خرجت "إيلاف" من دائرة الأمان، وبلغت أقرب نقطة عسكرية في عمق الجبهة في عسيلان، لتنقل ما رأته بأم العين من بطولة أفراد اللواء 21 ميكا، في حمى طائرات التحالف العربي التي تمهد لهم الطريق إلى النصر.

شبوه: يواصل الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية، بإسناد من طيران التحالف العربي، دك مواقع ميليشيات الحوثي الانقلابية وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح في مديريتي عسيلان وبيحان شمال غرب محافظة شبوة النفطية.&

وقال مصدر ميداني محلي إن 17 حوثيًا لقوا مصرعهم في المعارك الضارية التي جرت في الساعات القليلة الماضية، ووقع عشرة آخرين في الأسر، بينهم طفل لا يتجاوز 12 عامًا جنّد للقتال في صفوف الانقلابيين.

في عسيلان نحو ستين ألف نسمة، وهي مديرية مترامية الاطراف، معظم مناطقها صحراوي اوشبه صحراوي. أهم مدنها عاصمتها عسيلان، ومدينة النقوب التي تقع على طريق شبوة - صنعاء. تكمن أهميتها الاقتصادية في أنها منطقة وافرة النفط؛ إذ يبلغ انتاج حقول جنة عسيلان زهاء ثمانين ألف برميل يوميًا. كما تشتهر هذه المديرية بانتاج كثير من المحاصيل الزراعية، وخصوصًا وادي بلحارث.

في الطريق إلى جبهات القتال&

"ايلاف" حضرت ميدانيًا في منطقة الصفراء بمديرية عسيلان، فكانت لها مشاهدات حية من جبهات القتال.

كان الانطلاق من مدينة عتق، المركز الاداري لمحافظة شبوة، في السادسة صباحًا. خارج عتق نقطة عسكرية تابعة لـ"محور عتق" يتأكد عسكريوها من بطاقات إثبات الهوية الشخصية، وهو أمر لم يعتده اليمنيون. قلنا للجندي: "لا نملك بطاقات"، وبعد أخذ ورد، وتأكيدنا أننا من سكان بلدة عتق، سمح لنا بمتابعة طريقنا على مضض. علمنا في ما بعد أن هذه مسؤولية هذه النقطة الأمنية البحث عن جنود فارين من جبهات القتال، سواءً أكانوا مع الشرعية أو مع الانقلابيين.

بعد ثلاث ساعات من المسير في طريق إسفلتي تخلتته كثبان رملية، وصلنا إلى مؤخرة جبهة القتال. توقفنا في محطة وقود حيث انتظرنا قليلًا ريثما تنتهي ترتيب نقلنا إلى مقر القيادة العسكرية في الجبهة.

تحركنا في سيارة أخرى في طريق رملية صعبة، فكادت السيارة أن تنقلب بنا بين الكثبان الرملية العالية، فطريق الاسفلت نكشوفة للحوثيين، كما قال سائقنا الذي يظن أنهم زرعوها ألغامًا.

إلى الأمام

بعد نحو ربع ساعة في مسير سريع وسط كتل رملية متلاصقة، وصلنا إلى تل صغير ينتشر عشرات الجنود في أرجائه. تركنا السيارة ومشينا صعودًا إلى رأس التل، حيث جنود اللواء 21 ميكا في حدود منطقة الصفراء الاستراتيجية التي لا تبعد كثيرًا عن منابع نفط عسيلان بشبوة. كان هناك &العميد جحدل حنش العتيقي، قائد اللواء الذي ينتمي إلى قبيلة العوالق، أحد أكبر قبائل الجنوب وأشدها نفوذًا، سياسيًا وعسكريًا وقبليًا. وكان العتيقي المعروف بحماسته الوطنية يشاهد بالمنظار التحركات العسكرية في مقدمة الجبهة، ويستخدم الهاتف الجوال واللاسلكي لتوجيه قادة الكتائب في ميدان المعركة. كان هدير طائرات التحالف العربي مسموعًا بوضوح، وهي تحلق في سماء جبهة القتال، وتقصف مواقع الانقلابيين.&

وجات البشرى: تقدمت إحدى كتائب الجيش الوطني بضع كيلومترات في الصفراء، فساد الفرح بين الجنود. علا صوت: "إلى الامام"، فنزل الجميع من التل يستعدون للتقدم في عمق منطقة الصفراء.
&
مصممون على النصر

اتجهنا مع جنود اللواء 21 ميكا للالتحام بالكتيبة الرابعة التابعة للواء نفسه، يقودها العقيد مهدي ناصر برهود. كانت كتيبة الابطال التي لا تفارق مقدمة الجبهة. وجدنا الكتيبة هذه رأس حربة، يطلق افرادها قذائف المدفعية والدبابات باتجاه الانقلابيين، فرأينا دخان هذه القذائف وهي تسقط على مواقع العدو.

لم يكن الاقتراب من العقيد برهود سهلًا لإنشغاله بالعمليات العسكرية، لكن استجاب لطلب "إيلاف" شريطة الاقتضاب في التصريح. قال، بينما القصف مستمر وسط صحراء الصفراء: "اليوم ساعة الصفر، أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يخوضون معركة الشرف والبطولة لدحر الانقلابيين والمتمردين، نقترب الآن من الوصول إلى آخر منطقة الصفراء، وهي صحراء واسعة، المشكلة التي تواجهنا هي الالغام التي زرعها المتمردون، وهي تؤخر تقدمنا، قوات المقاومة والجيش الوطني مصممة على دحر الانقلابيين، وتعمّ الجنود حماسة وطنية كبيرة".

أضاف: "التنسيق تام مع قائد اللواء العميد جحدل، ومع باقي القادة العسكريين، ونبشركم بالنصر النهائي قريبًا جدًا". وفي هذه اللحظة، أطلق جنود برهود هتافات التكبير والنصر والتأييد.

لا يهتمون

تحركت قيادة اللواء، ومعها أفراد الكتيبة الرابعة وأفراد كتيبة أخرى مساندة نحو الامام. كانت أصوات المدافع تدوي بقوة وسط صحراء الصفراء، بينما رأينا طائرات التحالف تستهدف تجمعات الانقلابيين.
مرت بجانبنا دبابة للجيش الوطني ومجموعة من سيارات الأطقم العسكرية لتعزيز المقدمة، فحماسة الجنود وتضحياتهم جعلتهم لا يهتمون أحيانا بتنظيف الفرق المختصة المناطق المحررة من الالغام قبل الدخول إليها.

فجاة، تسقط قذيفة هاون بجانب سيارتنا فنسمع انفجارًا شديدًا. أسرع سائق السيارة التي تقلنا إلى الانطلاق بالسيارة سريعًا إلى الخلف قائلًا: "نيران الحوثي... نيران الحوثي". ما أصيب أحد منا بأذى، وابتعدنا كيلومتر إلى الخلف لتأمين انفسنا.

لن تتوقف

على جبهة أخرى في مديرية عسيلان أيضًا، تخوض قوات اللواء 21 مشاة، الذي يقوده العميد مسفر الحارثي، معارك ضارية ضد الانقلابيين. وكنا التقينا العميد الحارثي، وشاهدنا كيف استطاع إعادة هيكلة اللواء 21 مشاه وبناءه، بعدما انهار هذا تمامًا قبل عام.

في صحراء العبر، عمل العميد الحارثي على إعادة تشكيل اللواء، ونجح بالفعل في تشكيل قوة عسكرية مدربة ومسلحة بدعم من دول التحالف العربي. أكد الحارثي أن معركة اللواء 21 مشاة لن تتوقف في عسيلان وبيحان في محافظة شبوة، بل ستصل قواته إلى صنعاء، وجبال مران معقل الميليشيات الحوثية.

وفي ظهيرة اليوم نفسها، أنهينا هذه المهمة الصحفية الميدانية في جبهة القتال على أمل العودة للاحتفال بالنصر.