لا يزال أصداء التفجير الذي طال الكنيسة البطرسية قرب الكاتدرائية المرقسية والمقر البابوي للأقباط الأرثوذكس في القاهرة صباح الأحد الماضي، يطرح السؤال حول الأسباب الكامنة وراء استهداف المسيحيين في الشرق.

إيلاف من بيروت: اعتبر المركز الكاثوليكي للإعلام أنه "إزاء التفجير الذي طال الكنيسة البطرسية الكائنة قرب الكاتدرائية المرقسية والمقر البابوي للأقباط الأرثوذكس في القاهرة صباح الأحد الماضي، أن هذا الاعتداء المتعمد، والذي ذهب ضحيته 25 شهيدًا قرب مذبح الرب، وواحد وثلاثون جريحًا، لهو عمل إجرامي دنيء، يدخل ضمن الاعتداءات التي يتعرّض لها المسيحيون في أكثر من بلد في الشرق الأوسط والعالم، وهو يهدف بالطبع إلى زعزعة الأمن، وإلى بث الرعب والخوف في نفوس المسيحيين، وزرع بذور الفتنة بين المواطنين".

وأكد المركز أن "رسالة المسيحيين في هذا الشرق هي الشهادة للمحبة المتجسدة والاستشهاد في سبيل نشر ثقافة الحب والسلام في مواجهة العنف والتعصب، وعليه فإن مثل هذه الاعتداءات لن تزرع في نفوسهم سوى المزيد من الرجاء والتشبث بإيمانهم الداعي إلى تحقيق رسالة الشراكة بالمحبة في هذا الشرق".

وأهاب بـ"المسؤولين المصريين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية المصرية عبد الفتاح السيسي، المعروف بانفتاحه على مختلف مكونات المجتمع المصري، بأن يعمل مع المسؤولين الأمنيين لكشف ملابسات هذا الاعتداء، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المعتدين، والسهر على منع تكرار مثل هذه الحوادث بحق دور العبادة وتأمين الحماية اللازمة لها".

لا رؤية موّحدة&
عن وضع المسيحيين اليوم في ظل التهديدات التي يعيشونها في الشرق الأوسط، يؤكد النائب سليم سلهب في حديثه لـ"إيلاف" أن "وضعنا اليوم كمسيحيين في المشرق يتمحور حول ضرورة إيجاد رؤية موحدة تجمعنا، في لبنان خصوصًا، ولكن كتكتل تغيير وإصلاح لدينا موقفنا، وهو ضد التطرّف الديني، مهما كان الدين، ومن أي طرف كان، جميعنا مع الاعتدال ومع الوصول إلى دولة مدنية أكثر من كوننا دولة طائفية ذات طابع ديني، حتى لو كان طابعًا معتدلًا".

هل فعلًا هناك خوف على مسيحيي لبنان، كما بات الخوف يهدد مسيحيي المشرق ككل في سوريا والعراق ومصر؟. يؤكد سلهب أن "الخبرة علمتنا ذلك بعد الأحداث التي جرت في العراق، حيث كان الجيش الأميركي متواجدًا، وهو أقوى جيش في العالم كان يحتل العراق، رغم ذلك رأينا النتائج على مسيحيي العراق، وما الذي حصل معهم، أكبر جيش في العالم لم يستطع أن يحمي الأقليات المسيحية الموجودة في العراق، وقد اضطرت هذه الأقليات إلى الهجرة بطريقة مأساوية، من هنا الخوف كبير على مسيحيي المشرق ككل، لأن ما يحصل اليوم حرب طائفية مذهبية مع مختلف الفرقاء، وهو أمر مخيف، أن تدخل كل الأحزب والطوائف في حرب في ما بينها، من أجل أن تبقى إسرائيل دولة يهودية مرتاحة على وضعها، ولا أحد عند العرب يطالب بما يضرها".

لأنهم أقلية
لماذا هذا الاستهداف الدائم للمسيحيين في الشرق الأوسط؟، يجيب سلهب "لأنهم أقلية، واليوم أصبحوا ضعفاء، إن كان في الإدارة أو الحكم أو السياسة، والضعيف دائمًا مستهدف أكثر من غيره، ولا نزال نسبيًا صامدين في لبنان، إذا ما قارننا أنفسنا ببعض الدول العربية، لا يزال مسيحيو لبنان يتمتعون بمراكز في الإدارة والقرار السياسي، ولا نزال نتعاطى بأمورنا السياسية، بينما في دول أخرى الأقلية المسيحية لا تتعاطى بأي شأن سياسي، ولا يُنتخبون، بل يتم تعيينهم، وهذا يعني أن لا حقوق مدنية لهم مكتسبة بالحد الأدنى، لذلك نشهد أن الأقليات المسيحية في المشرق العربي هي التي تدفع الثمن في البدء".

وفي ظل غياب أي دعم غربي لمسيحيي المشرق، يرى سلهب أن "دول الغرب لا تهمّها سوى مصالحها الآنية، من هنا لا يمكن الاتكال على الغرب، والقول إنه سيحمينا كمسيحيين، إذا استطعنا وضع أنفسنا في موقع تكون للغرب مصلحة فيه، عندها يهتم الغرب بنا، وحتى الآن لم نضع أنفسنا في موقع يكون الغرب بحاجة إلينا اقتصاديًا وله مصالح عندنا".

هل يبقى المسيحي مستضعفًا في الشرق؟، يرى سلهب أن "الأمر يعود إلى كيفية تصرف المسيحيين في لبنان خصوصًا، إذا عرفنا تثبيت موقعنا في البلد، من الممكن أن يكون لبنان مرآة لسائر الدول، من خلال أخذ لبنان نموذجًا كي يعود مسيحيو المشرق إلى مواقعهم ونفوذهم".
&