​في عامها الثالث عشر، أشاد سياسيون وحقوقيون وخبراء مصريون في الإعلام الإلكتروني بـ"إيلاف"، فأكدوا ريادتها ومساهماتها في دعم القضايا الإنسانية، وفي انتاج الأفكار الإيجابية.


القاهرة: تخطو إيلاف نحو عامها الرابع عشر، شابة فتية، تتمتع بالريادة في الفضاء الإلكتروني، بعد أن ظلت واحة لليبرالية وحرية الرأي والرأي الآخر. ورغم ازدحام شبكة الإنترنت على مستوى العالم والمنطقة العربية بآلاف المواقع الإخبارية، إلا أن إيلاف استطاعت الإحتفاظ بموقعها في الصدارة.

منبر حر

وفقًا للناشط الحقوقي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، لعب الاعلام الالكتروني دورًا مؤثرًا في ثورات ما يسمى بـ"الربيع العربي"، مشيرًا إلى أنه يعتبر من الأدوات المهمة التي استخدمها العرب النشطاء.

وأضاف لـ"إيلاف": "الإعلام الإلكتروني ظل منبرًا للحريات ومدافعًا عن مبادئ الديمقراطية، عندما حاولت الحكومات في مصر العودة بها إلى ما قبل 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وما زال مساهمًا فاعلًا ضد السلطات الإستبدادية وأبواق الانظمة السابقة، وما زالت المساحة الأوسع والأبعد عن رقابة الحكومات، والتي يجد فيها الناشطون وطالبو الحرية والديمقراطية مجالًا للتعبير عن أنفسهم والإعراب عن رفض الإستبداد والقمع".

غير مرغوب فيها

وحول دور الإعلام الإلكتروني في بناء موسسات الدولة، وتأسيس الديمقراطيات في بلدان الربيع العربي، أو المنطقة العربية عمومًا، قال عيد: "تنظر الحكومات العربية إلى الانترنت على أنه أداة غير مرغوب فيها، ما يدفعها إلى حجب المواقع وملاحقة الناشطين الذين يمارسون الإحتجاج من خلاله، فالكويت من أكثر الدول ملاحقة للمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك البحرين التي تنفذ اقسى العقوبات بالمغردين".

ونبه عيد إلى أن الانترنت بطبيعته اداة لدعم الديمقراطية، "فالشبكات الاجتماعية هي الاداة الاوسع انتشارًا في استخدام حرية التعبير، والمساعدة على بناء الديمقراطية".

كسرت الخطوط الحمراء

وحول الاحتفال بمرور 13 عاما على انطلاق "إيلاف"، أثنى مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان على موقفها الداعم للحقوق والحريات، وقال: "يذكر التاريخ لإيلاف أنها كسرت الكثير من الخطوط الحمراء، وأنا أحرص على متابعتها باستمرار".

ويعتبر عيد أن "إيلاف" من المواقع الإخبارية الكبيرة التى اثبتت وجودها بالمصداقية والمهنية، موضحًا أنها تعتبر مرجعًا في تكريس حرية الرأي والرأي الآخر. وذكر أنها كانت من ضمن أهم المواقع الإخبارية التي ساهمت في تراكم الوعي لدى أبناء دول الربيع العربي، مشيرًا إلى أنه متابع جيد لـ"إيلاف" منذ اول ظهور لها، ويضعها ضمن قائمة المواقع المفضلة الخاصة به، ويرجع اليها باستمرار. كما أثنى على إهتمامها بـ"نيوميديا" أخيرًا.

شرارة أولى

ويرى الإعلامي المصري جابر القرموطي أن دور الإعلام الإلكتروني في ثورات الربيع العربي مهم جدًا. ويقول لـ"إيلاف": "الشرارة الأولى للثورات العربية انطلقت من الفضاء الإلكتروني مع صورة الشاب الراحل خالد سعيد، عقب وفاته تحت التعذيب في الإسكندرية، التي حققت 1650 مشاركة خلال ساعة واحدة في العام 2010، وانتشرت بسرعة عبر المواقع الإخبارية".

وأفاد القرموطي أن أهم ما يميز الإعلام الإلكتروني هو السرعة في تلقف الخبر ونشره وتداوله، والتفاعل معه من قبل القراء، إلا أنه يرى أن تداول أو إعادة نشر تدوينات أو تغريدات المشاهير أو السياسيين بصفحاتهم بمواقع التواصل الإجتماعي، عبر المواقع والبوابات الإلكترونية، سلوك غير مرغوب فيه، داعيًا الصحافيين إلى العودة للمصدر نفسه أو كاتب التدوينة، ربما يكون هناك توضيح آخر.

وحول دور الإعلام الإلكتروني في مرحلة ما بعد الربيع العربي وتأسيس الديمقراطية، قال القرموطي: "هذا الدور تراجع إلى حد ما، فشعوب بلدان الثورات تشعر بالملل والقلق على مستقبلها، لاسيما في ظل انتشار حالة الفوضى والإنفلات الأمني والتردي الإقتصادي، بالتوازي مع تصاعد موجة التشكيك في تلك الثورات، في أنها مؤامرات قامت من أجل اسقاط نظام والإتيان بآخر، وإتهام الإعلام الإلكتروني بالتسبب بها".

قد تستعيد تأثيرها

وأشار إلى أن مواقع التواصل الإجتماعي لم تعد مؤثرة كما كانت في السابق، وعلى رأسها فايسبوك وتويتر، وقال: "ربما تستعيد تأثيرها في المستقبل". ونبه القرموطي إلى أن الإعلام الإلكتروني، لاسيما المواقع الإخبارية، تجد معاناة شديدة في التعامل مع المصادر الصحافية، وقال إن الوزراء أو المسؤولين لا يدلون بتصريحات للمواقع الإخبارية، ويفضلون عليها القنوات الفضائية في المرتبة الأولى ثم الصحف الورقية، معتبرًا أن المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الإجتماعي في سلة واحدة، ولا يمكن الفصل بينهما.

وأثنى القرموطي على مهنية "إيلاف"، وقال: "إنها تقدم محتوى إعلاميا متميزا جدًا، وما زالت تحافظ على موقعها في صدارة المشهد الإعلامي الإلكتروني".

متنفس وحيد

محمود عفيفي، الناشط السياسي والقيادي السابق بحركة 6 أبريل، إحدى أهم الحركات التي مهدت لثورة 25 يناير في مصر، يرى أن الإعلام الإلكتروني ساهم بدور ريادي في التمهيد لثورات الربيع العربي، معتبرًا أنه كان يمثل المتنفس للمواطنين والناشطين، لاسيما في ظل سيطرة نظام حسني مبارك، الذي وصفه بـ"المستبد"، على وسائل الإعلام التقليدية، التي مارست التعتيم على الفعاليات الإحتجاجية ضده.

وقال عفيفي لـ"إيلاف" إن المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الإجتماعي كانت وما زالت الوسيلة الإعلامية الأسرع في توصيل صوت المحتجين والمظلومين، لاسيما في ظل محاولة السلطات الحالية أو التي تلت ثورة 25 يناير خنق الإعلاميين، أو تضييق مساحات الحرية التي حصل عليها المصريون بدمائهم.

ولفت إلى أن الحكومات العربية أدركت خطورة الإعلام الإلكتروني، فدشنت لنفسها مواقع وصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي، لاسيما فايسبوك وتويتر، من أجل التواصل مع الشعوب، ومخاطبة جمهور الفضاء الإلكتروني، لاسيما أن غالبيته من الشباب الذين ساهموا في إطلاق شرارة الثورات.

مصداقية إيلاف

وذكر عفيفي أن للإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي دورا مهما في مرحلة بناء الديمقراطية، معتبرًا أنها ما زالت بعيدة عن رقابة الحكومات، وتتمتع بقدر من الحرية يمكنها من الكشف عما تحاول السلطة إخفاءه عن الشعوب.

ولفت إلى أن له دورا مهما في التصدي لمحاولات الإعلامي التقليدي تشويه الربيع العربي، وإظهاره على أنه مؤامرة ضد الدول العربية. واعتبر أن للإعلام الإلكتروني دورا مهما أيضًا في العملية الديمقراطية،مشيرًا إلى أنه أداة مهمة للتواصل مع السلطات والمعارضة. كما لفت إلى أن المرشحين الرئاسيين في مصر عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي، لديهما إيمان بأهمية هذا الدور، ودلل على ذلك بأن كليهما لديه صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي، ودشن كلاهما موقعًا إلكترونيًا لنشر أخبارهما عليها.

وتعرف عفيفي إلى "إيلاف" أثناء ثورة 25 يناير، مشيرًا إلى أنها اتخذت موقفًا مهمًا في دعم الثورة، ودعم قضايا الحريات والحقوق في مرحلة ما بعد الثورة. وأضاف: "إيلاف تتمتع بمصداقية كبيرة ومهنية واضحة، وتحافظ على موقع متقدم ضمن أهم وأكثر المواقع العربية مهنية ومصداقية".

لدراسته باستفاضة

وقال جبر الشوفي، نائب رئيس المجلس الوطني السوري في القاهرة، إن السرعة والقدرة على التفاعل ونقل الصوت والصورة جعل من الإعلام الإلكتروني يقف في صدارة المشهد الإعلامي في العالم العربي منذ إندلاع ثورات الربيع العربي. واضاف الشوفي لـ"إيلاف": "الإعلام الإلكتروني يعبر عن روح العصر، فنبضه سريع ومتلاحق تمامًا مثل نبض العصر الحالي، وإلى جانب الإيجابيات الكثيرة هناك سلبيات واضحة، تتمثل في نشر الشائعات، والمعلومات والأخبار غير المنضبطة".

وفي ما يخص مكانة "إيلاف" على خريطة الإعلام الإلكتروني العربي، قال الشوفي: "إيلاف من المواقع المعروفة في المنطقة العربية، وما تضخه يتسم في معظمه بالإتجاهات الإيجابية، ويصب في صالح خدمة الرأي الحر والفكر البناء". ولفت إلى أنه دائمًا ما يقدم الأشياء المفيدة، منوهًا بأنه يتابعه منذ نحو سبع سنوات على الأقل. ونبه إلى أن دور "إيلاف" في ريادة الإعلام الإلكتروني ودعم الربيع العربي يحتاج إلى دراسة مستفيضة.

رفع الوعي

قال الدكتور عادل عبد الصادق، مدير مشروع المركز العربي لأبحاث الفضاء الالكتروني، لـ"إيلاف" إن دوره بدأ قبل مرحلة ما يعرف بـ"الربيع العربي" بسنوات، مشيرًا إلى أنه كان له دور في معارضة النظم السياسية القائمة أنذاك، ورفع الوعي لدى المواطن العربي، لاسيما في ما يخص الحقوق والحريات. ولفت إلى أنه لعب دورًا مهمًا في التعبئة والتمهيد للثورات ضد الأنظمة السياسية التي وصفت بأنها "استبدادية".

وأفاد عبد الصادق أن دور الإعلام الإلكتروني بعد الربيع العربي انخفض في الحشد والتعبئة للجماهير، "إما لأنها أدت الدور المطلوب منها في اسقاط الأنظمة، أو لأن الأوضاع والظروف الراهنة، لاسيما الضغوط الإقتصادية وتردي الأوضاع الأمنية والبحث عن لقمة العيش".

ولفت إلى أن الإعلام الإلكتروني، ولاسيما مواقع التواصل الإجتماعي، حظيت بدخول شرائح جديدة إليها في أعقاب الثورات العربية، مشيرًا إلى أن تلك الفئات بعضها ليس لديه وعي سياسي، وغير قادر على التعامل مع المعلومات التي يتم ضخها في الفضاء الإلكتروني، كعمليات التحريض على العنف، ما ساهم في نشر الفرقة وتأجيج الصراع السياسي.

حراك عربي دائم

وأوضح عبد الصادق أن "تجربة إيلاف رائدة في الإعلام الإلكتروني، سواء أكان من حيث المحتوى أو التصميم"، منوهًا بأنه يعتبر من أول المواقع الإخبارية التي ظهرت على الإنترنت في وقت لم يكن هناك اهتمام بشبكة الإنترنت في العالم بالشكل الحالي.

وأضاف أن "إيلاف" نموذج للإعلام الإلكتروني الناجح، الذي يمكنه توصيل رسالته أو التأثير في الجمهور، أو أن يتحول إلى مصدر أخبار للقنوات الفضائية والصحف التقليدية.

ولفت إلى أن هناك عدة عوامل مهمة لصناعة موقع إلكتروني إخباري ناجح، موضحًا أنه يجب أن يكون لديه قدر كبير من المصداقية، ولديه قدرة على نشر الأخبار المحركة للشارع أو الفكر داخل العالم العربي.

وأشاد عبد الصادق بـ"إيلاف" من حيث التحديث الفوري، واستخدام الصور المرتبطة بالأخبار، معتبرًا أنها عناصر نجاح إضافية. واستطرد قائلًا: "إيلاف ساهم بجهد واضح، في إنتاج الأفكار الحقيقية، وإحداث حراك فكري دائم في العالم العربي".