إيلاف - متابعة:&حازت عملية تحرير الموصل في العراق والتي انطلقت منذ أكثر من أسبوع على اهتمام جميع المحللين والسياسيين والإعلاميين على حد سواء، وانتشرت على صفحات الإنترنت والقنوات العربية والعالمية، أنباء عن القتال الدائر حول المدينة بين الجيش العراقي وقوات البشمركة وبين داعش الذي يسيطر على المدينة.

وبدأت التحليلات بنتيجة المعركة تنبثق حيث كتب زلماي خليل زاده، سفير أميركا سابقاً في أفغانستان والعراق والأمم المتحدة، ومؤلف كتاب سيصدر قريباً بعنوان: "المبعوث: من كابول إلى البيت الأبيض: رحلتي في خضم عالم مضطرب"، أنه لا يمكن التنبؤ بنتيجة الحملة لتحرير الموصل، ولكنه استعرض ثماني&نقاط من شأنها أن تحدد نتيجة المعركة.&

١- انتظار قرار داعش

بداية، يشير خليل زاده إلى أهمية الانتظار لمعرفة "قرار داعش" وما إذا كان سيدخل في صراع طويل أم سيقلل من خسائره في العراق، آملاً أن يحارب في يوم آخر. كما قد يهرب مقاتلو داعش إلى سوريا، أو قد يتوزعون في صحراء الجزيرة الواسعة بين الموصل والأنبار، حيث يحظون ببعض التسهيلات. ولكنه حذر من أن قتال داعش إلى النهاية في الموصل سيكلف المدنيين غالياً، وإن يكن التنظيم سيواجه ضربة قاضية إن هزم في الموصل، إذ ستتأثر صورته عالمياً، ومن جهة أخرى، إن تخندق داعش في الصحراء، يعني أن المعركة ضده في العراق ستتواصل لبعض الوقت.&

٢- سرعة المعركة

&يتطرق زاده إلى وجوب ترقب سرعة المعركة "فإذا تحول الهجوم إلى مطحنة طويلة، قد يحاول عدة أطراف، منهم إيران وتركيا وبي كي كي، أو ميلشيات شيعية، ترتيب الأوضاع على الأرض لخدمة مصالحهم. وعندها ستواجه الولايات المتحدة وشركاؤها تحدي مواجهة تلك التدخلات".&

٣- دور الميليشيات الشيعية

هناك دور الميليشيات الشيعية. يشير خليل زاده الى&رفض العبادي مشاركة الميلشيات الشيعية في تحرير الموصل، ولكنه لم يتعهد، في اليوم الأول لبدء العملية، بأن الجيش والشرطة العراقية هم فقط الذين سيدخلون إلى المدينة، ما يعني أن البشمركة الكردية قد تتجه إلى المناطق الكردية في الموصل. ويشاع أنه ستوكل للميليشيات الشيعية مهمة حماية خطوط الإمداد للقوات المتقدمة. ولكن العبادي يفتقر لسلطة قوية تمنع تلك الميليشيات من الالتفاف على قراراته. وقد تورطت قوات الحشد الشعبي في ارتكاب فظائع إثر تحرير الفلوجة مطلع هذه السنة، وإذا استطاعت دخول الموصل، أو التدقيق في هويات المدنيين الفارين، فليس بوسع أحد استبعاد تكرار تلك الفظائع، وربما أسوأ منها.

٤- دور تركيا

يشير زاده إلى تصميم الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، على لعب دور في مستقبل الموصل، ووسط خلافات مع بغداد، قد يتدخل، عند مرحلة ما، في العملية العسكرية. فلتركيا، على سبيل المثال، مصلحة في حماية التركمان السنة، وفي ضمان عدم استبعاد حلفائها السنة العرب من حكم الموصل لاحقاً. كما تخشى أنقرة من توسع نفوذ مقاتلي بي كي كي في منطقة سنجار، بين الموصل والحدود السورية.

٥- بغداد والأكراد

ثمة توترات بين بغداد والأكراد، وذلك بالرغم من تعاون الجانبين في المعركة ضد داعش في الموصل، لكن لا يستبعد نشوب صراع لاحق بينهما. وقد امتنع الأكراد العراقيون عن إعلان استقلالهم عن العراق، ليس لأنهم يعطون أولوية لخطر داعش، بل لأن خلافهم مع بغداد على وضعية مناطق مثل كركوك ومناطق أخرى، تخضع حالياً للسيطرة الكردية.&

٦- الحكم المحلي

يلفت زاده إلى خلافات عميقة بشأن كيفية تنظيم السلطة في الموصل. وتؤيد بغداد تسلم المحافظ الحالي نوفل حمادي، والمجلس المحلي القيادة في نينوى، بدعم من ممثلين عن الحكومة المركزية وحكومة كردستان العراق. ولكن هناك أيضاً مسألة تتعلق بمستقبل مناطق ذات غالبية أو أقلية كردية، وفيما إذا كان سيسمح لها بالاختيار بين الانضمام إلى المنطقة الكردية، أو البقاء ضمن إقليم نينوى الفيدرالي.

٧- احتياجات إنسانية&

&يشير الكاتب الى عدم وجود خطة جادة لإعادة إعمار الموصل بعد تحريرها. فقد نسقت إدارة أوباما مع منظمات دولية من أجل توفير مساعدات لمدنيين فارين من المدينة، لكنها لم تكشف عن أية برامج خاصة بقضايا طويلة الأمد، وأهمها إعادة توطين نازحين ممن لا يستطيعون العودة بعد القتال، كما جرى في مناطق عدة استعيدت من داعش. ومن الضروري مساعدة بغداد على&صياغة خطة إعادة إعمار، وخاصة في ظل أزمة مالية تواجهها جراء انخفاض أسعار النفط والحرب القائمة.

٨- معالجة أسباب جذرية

&يدعو الكاتب أيضاً إلى معالجة الأسباب الجذرية للحرب الأهلية العراقية، والتي تشمل سياسات طائفية اتبعتها حكومات عراقية سابقة، وإخفاق النظام السياسي العراقي في وضع ترتيبات للمشاركة في الحكم.&

وبرأي زاده، إن لم تتم معالجة تلك القضايا، فإن خلفاً لداعش سيظهر لاحقاً، حتى لو هزم التنظيم في الموصل. ومن الضروري التصدي لتحديات قديمة، وخاصة مسألة التوازن بين المركز والمناطق، وهو نقطة أساسية على طريق إنهاء الحرب الطائفية في العراق.

ويخلص خليل زاده إلى أن حملة ناجحة في الموصل تحمل بذور مصالحة تفترض إيلاء مرحلة ما بعد داعش أهمية مناسبة. ولكن، إن لم يتحقق ذلك، فإن نصراً آخر في الموصل قد يؤشر الى&بداية مرحلة جديدة من الحرب الأهلية العراقية.