عبد الاله مجيد:&بناء على تجربة الكاتبة جودي أيتنبرغ، يبدو التعايش مع الألم المستمر مسألة يمكن تحقيقها، لكن بصعوبة. وهي تقدم وصفتها في ذلك بعدما استطاعت التغلب على ألمها.

"الألم رسالة إلى الدماغ بأن شيئًا ما ليس على ما يرام". هكذا قالت الكاتبة الاميركية آنا آلتمان في مقالة مؤثرة عن إدارة آلامها ونوبات الصداع النصفي التي كانت تنتابها، مشيرةً إلى انها كانت تداري أملًا بأن تتلقى تشخيصًا جديدًا يشرح لها أسباب آلامها.&&

أشد انفعالية

تقول جودي اتينبرغ، الكاتبة المتخصصة في&أدب الرحلات، إن آلامها الناجمة من&إصابتها بأمراض عدة،&بينها حمى الضنك واضطرابات الجهاز الهضمي ومرض رينود الذي يصيب الأوعية الدموية الدقيقة، والانهاك الجسدي الناجم من هذه الأمراض، جعلتها أشد انفعالية من قبل، وتأخذ الأمور على نحو شخصي أكثر من السابق.&

وبدلًا من مواجهة أيامها بعزيمة وتصميم، بدأت تتكور على نفسها وتخاف من أبسط الأشياء. وبحسب اتينبرغ، فإن القلق مدمر، لكن عندما يتضافر مع الألم المزمن يصيب بالشلل. لكن القلق في شأن إذا كانت قادرة على تحمل مزيد من الألم لا يزيد الحالة إلا ترديًا.

وكانت المشكلة الأخرى التي عانت منها اتينبرغ أن ألمها لم يكن ظاهرًا عليها، بل من يلقاها يقول إنها في أكمل صحة وعافية. والأسوأ من ذلك أن الألم عند الأغلبية حالة زائلة، لكنه عندما يصبح رفيقًا دائمًا يجعل الأشياء البسيطة التي كانت تساعد من قبل مثل التمارين البدنية، ممارسات خطيرة.

التسليم الصعب

في غياب التوصل إلى حل يوقف "الشعور" بالألم، راهنت الكاتبة اتينبرغ على اعادة النظر بموقفها من الألم، واشتمل هذا على تنمية احساس بالرحمة الذاتية والقبول والعرفان.&

فالقبول بما لا يمكن التعاطي معه ومحاولة السيطرة على ما لا يمكن تغييره كان انتقالًا كبيرًا في طريقة التفكير القديمة عند اتينبرغ. وهي تكتب في صحيفة الغارديان أن موقفها الجديد من الألم يتعارض مع تربيتها الغربية على التسليم بالواقع المر. لكن اصعب شيء هو التسليم بهذا الواقع والمضي قدمًا من تلك النقطة حتى عندما يبدو المضي قدمًا وكأنه زحف بطيء على الأرض.&

"الألم مقيم وجاء ليبقى. وكل ما استطيعه هو اقتطاع فرحي الخاص داخله والقبول بأنه الآن جزء من كياني"، كما تقول الكاتبة اتينبرغ مستعرضة الطرق التي تستخدمها للتعاطي مع الألم.&

طرق التغلب على الألم

1 ـ التأمل صباحًا ومساء. فالتأمل مؤثر ويساعد على القبول بأن الجسم يشعر من لحظة إلى أخرى، "فهذا قلل ايضا من انفعاليتي إزاء نواحي الحياة الأخرى"، كما تقول اتينبرغ.&

2 ـ قراءة الكتب تساعد على التعامل مع الضغط النفسي وادارة الألم. تقول اتينبرغ إنها قرأت عشرات الكتب في هذا المجال، وستعود اليها لأنها تتعلق بالأداة التي ساعدت في تغيير وضعها، في تغيير موقفها من الألم.&

3 ـ التحمل والصمود عملية لها صيرورة. وفي حالة الألم المزمن، تبدو الخطوات الصغيرة قفزات عملاقة. ولا يتحقق التقدم بين ليلة وضحاها.&

4 ـ القبول بالواقع: وتقول اتينبرغ انها بدلًا من الحلم بالاستيقاظ متعافية ذات يوم، عملت بكل بساطة على قبول ما موجود، وهو "أني شخص يواجه مشكلات كبيرة مع الألم واستخدم ادوات لتحمله بصورة أفضل. فهذا هو الواقع وكل ما تستطيع أن تفعله هو التعامل مع الواقع الذي تعيشه وكان هذا يعني بالنسبة لي القبول إن هذه الحدود نافذة، وعلي أن احترمها".&

5 ـ العرفان بالجميل: "ما ساعدني بسيط جدًا، وهو أن اكتب ثلاثة أشياء في نهاية كل يوم، واشعر بالامتنان من خلالها في اطار الواقع الذي أعيشه"، كما تكتب ايتنبرغ مشيرة إلى أن هناك "علمًا وراء هذه الممارسة... وأنا الآن متحسمة لتذكير نفسي بما هو طيب في حياتي، وهو كثير رغم الألم".&

6 ـ الحركة كلما أمكن ذلك. المشي عندما يخف الألم، وحضور دورات لتعلم اليوغا ومط العضلات وصعود السلم. فلكل شكل من أشكال الحركة تأثيره الإيجابي. وتقول اتينبرغ انها معتادة على الألم حين تتحرك، "ولكني مع ذلك أحاول أن اتحرك كلما كان بمقدوري ذلك".&&

الفرح أساس

7 ـ محاولة إيجاد الفرح في الحيز الجديد. تقول اتينبرغ إنها تعد قائمة بالاشياء التي تبعث فيها الفرح، والبدائل إذا كان هذا الشيء المفرح أو ذاك غير متاح، "وإذا لم اتمكن من أكل الفلفل الحار فأطبخ وجبة مسلية في البيت، وهكذا".&

8 ـ الأعمال البيتية المعهودة أو الروتينية في الصباح والمساء. تقول اتيتبرغ انها أعمال بسيطة جدًا، لكنني "اشعر بتحقيق انجاز ما إذا التزمت بإنجازها" على بساطتها.&

9 ـ تغييرات في النظام الغذائي: تقول الكاتبة اتينبرغ انها تشعر بتحسن كبير حين تشرب الماء، "وكأن احدًا يقول لي اني كنتُ مجنونة لعدم الاكثار من شربه". ومن التغييرات الأخرى التي أجرتها في نظامها الغذائي تقليل الكافيين في كوب القهوة اليومي والامتناع عن تناول الكحول (مع استثناءات نادرة)، وتقليل السكر قدر الامكان، وتناول مكملات تحفز نمو البكتريا النافعة في الجسم.&&

10 ـ التواصل مع الآخرين: ينحو الألم المزمن إلى أن يجعل الشخص وحيدًا، وضحية لسوء فهم. لكن الأصدقاء الحقيقيين يحبونك بلا سبب. والتواصل مع الأصدقاء رغم قيود المرض "كان مهمًا حقًا في مساعدتي على الخروج من عزلتي الضبابية"، على حد تعبير اتينبرغ، قائلة في ختام حديثها عن الحياة مع الألم: "اننا بشر مبرمجون للتواصل مع الآخرين وفي اوقات كهذه تحديدًا نحتاج إلى تذكير أنفسنا بذلك".&

&

أعدت "إيلاف" هذه المادة عن صحيفة غارديان

المادة الأصل هنا

&