«إيلاف» من لندن:&طالب حسام حافظ أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي السوري المعارض بمقاربة جديدة للوضع السياسي والعسكري للثورة السورية ومراجعة ما قامت به كل المؤسسات الثورية والمعارضة السياسية والعسكرية، معتبرًا في لقاء مع «إيلاف» أن المراجعة هي المقدمة المنطقية الوحيدة التي قد توصل لنتائج مختلفة، والخوف من المراجعات غير مبرر وغير صحي وغير وطني".

الانتخابات الأميركية

وقال «إنه بعد ما جرى في الأسابيع القليلة الماضية فهناك الكثير ليقال عن نتائج الانتخابات الأميركية من جانب السياسة الداخلية الأميركية ذاتها».

&ولكنه اعتبر أنه من الجانب الآخر « فإن الكثير من السوريين قد تابع تفاصيل الانتخابات ربما بصورة مبالغ بها، إذ عوّل عدد كبير من قيادات قوى الثورة والمعارضة وحتى سياسيي الدول المعنية بالقضية السورية على نتائج الانتخابات، تماما كما عولوا من قبل للأسف على تدخل أميركي مباشر أو عبر قوى إقليمية ودولية".

وأشار الى أنه «المزعج في الأمر حقا ليس أن العديد من الاستحقاقات والفرص كانت قد أجلت وأحيانًا ضاعت في انتظار الساكن الجديد في البيت الأبيض فقط - بعد ان تم الافتراض سلفًا أن السيدة هيلاري كلينتون ستكون هي الرئيس الجديد- وليس أنه قد تم نسج سيناريوهات كاملة بناء على هذا الافتراض وليست أن ثمة تصريحات غير حكيمة قد أطلقت هنا وهناك حيال الرئيس الأميركي الجديد بل المثير للقلق والازعاج معًا أن التفكير المبني على التمنيات وأفكار الاعتماد على الأخرين ما زال سائدًا."

فرصة حقيقية

في المقابل، رأى أن ثمّة فرصة حقيقية الآن أساسها هو تغيير التفكير والأداء السياسي لمتصدري مشهد هذه القوى وإعادة تقويم الموقف بالكامل بعد إجراء مراجعة عميقة لمقاربات الماضي القريب، ودراسة الإنجازات والأخطاء والحرص على الشفافية حيالها ينبع من ضرورة مطلقة لم يعد بالإمكان المجاملة حولها.

وشدد حافظ على « أنه ما يلزمنا فعلا هو مقاربة جديدة للوضع السياسي والعسكري للثورة السورية بعيداً عن أجندات وحسابات الآخرين، وإن وجود رئيس جديد في الولايات المتحدة قد يحمل فرصة لأن تقود تلك المقاربات الجديدة إلى تخطيط أكثر واقعية وانجازًا في إدارة ملفات المستقبل».

ولكن الأساس يبقى كما يؤكد « لقوتنا الذاتية ووحدة الصف والايمان بالله وبشعبنا الصابر والاصرار على وحدة سوريا وشعبها والخروج من دائرة التخوين والتصنيف».

وأضاف « أود أن ألفت الانتباه إلى أمر يتعلق بالانتخابات أيضًا، وهو أن السوريين والعرب وكثيراً من المراقبين الآخرين كانوا قد تبنوا وجهات نظر إعلامية محددة تجاه الرئيس الجديد وهي ليست دقيقة بالضرورة».

وذكر مثالاً على ذلك التقرير الذي أعدته قناة «س إن إن» مؤخرا يتحدث بتسلسل زمني واضح عن أفكار الرئيس الجديد ويعكس صورة مختلفة تمامًا عمّا تمت متابعته من قبل، وأضاف:« إن الإعلام هو الذي لعب ويلعب الدور الأبرز في تحديد ما نراه في مستقبل السياسة الأميركية».

من جانب آخر، لفت الى « أن فوز ترامب الشخص ذو الشخصية القوية والآتي من مكان بعيد عن المؤسسة التقليدية سيحمل فرصًا أكبر في تحدي قواعد محددة لم يستطع الرئيس باراك أوباما تجاوزها حتى لو أراد».

ما حدث في حلب

من جهة أخرى، وجه حافظ خطاباً إلى كل من يتصدر المشهد من السياسيين والعسكريين في سوريا قائلاً «ما حدث في محافظة حلب أمر جلل»

وأكد أن « المصيبة الأكبر أننا كنا نراه قادمًا فنغض الطرف ونفضل التفكير تفكيرًا رغبويًا ساذجًا، والأكثر قبحًا أننا لا نلوم أنفسنا ولا نرى في ما يصيبنا إلا قدرًا محتومًا، فلا نحن قمنا سياسيًا وتفاوضيًا بما ينبغي أن نقوم به، فعملنا على تخفيف الخسائر العسكرية من الجانب السياسي، ولا نحن توحدنا عسكريًا فأوقفنا زحف الأعداء وترجمنا ذلك سياسيًا وتفاوضيًا، ويذكرني حديث البعض الذي يغلف بالسكر الأخطاء الكارثية والأخطار الوشيكة، ببعثيي هزيمة العام 1967 الذين كابروا فأنكروا هزيمتهم العسكرية التي أودت بالأرض والبشر بمقولة عجيبة مفادها أن العدوان قد فشل فعلا لأنه لم يسقط نظام البعث حديث الإمساك بالسلطة آنذاك»، موضحًا "إن تحدث بعضنا عن المراجعة والتصحيح انبرى له آخرين قدحًا وذمًا بذريعة ضرورة الابتعاد عن جلد الذات ودعوى تجنب تفريق الصف وتكسير المجاديف، فيما يغلي صدر واحدنا جراء تجاهل البعض لحقائق دامغة سعيا وراء شعبية زائفة أو مكانة أو حظوة زائلة».

وأضاف: « علينا على أقل تقدير أن كنا جديين بمتابعة ثورتنا وإخراجها من كبوتها أن نراجع ما قامت به كل المؤسسات الثورية والمعارضة السياسية والعسكرية»، مشددا أن « المراجعة هي المقدمة المنطقية الوحيدة التي قد توصلنا لنتائج مختلفة، والخوف من المراجعات غير مبرر وغير صحي وغير وطني والهروب منها اليوم يعني أن يستبدلها كل منا بكتابة مذكراته مواسيا فيها نفسه عما فات وملقيا فيها اللوم على الظروف وعلى الآخرين».

وانتهى الى القول«علينا أن نعي مسؤولية الوصول إلى نهاية غير التي كنا نطمح اليها، مسؤولية ايصال الامور الى نهاية كئيبة لا تليق بشعب قدم كل هذه التضحيات».