كشف عدد من المنظمات الحقوقية في الجزائر عن تنامي العنف والتحرش الجنسي ضد النساء، على الرغم من تشريع السلطات لقوانين متعددة تمنع العنف ضد المرأة.

إيلاف من الجزائر: دقت منظمات حقوقية وفعاليات المجتمع المدني في الجزائر ناقوس ارتفاع ظاهرة العنف ضد المرأة، بعد تسجيل أكثر من 8 آلاف حالة تعنيف ضد النساء في 2016، على الرغم من دخول قانون العقوبات لحماية المرأة من العنف والتحرش بداية السنة الجارية حيز التنفيذ.

وجاء الكشف عن هذه الأرقام تزامنًا واليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف الـ25 من نوفمبر من كل عام.

وقال هواري قدور، الأمين الوطني المكلف بالملفات المتخصصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، لـ"إيلاف"، إن "العنف ضد النساء من أكبر خروقات حقوق الإنسان التي ترتكب ضد المرأة، لأنه يلغي حقها في المساواة والكرامة والشعور بتقدير الذات، وعلى المجتمع المدني كسر كل الطابوهات من سكوت وعدم تبليغ عن العنف والتحرش بالمرأة".

أرقام مرعبة

وأضاف قدور أنه "رغم دخول قانون العقوبات لحماية المرأة من العنف والتحرش بداية 2016 بعد مصادقة البرلمان عليه شهر ديسمبر 2015، لمحاربة العنف الزوجي وتحسين التشريع الخاص بمكافحة التحرش الجنسي، إلا أن أرقام المديرية العامة للأمن الوطني خلال الاشهر العشرة الأولى من 2016 تظهر ارتفاع حالات الاعتداء على المرأة إلى 8461 حالة ، مقابل 8151 حالة في الفترة ذاتها من 2015، بارتفاع يصل إلى 310 حالات".

وتمثلت الحالات المسجلة في 5047 حالة عنف جسدي، و1570 حالة سوء معاملة للمرأة، و273 حالة اعتداء جنسي ضد نساء، و24 حالة قتل عمد، و4 نساء كن ضحية زنا المحارم. 

ما خفي أعظم

وأوضح هواري قدور أن "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تؤكد بأن هذه الأرقام التي سجلتها مصالح الأمن لسنة 2016 لا تعكس الصورة الحقيقية للنساء المعنفات، بالنظر إلى وجود حالات غير مبلغ عنها لدى مصالح الأمن".

بدورها ، ترى الأمينة العامة للإتحاد الوطني للنساء الجزائريات نورية حفصي أن حالات العنف المعلن عنها لا تعبر عن الواقع باعتبار ان عددا كثيرا من النساء يخفن أن يقدمن شكوى لدى مصالح الأمن.

و قالت حفصي أثناء ندوة حول "مكافحة العنف الممارس ضد المرأة" نظمت بالعاصمة الجزائر إن هذا الرقم "لا يعكس واقع العنف الممارس ضد المرأة في الجزائر لكون أن العائلات الجزائرية محافظة وأن نساءها لا يرفعن شكاوى ضد أحد من الأقارب".

وبحسب حفصي، فإن العنف يمس كل فئات النساء سواء كانت مثقفة أو ماكثة في البيت، سببه الأول هو زوال بعض الخصال من المجتمع "كالتربية والأخلاق"، حيث أصبحت المرأة في بعض العائلات "تعنف وتعاني بصمت بدلاً من أن تقدم شكوى"، إضافة إلى عدم معاقبة المعتدين نتيجة جهل المرأة للقوانين التي سنت من أجل حمايتها.

مساهمة فعّالة

ودعت حفصي إلى التقرب من النساء خاصة اللواتي تعرضن للعنف من أجل توعيتهن وإقناعهن لتقديم شكوى وعدم الصفح على المعتدي، وطالبت السلطات بتوفير الأطر التي تحميهن وتحمي أطفالهن.

أما هواري قدور، فطالب في تصريحه لـ"إيلاف"، بـ"استحداث مقاربة شاملة لحماية الأسرة باعتبارها المحيط الأول الذي ينشأ فيه الفرد، وتتبلور من خلاله شخصيته، وأيضاً توجهاته وميوله المستقبلية، والسعي إلى التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان عامة وبحقوق المرأة خاصة على نطاق واسع، وتسطير برامج نشر الثقافة القانونية والقضاء على الأمية القانونية داخل المجتمع الجزائري".

وشدد قدور على تمكين المرأة من "معرفة حقوقها وكيفية الدفاع عنها وإيصال صوتها وشكواها إلى الجهات القضائية، وعدم السماح أو السكوت عن سلب هذه الحقوق".

أما وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة مونية مسلم، فقد طالبت المجتمع المدني المساهمة بـ"فعالية" في الجهود الرامية للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة.

ودعت مسلم خلال منتدى حول العنف ضد المرأة الخبراء إلى"مواصلة الدراسات والأبحاث الميدانية حول إشكالية العنف في المجتمع بغية اعتماد مراجع علمية في تسطير السياسة الوطنية في هذا المجال".

وأشارت الوزيرة إلى أن الحملات الإعلامية والدورات التكوينية التي تقوم بها مصالحها لتعزيز قدرات الفرق المتعددة الاختصاصات المكلفة باستقبال النساء المعنفات أو من هنّ في وضع صعب، والإصغاء إليهن ومرافقتهن وإعادة إدماجهن تعد من بين "المحاور الجوهرية التي تبنى عليها الإستراتيجية الشاملة لمحاربة العنف ضد المرأة".

وكشفت مسلم عن "التكفل بحوالي ألف امرأة في شدة وفي وضع صعب بمراكز الاستقبال التابعة للقطاع المخصصة لهذا الغرض، واللواتي استفدن من توجيه وتكوين وتكفل اجتماعي".