واشنطن: راجت بقوة لافتة خلال الحملة الانتخابية الاميركية هذا العام تقارير تتضمن اخبارا كاذبة وشهدت الفترة التي اعقبت الانتخابات أمثلة خطيرة أخرى على هذه الطريقة الاعلامية المضللة في تعليب نظريات المؤامرة ونشرها. &

ويُلاحظ ان قصصاً مثل اتهام هيلاري كلنتون وقياديين آخرين في الحزب الديمقراطي بالانتماء الى عصابة لاستغلال الأطفال جنسياً ، تنتشر على نطاق واسع في زوايا الانترنت المنحرفة، ولكن فرز الواقع عن شبكة التشويهات المموهة على انها حقيقة أصبح كفاحاً شاقاً ومهمة عسيرة على قطاعات واسعة من السكان. &

وقالت كارين دوغلاس استاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة كينت البريطانية لشبكة سي ان ان التلفزيونية "ان المواطنين يتعرضون الى قصف متواصل بالمعلومات من مصادر مختلفة كثيرة وليس من السهل دائماً تمييز ما هو صادق عما هو كاذب، والمصادر ذات المصداقية عن المصادر التي ليس لها مصداقية". &

سبب انتشار نظريات المؤامرة

يؤمن اميركيون من سائر الاتجاهات السياسية بنظريات المؤامرة.& وسمتهم المميزة هي الرغبة في أن يُخدعوا، كما يقول خبراء في علم النفس والاعلام، وصرح البروفيسور بريندان نايهان استاذ العلوم السياسية في جامعة دارتموث الاميركية لشبكة سي ان ان قائلا "ان عشرات الملايين يؤمنون بنظريات المؤامرة وهناك فئة من الأشخاص يؤمنون بالكثير من هذه النظريات، وهذا ليس انعكاساً& لمرض عقلي أو حالة مرضية بل امر شائع بين اشخاص اذكياء". &

الجديد هو انتشار الهمسات الخبيثة وسرعة تحولها الى قصص شائعة.& ويقول البروفيسور نايهان "ان البعض يستطيعون تضخيم اشد نظريات المؤامرة فاعلية ونشرها بين جمهور واسع" مشيرا على سبيل المثال الى رواج التغريدات التي يطلقها الرئيس المنتخب دونالد ترامب على تويتر.& واضاف نايهان ان مثل هؤلاء الأشخاص يستطيعون استثمار نظريات المؤامرة التي يعتقدون انها الأكثر إثارة أو تسلية أو الأكثر ترويعاً. &

استغلال الضعف وصنع "الآخر"

يلاحظ خبراء ان القنوات الاعلامية يمكن ان تتغير بمرور الوقت ولكن الطبيعة&الضارة للتضليل الاعلامي الشائع هذه الأيام لا تختلف عن الأكاذيب التي كانت تُروج قبل نصف قرن. &

ويقول بوب غولدبيرغ استاذ التاريخ في جامعة يوتا الاميركية ان نظريات المؤامرة "ترياق ضد العجز لأن اعطاء مسؤولية وتوجيه اصبع الاتهام واستهداف أحد ما يمنح الأشخاص احساساً بأنهم يعرفون ما يجري". &

وتنبثق نظريات المؤامرة من رغبتين قويتين هما الاحساس بالسيطرة حيث تكون السيطرة معدومة وتحديد عدو حيث يكون العدو غائباً أو من الصعب تحديده.& وينتمي الى الفئة الأولى من يقولون ان هجمات 11/9 على نيويورك وواشنطن في عام 2001 كانت "من تخطيط وتنفيذ الحكومة الاميركية، ومن يقولون ان مقتل 20 تلميذا و6 معلمين على يد مسلح هاجم مدرسة ساندي هوك اواخر 2012 لم يحدث قط".

وتقول المعلمة آبي كليمنتس التي كانت في الصف يوم وقع الهجوم انها وذوو الضحايا كانوا اهدافاً لاساءات المؤمنين بأن الهجوم لم يقع وان اصحاب نظريات المؤامرة "يحاولون اسكات الضحايا والناجين من فواجع رهيبة". &

ويوضح البروفيسور غولدبيرغ ان المؤمن بنظرية المؤامرة لا ينظر الى من يعارضه على انه "شخص قد يكون مخطئاً أو له رأي مختلف يمكن تغييره بل ان من لا يتفق معه شخص ارتكب خيانة، وتنكر لبلده.& وهذا يضعه في خانة مختلفة حيث يجب ان يُعاقب". &

سهلة التصديق وصعبة التفسير

أصبحت طبيعة نظرية المؤامرة التي تبدت على مسارح كبيرة خلال العامين الماضيين معروفة حتى للمراقب الذي يتابع وسائل الاعلام والسياسة بشكل عرضي، وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة ميامي البروفيسور جوزيف اوسينسكي لشبكة سي ان ان "ان هذه القصص شائكة ومعقدة أكثر بكثير من الواقع أو التفسيرات الرسمية.& لدى اصحابها نظرة الى العالم وعندما يحدث شيء فانه يضع هذه النظرة على المحك.& وهكذا عندما يسمع احد الجمهوريين بوفاة القاضي انتونين سكاليا عضو المحكمة العليا لا يكون من الصعب الشعور بالخسارة وانتقال السيطرة على هذه المؤسسة الى الطرف الآخر وبالتالي القول "لا بد ان اوباما هو الذي قتله" رغم ان هذا كذب". &

يواجه المتحققون من صدق ما يشاع مهمة صعبة في مثل هذه البيئة.& واجرى البروفيسور نايهان وزميل له دراسة لآثار المعلومات المصحَّحة في التقارير الاخبارية التي يستهلكها الجمهور.& واكتشف الباحثان ان البعض يزدادون تمسكاً بمواقفهم الأولى رغم تصحيح المعلومات الخاطئة التي استندوا اليها. &

وقال نايهان لشبكة سي ان ان "ان التدقيق في الحقائق ضروري ولكنه لا يكون فاعلا على الدوام كما نريد ويجب ان ننظر بتحفظ الى الفكرة القائلة ان تدقيق الحقائق يمكن ان يتصدى لآثار التضليل الاعلامي لا سيما مع نظريات المؤامرة لأنها بطبيعتها لا تقبل التكذيب".

أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف عن موقع شبكة "سي ان ان".& الأصل منشور على الرابط التالي

http://edition.cnn.com/2016/12/05/politics/pizza-gate-conspiracy-theories-why-believe/index.html

&

&