&

يرى الساسة الاكراد في كردستان العراق أن ما حصل في الموصل وصلاح الدين قرّبهم من تحقيق حلمهم بدولة مستقلة، يراودهم من عشرات السنين.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: لم يكن يوم 9 حزيران (يونيو) إلا نقطة سرّعت بسقوط الموانع النفسية والأخلاقية لدى القادة الكرد في العراق، بعد أن وصلت خلافاتهم مع الحكومة المركزية إلى نقطة اللاعودة، في لعبة عض اصابع بينهما، حين فاز ائتلاف رئيس الحكومة نوري المالكي بأعلى نسبة في نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 30 نيسان (أبريل) الماضي.
&
ترتيبات جديدة للمشهد العراقي
يقول قيادي شيعي قريب من المالكي لـ"إيلاف" إن منظر السفينة المحملة بالنفط الكردي وهي تدور في موانيء العالم من دون مشترٍ لحمولتها البالغة مليون برميل، مستخرجة من آبار الاقليم، كان سيعود على المركز برد انتقامي لن يتركه أو يؤخره رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني.
ويربط هذا القيادي ما حصل في الموصل بالخلافات الحادة بين المركز والاقليم التي بلغت ذورتها في الخلاف على استخراج وبيع النفط من الاقليم الكردي من دون موافقة بغداد. ويتهم القيادي برزاني بالانتقام من المالكي في احتلال الموصل وانهيار الجيش العراقي أمام تنظيم داعش الارهابي. فبرزاني متيقن من أن ترتيبات جديدة ستغير كل المشهد العراقي الآني، وسيكون للاكراد الفائدة الأكبر منه.

قدس الكرد
ما هجوم القوات الكردية (البيشمركا) على مناطق في ديالي وصلاح الدين والموصل وكركوك لوضع اليد عليها وعلى أسلحة الجيش العراقي وثكناته الا لكسب أوراق تفاوضية لتحقيق مكاسب سياسية وجغرافية مقبلة، خصوصًا في ملف كركوك التي ينظر اليها الكرد على أنها "قدسهم"، كما أسماها الرئيس العراقي جلال طالباني ذات يوم.&
وقال لهم وقتها "الديكتاتور" العراقي السابق صدام حسين إنه يسمح لهم فقط بالبكاء على كركوك، لكن ربما سيبكي أنصار صدام وأعداؤه معًا من غير الكرد، حين تكون عاصمة مقدسة للدولة الكردية، لو تحققت.
أهمية كركوك حتمت على الدستور العراقي تخصيص مادتين لها (١٣٦) و(١٤٠)، لكثرة الخلافات بشأنها بسبب تعدد القوميات التي تسكنها، وغناها بالنفط مادة الحروب في كل عصر، فراحت كل قومية تدعي وصلًا بكركوك التي باتت اليوم كاملة تحت سيطرة قوات البيشمركا الكردية، ولن تغادرها الا بشروط تغير السياسة في بغداد لصالح قادة الاقليم أو من خلالها ينطلق تحقيق الحلم الكردي العتيد في إعلان الدولة الكردية التي باتت على الأبواب، وسط انزلاق البلاد إلى حرب بين السنة والشيعة.
&
تحقيق الحلم
سيطر المقاتلون الأكراد بشكل كامل على كركوك وعلى بعض الأراضي المحيطة في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالي التي تقطنها نسبة من الكرد، وبذلك بسطوا سيطرتهم على 40 % من الأراضي من دون اللجوء إلى معركة واحدة.&
وتشمل الأراضي الجديدة حقولًا نفطية يعتبرها الأكراد حقا لهم وأساسا لإقامة أي دولة مستقلة لهم في المستقبل. كما استولى الأكراد على القواعد التي هجرها الجيش العراقي في كركوك وعلى كل ما تركه من أسلحة وأجهزة تكييف ومركبات مدرعة وآليات، بشكل أعاد إلى الأذهان المشاهد التي أعقبت سقوط صدام حسين في العام 2003، حين كان الوقت قريبا جدًا من تحقيق الحلم الكردي أيضًا في فرصة مشابهة.
وتؤكد القيادات الكردية أنها تركز في أولوياتها على عزل الإقليم عن التداعيات العنيفة التي تهز العراق. وتعتقد إيما سكاي، مستشارة سياسية سابقة للجيش الأميركي في العراق، أن بعض القادة الأكراد كانوا ينتظرون انهيار النظام الحاكم في بغداد، وراهنوا على انهيار المالكي رغم مساعدتهم له.&
أضافت: "بالنسبة للأكراد، سيتحقق الاستقلال الكردي مع انهيار العراق، والمالكي هو من سيدمر العراق على الأرجح، فالاستقلال أصبح وشيكا بالنسبة إليهم، وهو كلام قريب مما يدور في الاجتماعات الكردية اليوم بل ويعلو في مقالات وتعليقات مثقفين كرد".
&
يعضون عليها بالنواجد
نقلت وكالة رويترز عن مصدر في الحكومة الإقليمية الكردية، طلب عدم نشر إسمه، قوله: "الجميع يشعر بالقلق، غير أن هذه فرصة كبيرة بالنسبة لنا، فالدولة الإسلامية في العراق والشام منحتنا خلال أسبوعين ما لم يمنحنا المالكي على مدى ثماني سنوات".
ويستعد الاقليم بكل ما لديه من قوة عسكرية لصد أي هجوم لداعش ضد الإقليم الذي استقبل مئات آلاف الفارين من الموصل بعد احتلالها من قبل داعش.
وبعد مرور اسبوع على ما جرى في الموصل وصلاح الدين، يرتب قادة الاقليم أوراقهم جيدًا وقد قربتهم غزوة داعش بعد أن كان كل حزب كردي يقترب أو يبتعد وفق مصالحه الضيقة تجاه بغداد، ويمسك الكرد بخيوط اللعبة السياسية العراقية جيدًا بل يعضون عليها بالنواجز لترتيب المشهد السياسي العراقي المقبل، أبسطه حكومة تسمح للكرد بتوسيع رقعة إقليمهم بما فرضه الامر الواقع، وأصعبه الانفصال في دولة كردية طال أمد تحقيقها.
&