إيلاف من القدس: في وصفه&الرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون، قال المسؤول السابق في الموساد اليعزر تسفرير إن "ميشال عون لم يملأ عيني يومًا، وليس اليوم إلا شخصية غير مستقرة بلا مبادئ ولا ركيزة أيديولوجية".&

واستذكر تسفرير الذي كان رئيسًا لمكتب الموساد في لبنان سنوات طويلة في ثمانينيات القرن الماضي، في حوار مع "إيلاف" الحقبة التي تابع فيها الملف اللبناني أثناء عمله في الموساد، حيث كان يلتقي الوزير السابق الذي اغتيل مطلع العام ٢٠٠٢،& إيلي حبيقة بوتيرة أسبوعية.

وكان حبيقة في حينها زعيم حزب القوات اللبنانية، ويروي المسؤول في الموساد كيف جاءه حبيقة في احدى المناسبات حاملا رسالة من النظام السوري مفادها أن العلويين والمسيحيين والدروز واليهود أقليات في المنطقة وعليهم الاتحاد معًا ليكونوا أقوياء، فتكون إسرائيل الضمانة العسكرية لهذا التحالف. إلا أن قيادة اسرائيل رفضت الفكرة جملة وتفصيلًا.

يقول تسفرير الذي تولى ايضا الملف الإيراني عشية ثورة الخميني الإسلامية على الشاه، إنه التقى عون بناء على توصية حلفاء إسرائيل في لبنان، أي القوات اللبنانية في حينه، بلقاء بعض الضباط اصحاب الشخصيات الواعدة. ويقول مسؤول الموساد إنه التقى بعضهم مثل الضابط اللبناني انطوان لحد (قائد ما كان يسمى بجيش لبنان الجنوبي الموالي لإسرائيل)، كما التقى في تلك الفترة عون. ويوضح تسفرير: "لكن عون لم يكن شخصية واعدة بنظري، فهو شخص غير مستقر، وكان يبدو لي في حينه حتى قبل أن يستلم قيادة الجيش شخصًا مهتزًا، وهذا ما لمسه زميل لي في الاستخبارات العسكرية بقي على علاقة بعون فترة طويلة بعد ذلك".

في ما يأتي نص الحوار:

ما معنى غير مستقر؟

انظر ماذا فعل عندما استلم رئاسة الحكومة اللبنانية في أواخر الثمانينيات. كان كل همه أن يكون رئيسًا إذ أعلن الحرب على النظام السوري ولم يكن يملك مقومات الانتصار. لم تكن له القوة الكافية، فكان مثل دون كيشوت يحارب طواحين الهواء. نصحه كثيرون، حتى الجيش الاسرائيلي، آنذاك أن لا يقدم على المغامرة، لكنه أصر ورأينا ترحيله إلى فرنسا. لكن بعد عودته انقلب إلى حليف لحزب الله وللنظام السوري، فهل يمكن القول إنه شخصية مستقرة؟

انتصار إيران

لكن الاوضاع اللبنانية معقدة، وتغيير التحالفات أمر اعتيادي هناك؟

التقلبات هناك لا تصل إلى حد تحالف عون مع سوريا من أجل أن يكون رئيسًا. فهو قدم لبنان قربانًا لحزب الله وإيران، وبرأيي أن انتخابه هو إحدى خطوات انتصار محور ايران أو الأصح محور الشر في المنطقة، وعون سيكون أداة بيد نصر الله وحرس الثورة الايراني، ومثال على ذلك أن نبيه بري، حليف حزب الله، يعارض انتخاب عون، واعتقد انه يملك من الشجاعة ما يكفي للاستمرار بموقفه، لكن بري سيسير في ركب حزب الله الذي يهدده ويشكل خطرًا عليه وعلى حركته "أمل".

لكن، قد يحرره خطاب القسم من الاتفاقات السابقة والتحالفات؟&

(ضحك) لن يستطيع ذلك، فهو وضع رأسه بيد حسن نصر الله وايران، وحزب الله هو الأقوى في لبنان، وما يريده حزب الله سيكون. إسرائيل لا تتدخل في الشؤون اللبنانية، ولم نرضَ أن نتدخل لا في السابق ولا في هذه المرة، لا لصالح هذا ولا ذاك. تدخلنا في انتخاب بشير الجميل رئيسًا، لكن بعد اغتياله رأينا أن تدخلنا لم يكن في محله، وان لبنان بلد تحكمه توازنات طائفية ومذهبية وتسيطر عليه جهات خارجية، ولإيران الباع الأطول في هذا المجال.

ألا يساهم التوافق المسيحي-السني-الشيعي على عون في استقرار لبنان؟

كلا. انتخاب عون دفعة وانتصار لحزب الله وإيران، ولن يساهم في الاستقرار، بل سيكرس التفرقة والانقسام. حتى الآن، لم استطع أن افهم لماذا أيّد سمير جعجع ميشال عون والاغرب، هو موقف سعد الحريري. ترشيحه سليمان فرنجية كان غريبًا، ودعمه عون أغرب بكثير. وعلى ما يبدو، جاء الحريري بدعمه عون ليقول انه يعترف بانتصار حزب الله في لبنان.

سوريا&مقسمة

كيف تقرأ الحرب في سوريا اليوم؟

انأ على يقين أن سوريا ستتقسم إلى دويلات صغيرة، وما يقوم به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو توسيع رقعة الدولة العلوية، التي سيحكمها بشار الأسد لا أكثر من ذلك، وهذا لن يكون بعيدًا. وسيكون لبنان جزءًا من التقسيمات في المنطقة. فشمال لبنان ربما يكون جزءًا من الدولة العلوية، والتغيير الديموغرافي في المنطقة على أشده خصوصًا في سوريا والعراق. انظر ماذا حدث بالعراق. أما زال العراق كما كان؟ لا. ابدًا. فهو مقسم إلى دويلات ومناطق نفوذ أجنبية وخارجية ومحلية وشيعية وسنية وكردية وغير ذلك؟

في نهاية المطاف، لا بد من أن تقوم دويلات كردية مثلًا في العراق وفي سوريا وتركيا وايران. فلا يمكن تجاهل حق 40 مليون كردي في المنطقة في تقرير مصيرهم. العلويون سيقيمون دولتهم في الساحل السوري وجبال الشمال الغربي، وللسنة دولة في وسط سوريا، وللدروز دويلة في الجنوب. هذه التقسيمات اصبحت واقعًا وكل طرف يحاول اقتطاع اكبر مساحة ممكنة من الاراضي في مرحلة ما قبل القرارات الدولية والرسمية وتقسيم الكعكة بين القوى الاقليمية والدولية.

أين إسرائيل من ذلك؟

الوضع في الشرق الاوسط حتى الآن مثالي لاسرائيل. الجميع يحارب الجميع، وإسرائيل خارج الصورة. فالاتفاقات الاميركية - الإيرانية اصبحت واقعًا، وانتخاب عون ترجمة لاحد تلك الاتفاقات، لأن السعودية سحبت يدها من لبنان منذ أن اوقفت الهبات العسكرية للجيش اللبناني، والحريري دعم عون بعد تخلي السعودية عن مواجهة ايران في لبنان، لأن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما اوضحت للسعودية أن الاتفاقات مع ايران مهمة بالنسبة إلى أميركا.

رفضنا اغتيال الخميني

هل يمكن أن تتفقوا مع ايران من طريق الإدارة الاميركية بغض النظر عمن سيكون رئيسًا لأميركا؟

لا اعتقد أن قيادة اسرائيل ربما تصل إلى هذا الحد. عندما كنت مسؤولًا عن الملف اللبناني، كنت التقي إيلي حبيقة مرتين في الاسبوع في الاقل. جاءني مرة برسالة من النظام السوري مفادها أن العلويين والمسيحيين والدروز واليهود أقليات في المنطقة وعليهم الاتحاد معًا ليكونوا أقوياء، فتكون إسرائيل الضمانة العسكرية لهذا التحالف. إلا أن قيادة اسرائيل رفضت الفكرة جملة وتفصيلًا، كما رفضت في حينه فكرة أن تقوم باغتيال آية الله الخميني في باريس قبل وصوله إلى طهران في آخر أيام الشاه، الذي توسل لاسرائيل لتقوم بذلك، وذلك لعدم معرفتها نتيجة اغتيال الخميني وانعكاس ذلك على الوضع في تلك الأيام. الولايات المتحدة دعمت موقف اسرائيل خلافًا لموقف فرنسا، التي قالت إنها لن تتدخل في أي عمل هادئ على اراضيها يتعلق بالخميني والثورة الاسلامية الايرانية.