أقبل الآلاف من الشبان العراقيين على مركز تطوع لقتال المسلحين الجهاديين الذين سيطروا على مدن عراقية في أعنف هجوم يشهده هذا البلد منذ الحرب الأميركية عام 2003.

&
فر هشام عيسى كامل من بيته فجر الجمعة خلسة من زوجته متوجّها إلى مركز تطوع لقتال المسلحين الجهاديين اقبل عليه الآلاف في بغداد بعدما رفضت زوجته انضمامه إلى هذا "الجيش الشعبي" خوفا على حياته.
&
وقدم كامل (23 عاما) الى مركز التطوع في منطقة مطار المثنى في وسط بغداد برفقة والد زوجته الذي قرر ايضا الالتحاق في صفوف المتطوعين لقتال عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" الذين يسيطر منذ خمسة ايام على مناطق واسعة من شمال العراق.
&
وقال كامل وهو يحمل ملفا وضع فيه اوراقه الثبوتية والعرق يتصبب من جبينه وعلى وجهه ابتسامة خجولة واقفا بجوار عمه "قالت لي زوجتي: لا تصغي الى والدي لانه متحمس اكثر من اللازم".
&
واضاف "انها لا تعي خطورة الاحداث. اذا بقيت انا في البيت، وبقي غيري في&البيت، فمن الذي سيخرج ليدافع عن اعراضنا؟ انها معركة مصيرية".
&
ووقف هذا الشاب الذي مضى على زواجه شهر ونصف الشهر فقط في ساحة التجمع في مطار المثنى وهو يترقب أمر الضباط المسؤولين عن المركز للتوجه الى الشاحنات ونقله مع آخرين الى المعسكرات.
&
بدوره، قال والد زوجته حمد كامل حسين (45 عاما) وهو جندي في الجيش العراقي السابق "سمعت ان التطوع مفتوح لجميع الاعمار، لذا قررت القدوم والمشاركة في الحرب ضد داعش"، وهو الاسم المختصر لتنظيم "الدولة الاسلامية".
&
واضاف حسين وهو أب لعشرة ان "غيرتنا على هذا البلد هي التي دفعتنا للتطوع لمحاربة داعش".
&
وفي لحظة اعطاء أمر الصعود الى الشاحنات، هرول الجميع وتدافعوا قبل ان يقفزوا الى داخل الشاحنة من جوانبها كافة.
&
وقدم آلاف المتطوعين من عدة محافظات عراقية الى هذا المركز الذي يستقبلهم ويجمعهم ومن ثم ينقلهم الى مراكز تدريب اكبرها في منطقة التاجي الواقعة الى &الشمال من بغداد.
&
وقال العميد فاضل عبد الصاحب، آمر مركز التطوع في بغداد ان "الاقبال على التطوع منقطع النظير والأعداد بالآلاف من مختلف الاعمار".
&
واضاف "استقبلنا عددا من الضباط ولديهم رغبة حتى ولو برتبة جندي وليس برتبة ضابط، وحتى الموظفون في الدوائر الحكومية يأتون".&
&
وانسحبت قوات الجيش بصورة مفاجئة من الموصل (350 كلم شمال بغداد) ثاني اكبر مدن العراق يوم الثلاثاء، ما ولد فراغا كبيرا سمح لعناصر "الدولة الاسلامية في العراق والشام" السيطرة على المدينة من دون قتال حقيقي.
&
وتبع هذا الانسحاب تقدم عناصر هذا التنظيم الذي ينظر اليه على انه اقوى التنظيمات الجهادية المسلحة في العراق وسوريا، جنوبا ليعاد نفس السيناريو في تكريت (160 كلم شمال بغداد) عاصمة محافظة صلاح الدين التي دخلوها دون قتال، وكذلك اجزاء من محافظة كركوك.
&
وقال ضابط سابق في الجيش العراقي تقاعد في 2010 وهو يهرول نحو الشاحنات التي تنقل المتطوعين "وجهوا دعوة الى الجيش السابق، ونحن مستعدون للخدمة الوطنية".
&
واضاف ان "حب الوطن هو الذي يدفعني للالتحاق بالجيش مرة ثانية، لا أريد ان يبقى وطننا بيد الارهابيين الذين لا اعرف من اي أتوا. هذا بلد الانبياء والحضارات، لا يمكن ان يحكم من قبل مجموعة من السفلة".
&
وتابع بعد ان انهى مكالمة مع زوجته التي قالت له "اسرع قبل ان يفوت الوقت" انه "لا بد للعراق كله ان يهب وليس نحن فقط.&العراق يتعرض لخطر والجميع لا بد ان يهب، وانا مستعد لتقديم كل خبرتي السابقة من اجل خدمة هذا البلد".
&
وكان الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر القائد السابق لميليشيا "جيش المهدي" اقترح تشكيل وحدات امنية بالتنسيق مع الحكومة العراقية تحت مسمى "سرايا السلام"، تعمل على حماية المقدسات الاسلامية والمسيحية من "القوى الظلامية".
&
لكن فتح باب التطوع الفعلي للعراقيين لمقاتلة المسلحين الذين باتوا على بعد اقل من 100 كلم من شمال بغداد جاء بطلب من رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الذي دعا المواطنين الى الانخراط في القوات الامنية وطلب تسليحهم فورا.
&
واليوم، دعا المرجع الشيعي الاعلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني العراقيين الى حمل السلاح ومقاتلة "الارهابيين"، مشددا على ان "من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده واهله واعراضه فانه يكون شهيدا".
&
وقال انور رياح جابر (25 عاما) وهو من اهالي مدينة الصدر التي تسكنها غالبية شيعية في بغداد ويعمل سائق اجرة "انا اريد ان&احمي البلد. عندما رأيت العائلات مهجرة، لا أكل ولا مياه، قررت التطوع".
&
واضاف وهو ينتظر دوره للذهاب الى مركز التدريب "لم آت على طلب لراتب، الحمد الله لدي سيارة وانا متزوج ولدي طفلان ولست بحاجة الى المال".
&
وعن موقف اسرته وزوجته، قال "الجميع قالوا لي توكل على الله، فهذه فرصة تاريخية لقتال المتطرفين".