انتخابات الرئاسة المصرية، التي لم تثر نتيجتها أي مفاجأة مع توقع الفوز الكاسح لقائد الجيش السابق الذي اسقط حكم الاسلاميين، جرت وسط أجواء من "هستيريا" اعلامية واحجام كثيف لمعارضة تتعرض للقمع أو حتى للحظر.


القاهرة: في الانتخابات الرئاسية المصرية، وجد القيادي اليساري حمدين صباحي، المنافس الوحيد لعبد الفتاح السيسي، الرجل القوي في البلاد منذ أن عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي، اول رئيس مدني منتخب ديموقراطياً في مصر، في تموز/يوليو الماضي، نفسه في دور المحلل الذي يضفي عليها الشرعية.

تجميلية

يرى الكثير من الناشطين السياسيين أنها انتخابات "تجميلية" هدفها ترسيخ شرعنة السلطة التي يمارسها الجيش والسيسي عملياً منذ 11 شهراً.

هؤلاء أو من لم يعتقل منهم في اطار حملة القمع الامنية،& اختاروا المقاطعة التي يبدو أنها كانت خيارًا اجباريًا، حيث انهم لم يجدوا مرشحاً يمثلهم.

هكذا التقت القوتان المعارضتان على هذه النقطة. فقد دعت كل من جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي اليها مرسي، وحركة 6 ابريل، التي كانت من مفجري ثورة 2011 التي اطاحت بنظام الرئيس الاسبق حسني مبارك، والاثنتان محظورتان الآن، الى مقاطعة الانتخابات لحرمان السيسي من الاستفتاء الشعبي الواسع الذي طالب به.

واستناداً الى النتائج الاولية، فإن نسبة المشاركة اقتربت من 50%. وحصل السيسي على اكثر من 96% من الاصوات في حين حصل صباحي على اقل من 4%.

فائزون كثيرون

يرى المدون "الفرعون الكبير" أن الفائزين في هذه الانتخابات المحسومة سلفاً هم بالترتيب "الممتنعون عن التصويت، السيسي، الاصوات الباطلة، صباحي".

من جانبها، نددت منى سيف مؤسسة حملة "لا للمحاكمات العسكرية" بـ"يومين من هستيريا" الكثير من مقدمي البرامج التلفزيونية والصحافيين الذين سعوا الى تحفيز الناخبين المتكاسلين مرة بالاستجداء وأخرى بالتهديد.

بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي نددت بدبلوماسية بـ"عدم مشاركة بعض اللاعبين" من المعارضة، ما اعاق "مشاركة الجميع في الاقتراع"، مشيرة ايضاً الى أن السيسي حصل على ضعف ما حصل عليه منافسه في وسائل الاعلام الخاصة رغم أن صباحي كان الوحيد الذي تحدث الى اعلام الدولة.

الإعلام مع السيسي

وبسبب ما يحظى به السيسي من دعم كبير في الكثير من وسائل الاعلام الخاصة والعامة التي يشيد صحافيوها بشجاعة "البطل" وصفاته المجيدة لم يكن المشير السابق في حاجة الى خوض حملة فعلية، رغم أنه اعلن في واحدة من مقابلاته التلفزيونية أنه لن يكشف تفاصيل برنامجه لأسباب امنية.

وفي غمار ثورات "الربيع العربي"، شهدت مصر عزل رئيسين وتدهورًا اقتصاديًا وحملات أمنية اسفرت عن سقوط نحو 1400 قتيل، واعتقالات واحكام بالاعدام على المئات. ورأت منظمة هيومن ووتش في ذلك "مناخًا قمعيًا يقوض بشكل خطير حيادية هذه الانتخابات".

ونشرت حملة "عسكر كاذبون" التي تتزعم حركة الاحتجاج على الجيش تغريدة على موقع تويتر، تقول: "مشير بلا حرب، مرشح بلا برنامج ورئيس بلا انتخابات".

إقبال محتشم

هذه الانتخابات شهدت ايضًا مفاجآت فبعد يومي الاقتراع لم تتجاوز نسبة المشاركة 37%، وهي تعتبر على أي حال نسبة مشرفة في بلد معتاد على ضعف الاقبال على التصويت. لكن ولأن نسبة المشاركة في الانتخابات التي فاز فيها مرسي بلغت 52% قررت لجنة الانتخابات تمديد الاقتراع يومًا اضافيًا.

وقال عادل رمضان، عضو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لفرانس برس، إن "اللجنة بتغيير القواعد في اللحظة الاخيرة اتخذت قرارًا سياسيًا يثير الكثير من الشكوك" في الطابع "الديموقراطي" للانتخابات.

وقال ايضًا الباحث كريم البيطار لفرانس برس إن السلطات الجديدة "اظهرت عدم كفاءة في تنظيم العملية الانتخابية، الامر الذي لا يبشر بالخير بالنسبة للمستقبل".

وفي اول انتخابات رئاسية بعد الثورة، وهي تلك التي نظمت عام 2012، تقاسم المرشحون كلهم اصوات نحو 54 مليون ناخب مصري.

وتساءل احمد سامح مدير مركز اندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف أن "حملة السيسي تؤكد انه حصل على 23 مليون صوت. في حين أنه في عام 2012 حصل المتنافسان في الجولة الثانية معا على 26 مليون صوت. وهذه المرة قاطع الاخوان المسلمون الانتخابات فمن اين اذا جاءت كل هذه الاصوات؟".