجة خروجه من إدارة جهاز الاستخبارات.
الأمير بندر، وفي منتهى شفافيته المعهودة، وصراحته، كان ألمح خلال لقاءاته مع محادثيه في مراكش، أن هناك إخفاقات ونجاحات للمملكة في الملف السوري، لكنه أكد أن النجاحات فاقت الاخفاقات quot;إذا ما أدركنا أن المجتمع الدولي كله لا يزال حائرًا في شأن هذا الملف الشائكquot;، مضيفاً: ورغم ذلك فإن إخفاقات المملكة ndash; إن وجدت ndash; فهي لا تعادل شيئًا مقارنة بإخفاقات وهزائم الآخرين في الملف ذاته، ولعل فشل تحقيق إيران لطموحاتها على الساحة السورية ابلغ دليل على ذلك.
بندر والخيارات الأميركية
لقد ظلت شائعات quot;إزاحةquot; الأمير بندر تحتل المشهد الإعلامي في الأسابيع الأخيرة، وكانت غالبية التحليلات تربط بين هذا الأمر وتصادم خيارات الأمير بشدة مع السياسة الأميركية الإقليمية، وتعبيره بشكل علني عن quot;انتقاداتquot; لإدارة أوباما، الأمر الذي أثار حفيظة واشنطن.
ويشار هنا إلى أن الأمير بندر بن سلطان أبلغ في تشرين الاول (اكتوبر) 2013 مبعوثين أوروبيين أن المملكة ستحد من تعاملاتها مع واشنطن احتجاجاً على موقفها إزاء سوريا وإيران.
موقف الأمير بندر، استغلته وسائل إعلام إيرانية وحليفاتها السورية واللبنانية، وكذلك صحف بريطانية ومواقع إسرائيلية كما نقلت مواقع الكترونية تديرها الماكينة الايرانية بأن قرارات ملكية سعودية مفاجئة ودراماتيكية سوف تصدر الشهر الحالي، أو الشهر المقبل على أبعد تقدير.
الشائعات - المزاعم
وفي إطار تلك التوقعات - الشائعات المزعومة quot;المطلوب تسريبهاquot; من جهات مناهضة للقرار السعودي فإنه كان من المحتمل أن يبادر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الى إجراء تعيينات وإعفاءات مهمة لشخصيات من داخل العائلة الملكية.
وتجاوزت تلك المزاعم ndash; الشائعات الحديث عن مصير الأمير بندر إلى توقعات عن أدوار أطراف فاعلة ومهمة في القرار السعودي العالي، وساهمت الماكينة الإعلامية الإيرانية - السورية، في بناء الكثير من التوقعات والأوهام في تقاريرها وتحليلاتها على زيارة الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية لواشنطن ولقاءاته مع أركان الإدارة الأميركية وربطتها بـquot;فبركاتquot; ملغومة مكشوفة بتكهنات quot;إقصاءquot; الأمير بندر.
وإلى ذلك، فإنه مع عودة رئيس الاستخبارات السعودية الى الرياض ليكون على رأس عمله، لا بد من الإشارة إلى أنه مع غياب حل حاسم وسريع للأزمة السورية، فإنه لا تراجع للدور السعودي ليس في هذه الأزمة وحسب بل في القضايا الإقليمية مجتمعة أو منفردة، وهذا يعني أن المواجهة مع إيران مستمرة وممتدة، وهي ذات خلفيّات سياسية وعقائديّة ومذهبيّة وعرقيّة مع كل ما يتعلق بذلك من امتدادات جيوبوليتيكية.
وعلى هامش كل التكهنات والمزاعم والأقاويل في المعسكر الإيراني السوري والحلفاء في لبنان، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن القيادة السعودية مؤمنة دائماً بمبدأ الاستمرارية والثبات ومنهج تبادل الأدوار إن لزم الأمر في اللحظة المناسبة بين عناصرها الكفوءة الموجودة دائمًا في quot;مخزنها الإستراتيجيquot; فكل منهم يكمل دور الآخر في المهمات التي تؤديها المملكة على صعيد إقليمي أو عالمي.
انجاز المهمة
ومن هنا تأتي عودة بندر الى مركز عمله ليكمل مهمته التي كان بدأها، وكانت وسائل إعلام غربية تصفه على الدوام بأنه quot;رجل يحب أن يتم أي عمل يبدأهquot;، وما دامت أولى مهامه بعد تسلمه رئاسة الاستخبارات العامة في تموز (يوليو) 2012، هي التعامل مع الملف السوري الشائك، بكل ما فيه من تفاصيل وعقبات وتحديات، أبرزها الدور الإيراني في القضية، ومطامعها التوسعية وتدخلاتها المتواصلة في شؤون الدول العربية، فإنه سيكمل المهمة التي بدأها.
وهنا، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن الأمير بندر اجتمع في مقر إقامته في مراكش قبل يومين مع كل من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وسعد الحريري زعيم تيار (المستقبل) اللبناني، رئيس الحكومة الأسبق.
وفي لقاء بندر ومحمد بن زايد ما ينفي تقارير زعمت في كانون الأول (ديسمبر) 2013 عن وجود خلافات بين الرجلين حول الملف السوري والاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، وذلك على خلفية وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد لطهران غداة توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الغربية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 .
مهمات من مراكش
وفضلاً عن اتصالاته التي يجريها من مقره الحالي في مراكش مع عواصم مهمة في القرار الدولي من بينها موسكو وبكين وواشنطن ولندن، حيث يرتبط بعلاقات وثيقة مع صانعي استراتيجياتها، فإنه أيضاً يلتقي العديد من الشخصيات ويتبادل معهم الآراء حول التطورات الراهنة في اقليم الشرق الأوسط وارتباطاتها بما يدور حالياً من استعادة quot;شبح الحرب الباردةquot; على وقع تداعيات الأزمة الأوكرانية.
وما علمته (إيلاف) هو أن الأمير بندر سيلتقي أخاه غير الشقيق الأمير سلمان بن سلطان نائب وزير الدفاع ونائبه السابق ومساعده النشيط في الملف السوري حين كان نائباً لرئيس الاستخبارات قبل توليه منصبه الحالي.
ومن المنتظر أن يستعرض الأخوان نتائج محادثات الأمير سلمان مع أركان الإدارة الأميركية خلال زيارته لواشنطن في الأيام الأخيرة.