إيلاف من لندن: أطلق ناشطون عراقيون خلال الساعات الاخيرة حملة شعبية لجمع تواقيع تطالب بمحاكمة والد رضيعة عمرها ثلاثة أشهر، قام والدها بتطبيرها بكربلاء في يوم عاشوراء، فيما تداول ناشطون خبرًا يفيد بوفاتها.

وتوجهت الحملة التي حظيت بحوالي ألفي توقيع فور إطلاقها بالطلب من رئيس مجلس القضاء العراقي الأعلى مدحت المحمود "بإلقاء القبض على والد الطفلة الرضيعة التي اعتدى عليها بالضرب على رأسها بواسطة آلة جارحة في كربلاء يوم العاشر من محرم 2016" الاربعاء الماضي وذلك ضمن الشعائر التي احيا فيها حوالي مليوني عراقي ومسلم من خارج البلاد مراسيم استشهاد الإمام الحسين بن علي بن ابي طالب في واقعة الطف عام 681. وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يفيد بوفاة الطفلة بعد ضرب رأسها بالآلة الجارحة لكنه لم يتسنَّ لـ"إيلاف" بعد التأكد من ذلك.

فيديو تطبير الطفلة، وهي مضرجة بالدماء:

&

&وقد اثار هذا التصرف غضبًا واستنكارًا واسعين، حيث دعا ناشطون ومختصون الى انقاذ اطفال العراق من شعيرة "التطبير" التي يمارسها المسلمون الشيعة لإظهار الولاء للإمام الحسين، حيث تمارس شعائر تؤكد الحزن في شهر محرم من كل عام في تقليد سنوي، يحرص عدد كبير من الشيعة في العالم على الالتزام به&.

ممارسة خطيرة

ومن بين أشهر الممارسات وتعتبر خطيرة وتؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت أو حصول إعاقة هي "التطبير" في يوم العاشر من محرم& ويقصد به ضرب الأشخاص بالسيوف على رؤوسهم وشجها لغاية إظهار الحزن، وكذلك وضع الطين على الرؤوس والأجساد والضرب بالسلاسل الحديدية على الجسد& والزحف لمسافات طويلة.

ولم تكن ظاهرة تطبير الاطفال شائعة في العراق الا انها انتشرت خلال السنوات الاخيرة، حيث يرغم بعض الآباء اطفالهم على تطبير رؤوسهم وضرب أنفسهم بالسلاسل اعتقاداً منهم بأنها تقربهم إلى الله.. ما دعا ناشطين واطباء وبعض رجال الدين الى مطالبة الحكومة بإصدار قوانين تحرم تطبير الأطفال ومحاسبة الآباء والقائمين على تطبيرهم،&مؤكدين انه من الناحية القضائية تعتبر هذه الممارسة انتهاكًا لحقوق الطفل وجريمة يحاسب القانون مرتكبيها .

وتشير مصادر طبية الى أن التطبير يتسبب في انتقال كافة الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الدم مثل أمراض التهاب الكبد الوبائي والايدز والملاريا وغيرها من الأمراض الخطرة. وتؤكد أن العدوى تنتقل خلال ممارسات التطبير عبر عدة طرق احدها من خلال السيوف والأدوات الحادة التي تستخدم في جرح الرأس خصوصًا التي يستعملها عدة مطبرين حتى لو تم تعقيمها بالمطهرات بسبب مقاومة الكثير من الفيروسات المعدية للمطهرات والمعقمات الكحولية، والتي ربما يستخدمها مطبرون لتجنب انتقال العدوى.

خلاف فقهي

ويختلف علماء الشيعة بين تحريم التطبير وتحليله ويستعين كل فريق بمصادره لإثبات صحة وجهة نظره، حيث يقود التيار الرافض لضرب الرؤوس بالأدوات الحادة علماءُ الدين المقربون من فكر رجل الدين الشيعي اللبناني الراحل محمد حسين فضل الله الذي كان يرى أن التطبير يشوه المذهب والدين، وكان يعتبره شكلاً من أشكال إيذاء النفس إلى جانب مخاطر انتقال مرض الإيدز بين الممارسين لهذا الطقس باستخدام نفس الأدوات الحادة.
ومن جانبهم، يصر أنصار ممارسة طقوس التطبير والذين يقودهم تيار آية الله المرجع الشيرازي على مواصلته حتى إن البعض يحوله إلى مصدر لفوائد دنيوية بينها اكتساب الشجاعة وتعديل ضغط الدم واعتدال النبض وخفض كمية السكر في الدم كما يدعون. ويرى أنصار التيار الشيرازي أن وقف& التطبير في عزاء عاشوراء بداية وقف العزاء برمته .

معنى التطبير

يشار إلى أن التطيير لفظ عاميّ مأخوذ من طبر الشيء بالسكين،&واللفظ مستخدم في العراق وما جاوره من عرب الجزيرة الشمالية والجنوبية والخليج والأحواز،&فيقولون طبر الخشبة أو العظم بالطبر (الفأس أو القدوم أو الساطور) فيما يرى البعض أن للفظ أصولاً تركية أو بابلية لأن طَبَرَ في العربية الفصحى لا تصح إلا بمعنى قفز واختبأ.

والتطبير شعيرة دينية عند المسلمين الشيعة ضمن الشعائر المسماة بالشعائر الحسينية التي تقام من أجل استذكار معركة كربلاء والقتلى الذين سقطوا فيها كالإمام الحسين بن علي وأخيه العباس. وتستخدم في التطبير سيوف وقامات أو أي أدوات حادة أخرى، فيضرب المطبرون رؤوسهم بهذه الأدوات لإحداث جرح لإسالة الدماء من الرأس ويردد المطبرون أثناء التطبير كلمة "حيدر"، والتي تشير إلى الإمام علي بن أبي طالب.

ومن الشعائر الحسينية الشبيهة بالتطبير "سلسلة السكاكين" ويكون بإدماء الظهر بسلسلة خفيفة من السكاكين وهذه الشعيرة شعيرة مستقلة وليست من التطبير وقد وقع الخلاف حولها كما وقع حول التطبير. &

مأساة الطف

وتشهد كربلاء خلال شهري محرم وصفر من كل عام توافد ملايين الزائرين من داخل العراق وخارجه&لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب في اليوم العاشر من محرم الحرام واربعينيته التي تحل في العشرين من شهر صفر في نوفمبر العام الحالي.

ويحيي المسلمين الشيعة في العراق والعالم ذكرى عاشوراء في العاشر من محرم من كل عام، حيث تعد من أكبر المناسبات الدينية لديهم وهي مقتل الامام الحسين في أجواء يخيم عليها الحزن وترفع الرايات السود وسط المجالس التي تروي السيرة التراجيدية& للحدث.&

ففي العاشر من محرم، وقعت مأساة الطف حيث قتل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية الامام الحسين مع عشرات من افراد عائلته عام 61 للهجرة المصادف 680 ميلادية بإعتبار هذه المناسبة اكثر الاحداث مأسوية في تاريخ الشيعة، ولذلك تعد زيارة كربلاء خلال عاشوراء من ابرز المناسبات الدينية حيث يصلها مئات الآلاف من الاشخاص سيرًا على الاقدام من مختلف مناطق العراق.