في عيد "إيلاف" الثالث عشر، حملها سياسيون وإعلاميون تونسيون مسؤولية إعلامية كبيرة، أوجبتها ريادتها واحترامها الدائم لجمهورها.


تونس: تمرّ اليوم ثلاث عشرة سنة على ميلاد "إيلاف"، أول صحيفة الكترونية عربية. وفي خضم هذا التدفق الاعلامي الهائل، تواصل "إيلاف" مهمتها الرائدة في تقريب المعلومة من قرّائها، وتجتهد للتفرّد حتى تكون ملاذًا لقرّائها، يتابعون الأخبار والتحاليل والمقابلات الحصرية. هذا ما دأبت عليه "إيلاف"، فكيف يراها قرّاؤها في تونس من المثقفين والسياسيين والإعلاميين؟

في #عيد_إيلاف أيضًا: سياسيون وإعلاميون لبنانيون: رياديّة عابرة للحواجز

انفتاح مبالغ فيه

أبدى الموجّه التربوي الحبيب السباح إعجابه بمحتويات "إيلاف" قائلًا: "لست من المتابعين الدائمين لـ إيلاف لكنني في كل مرة أمرّ من هناك أجد أخبارًا متنوعة في إخراج متميز، مع سرعة التنقل بين مختلف أركانها".

لكن إعجابه لم يخلُ من بعض الإنتقاد: "ما لم يعجبني حقيقة هو الإنفتاح المبالغ فيه من خلال الصور لسيدات إيلاف، فالنفس الإسلامي مفقود تقريبًا في الصحيفة، التي تفتح نوافذها للعلمانيين الذين يحاربون الإسلام بمقالات مسمومة أحيانًا، وفيها مغالطات كثيرة للوضع في تونس بعد ثورة 14 يناير".

واعتبر حافظ الغريبي، رئيس تحرير "الصباح نيوز"، أن "إيلاف" من الصحف الإلكترونية الرائدة في العالم العربي، مؤكدًا أنها متميزة ولها جمهور واسع يتابعها بانتظام، "وكانت مصدرًا للمعلومات التي نعتمد عليها منذ سنوات، خصوصًا أنها اختارت بعد فترة قصيرة من انطلاقها أن تكون شاملة لتجمع أخبار كل الدول العربية". كما لـ إيلاف شبكة مراسلين تمكنت بها من تحقيق الريادة في مجالها في العالم العربي.

مسؤولية كبيرة

هنّأ محمد القوماني، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، "إيلاف" بعيدها، واعتبر أن لها الأسبقية والريادة في الإعلام الإلكتروني العربي، مشيرًا إلى دورها المتميز في السنوات الأخيرة، خصوصًا أنّ الجمهور الواسع يستقي المعلومات والأخبار من المواقع الإلكترونية لسرعتها وعدم كلفتها.

وأشار إلى أن "إيلاف" تحظى بالمصداقية والموضوعية لإعتمادها على مراسلين ذوي خبرة في المجال الإعلامي، "ولم يثبت على إيلاف أنها تسرعت في نشر أخبار لم تتثبت من صدقيتها مثلما نجد اليوم، وما تروج له مواقع الكترونية أخرى لا همّ لها غير نشر الفوضى والأخبار الزائفة".

وأوضح القوماني أن جمهور إيلاف كبير من خلال الإحصائيات لمصداقيتها أولًا، ولإهتمام الصحف الورقية بالمجال الإلكتروني، وهو بقدر ما يمنحها السبق بقدر ما يضعها أمام مسؤولية أكبر وتحديات جديدة في أنها تهتم أكثر بالجانب الخبري السريع للمحافظة على مكانتها وسط هذا التدفق الإعلامي الإلكتروني الهائل".

من جانبه، اعتبر نصر الدين بن سعيدة، مدير صحيفة "التونسية" الورقية والالكترونية، "إيلاف" رائدة الصحافة الإلكترونية، إذ تشير الإحصائيات إلى أنها تحتل المقدمة، وهي مرجع للمواقع الإلكترونية الأخرى حيث فتحت الباب بنجاحها إلى مشاريع أخرى بدأت تخطو مشوارها بثبات، مؤكدًا أنّ محتوياتها تتميز بالصدق والتنوع والثراء. وأضاف: "دور الصحافة الإلكترونية كبير في تقريب وجهات النظر وفتح المجالات المغلقة لتواصل الشباب العربي في كل مكان".

تحترم قرّاءَها

مصباح شنيب، القيادي في الحزب الجمهوري، ليس قارئًا دائمًا لـ"إيلاف" بسبب كثرة المشاغل اليومية، "ورغم ذلك، في كل مرة أزورها أجد فيها ما أبحث عنه من أخبار متنوعة وتحاليل معمقة مع متابعتها المتميزة لما يجري في تونس في تناول موضوعي".

وقال شنيب: "إنها صحيفة محترمة قياسًا لعديد الصحف الإلكترونية الأخرى التي لا تعطي قيمة لقرّائها، واحترامها لقرّائها هو أن تقول لهم الحقيقة، وأن لا تجاملهم".

وعن دور الصحافة الإلكترونية في دعم التواصل بين الشباب العربي، قال شنيب: "تلعب دورًا كبيرًا لأن الصحافة الإلكترونية مقروءة أكثر من الصحافة الورقية ولها مجالات عديدة يمكن أن يكون تأثيرها كبيرًا وإيجابيًا لو استقامت في خطها التحريري".

وأشار القوماني إلى الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام الإلكتروني في هذا التواصل، فهو يعطي فرصة للإطلاع على الكتابات والإبداعات العربية في كل المجالات، والتعريف بها إلى جانب الإهتمام بالوضع العربي في كل الأقطار دون استثناء، فالمستقبل سيكون دون شك للصحافة الإلكترونية دون غيرها.

اختراق الجدار

وأكد بن سعيدة أن الصحافة الإلكترونية تمكنت من اختراق جدار السلطة العربية، وبقدر سعيها إلى إرساء الديمقراطية بقدر زيغها عديد المرات عن هذا المجهود المبذول، فكل تجربة جديدة لا بد أن تمرّ بهزات وارتدادات قبل أن تستقر وتحقق الهدف المرسوم.

وكان الإعلام الإلكتروني يحذو حذو ثورات الربيع العربي، فرد الفعل الفوري والمتابعة الحينية جعلا الأحداث تتتالى بسرعة، وبالتالي أصبح بإمكان أي مواطن أن يلعب دور المخبر والإعلامي والمحلل.
وبيّن أن الصحافة الإلكترونية استطاعت أن تحطم الجدار الذي ترسمه السلطة، "لكن الكثير من هذه الصحف والمواقع الإلكترونية لا تحترم نفسها ولا قرّاءَها، لأنها تشوّش على المسار الديمقراطي"، مشيرًا إلى ظهور مواقع محكومة بدوافع ايديولوجية أو بدوافع فئوية وحزبية لا تتعامل مع القارئ العربي بالإحترام المنشود أي أنها تعمل على توجيهه بعيدًا عن حقيقة الأمور حتى تؤثر عليه في اتجاه دون آخر.

أما رئيس حزب الإصلاح و التنمية فقال: "رغم عيوب الصحافة الإلكترونية وتسريب معلومات بعيدة عن الوثوقية أو منتحلة لصفات مختلفة، فإيلاف تمثل ثورة حقيقية في مجال الإعلام ولها فضل كبير إلى جانب الفضائيات في تهيئة الأجواء للثورات العربية، وبقدر الدور الإيجابي الذي لعبه الإعلام الإلكتروني في ثورتي تونس ومصر، بقدر لعبه أدوارًا سلبية في قوى الثورة المضادة، خصوصًا أنّ الإعلام في الحالة المصرية يواصل صنع صورة بعيدة عن الواقع".

المستقبل للصحافة الإلكترونية

وقال الغريبي إن المستقبل للصحافة الإلكترونية، والصحافة الورقية ستزول بعد فترة، وقد قدمت دراسات إستشرافية أنجزتها المؤسسات الإعلامية الكبرى في العالم أن الصحافة الورقية ستزول في حدود العام 2020 وستكون البداية بالعالم المتقدم الذي شهد تطورًا كبيرًا على مستوى تقنية التكنولوجيا وستليها بقية الدول، ومن بينها الدول الأفريقية، في حدود العام 2040.

وبيّن أن شبكة الإنترنت، وخاصة موقعي تويتر وفايسبوك، ساهمت في خلق الغث والسمين، من خلال ترويج الأخبار التي لا يمكن ترويجها عبر المواقع الرسمية التي تخضع للرقابة في عدد من الدول العربية، وهذا هو الجانب الإيجابي، لكنها في نفس الوقت تنشر الأخبار والشائعات الزائفة، "وبالتالي فالصحافة الإلكترونية تنمو بسرعتين، سرعة طبيعية تقودها الصحف الإلكترونية التي تحترم قرّاءها و سرعة فائقة يقودها عدد من المواقع الإلكترونية إلى جانب مواقع التواصل الإجتماعي، والتي تنشر كل شيء بعيدًا عن المصداقية واحترام القارئ، وهي تتعرض دائمًا لحوادث خطيرة".

آن الأوان

وقال رئيس تحرير الصباح نيوز: "آن الأوان لكي تخلق مواصفات للصحافة الإلكترونية على مستوى العالم العربي تميزها بجديتها ومصداقيتها وموضوعيتها من خلال الثوابت والضوابط المهنية عن بعض المواقع التي لا تعمل وفق منطق الصحافة وأخلاقياتها".

وبما أن إيلاف رائدة الصحافة الإلكترونية، فقد تقدم الغريبي باقتراح هو الآتي: "ماذا لو تعمل إيلاف على جمع كفاءات من العالم العربي، مختصين في الصحافة الإلكترونية ضمن ملتقى بمناسبة عيد ميلادها الثالث عشر، يتم فيه الإتفاق على ضوابط ومواصفات خاصة بالصحافة الإلكترونية، تمنح لأصحابها علامة مهنية تخوّلها أن تصبح علامة تجارية بعد أن تخضع لرقابة من هيكل مستقل".