أحرز الجيش السوري والمجموعات الموالية له الاثنين تقدما جديدا في مدينة حلب حيث دخلت المعركة "مرحلتها الاخيرة"، وباتت سيطرة الفصائل المعارضة تقتصر على اقل من عشرة في المئة من الاحياء الشرقية التي يتكدس فيها آلاف المقاتلين والسكان.

بيروت: اكد مصدر عسكري سوري في حلب لوكالة فرانس برس ان "العملية العسكرية للجيش على الاحياء الشرقية اصبحت في خواتيمها"، مضيفا "لم يبق بيد المسلحين الا عشرة في المئة من هذه الاحياء".

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس صباح الاثنين ان "المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حاليا ليست الا جزءا صغيرا ومن الممكن ان تسقط في اي لحظة". وأضاف "يمكن القول ان معركة حلب بدأت الدخول في المرحلة الاخيرة، بعد سيطرة قوات النظام على اكثر من تسعين في المئة من مساحة الاحياء الشرقية". ومن شأن خسارة حلب ان تشكل نكسة كبيرة وربما قاضية للفصائل المقاتلة.

وتمكنت قوات النظام الاثنين وفق المرصد، وتحت غطاء جوي كثيف، من السيطرة على حي الشيخ سعيد الاستراتيجي في جنوب الاحياء الشرقية. كما استعادت حي الصالحين، الذي كانت تسيطر على اجزاء منه، وعلى اجزاء كبيرة من حي كرم الدعدع، وباتت تسيطر ناريا على حي الفردوس، وفق المرصد.

وأكدت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان وحدات من الجيش والقوات الرديفة اعادت "الامن والاستقرار الى عدد من الاحياء والمناطق فى الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة حلب" بينها الشيخ سعيد والصالحين وكرم الدعدع. ونقلت عن مصدر عسكري ان وحدات الجيش "تتابع تقدمها باتجاه احياء الكلاسة وبستان القصر وسوق الهال".

ووصف بسام مصطفى، عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين الزنكي، ابرز الفصائل في حلب، لصحافيين عبر الانترنت ما يحدث في شرق المدينة بـ"الانهيار المريع"، موضحا ان "المقاتلين يتراجعون تحت الضغط، والامور سيئة جدا".

واوضح ان قوات النظام "تتقدم في حلب الشرقية تحت وابل من النيران والقذائف والقصف". واشار الى ان "القتلى والجثث على الارض"، مبديا خشية كبيرة على مصير المدنيين الذين نزحوا او الموجودين في احياء يدخلها الجيش.

كل قذيفة تسقط تهدد بمجزرة
وذكرت مراسلة فرانس برس الموجودة في غرب حلب ان دوي الغارات والقصف على القسم الشرقي لم يتوقف طيلة الليل بشكل عنيف ومكثف.

وبحسب عبد الرحمن، تحتفظ الفصائل المقاتلة حاليا "بسيطرتها بشكل كامل على حيين هما المشهد والسكري، في حين تتقاسم السيطرة مع قوات النظام على الاحياء الاخرى المتبقية"، علما ان ثلاثة منها على الاقل مقسومة بين الطرفين منذ 2012، وهي صلاح الدين والعامرية وسيف الدولة.

وأحصى المرصد الاثنين نزوح اكثر من عشرة آلاف مدني خلال الساعات الاربع والعشرين الاخيرة من أحياء سيطرة الفصائل الى القسم الغربي او الاحياء التي استعادها الجيش أخيرًا. وبات عدد المدنيين الذين فروا منذ منتصف الشهر الماضي نحو 130 الفا، وفق عبد الرحمن. بينما افادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" عن خروج 3500 شخص فجر الاثنين من جنوب شرق حلب.

وأشار عبد الرحمن الى ان "بعض الاحياء تحت سيطرة الفصائل باتت خالية تماما من السكان، فيما تضم احياء اخرى عشرات آلالاف من المدنيين الذين يعانون من اوضاع إنسانية مأساوية". وتحدث عن "مخاوف حقيقية على من تبقى من المدنيين في احياء المعارضة"، معتبرا ان "كل قذيفة تسقط تهدد بارتكاب مجزرة في ظل الاكتظاظ السكاني الكبير".

وقال مدير مكتب حلب في منظمة "يونيسف" رادوسلاف رزيهاك في بيان الاحد "لم أر بحياتي مثل هذا الوضع المأساوي الذي يعانيه الاطفال في حلب". وقدر ان نصف مليون طفل في حلب يحتاجون الى دعم نفسي واجتماعي بينهم مئة الف يحتاجون مساعدة من مختصين.

ومنذ بداية هجومها الاخير في منتصف نوفمبر على شرق حلب، أحرزت قوات النظام تقدما سريعا. ويرى كبير الباحثين في مركز "كارنيغي" للشرق الاوسط يزيد الصايغ ان سيطرة النظام على مدينة حلب "ستكسر ظهر المعارضة المسلحة (...) ويصبح من الممكن اخيرا تجاوز التفكير بامكانية الاطاحة بالنظام عسكريا".
&