دار اشتباك سياسي داخل صفوف الهيئة العليا للمفاوضات على خلفية المواقف التي أطلقها رئيس الوفد المفاوض في جنيف أسعد الزعبي بحق الأكراد، وفيما برزت بعض المساعي لحل الخلاف، طالب المجلس الوطني الكردي بإبعاد الزعبي من وفد المعارضة التفاوضي.

جنيف: قال شلال كدّو، سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سوريا، وعضو الائتلاف الوطني السوري المعارض عن المجلس الكردي، أنه مع "دخول الأزمة السورية عامها السادس، وفي خضم مفاوضات جنيف 3، التي تهدف الى ايجاد حل سياسي للأزمة المستفحلة في البلاد نتيجة عسكرة الثورة وتشويهها وانحرافها عن سياقها السلمي، والتي باتت تلقي بظلالها على الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي، لا يزال هنالك البعض ممن يفترض أن يكونوا قادة المعارضة السورية يطلقون تصريحات هوجاء وغير لائقة بحق الشعب الكردي، الذي يعد ثاني اكبر مكون في البلاد".

وقال في تصريح خاص لـ"إيلاف" أنه "في هذا السياق، فإن تصريحات العميد اسعد الزعبي رئيس الوفد السوري المفاوض في مباحثات جنيف3،&والتي تفتقر الى اللباقة السياسية والادبية حينما قال عن الكرد بأنهم كانوا يتوسلون الى حافظ الاسد كي يمنحهم صفة (بني آدم)، والتي تذكر الجميع بحقبة صدام حسين وايديولوجية حزبه الفاشي، التي أصبحت جزءًا من الماضي الاجرامي في تاريخ المنطقة والعالم برمته".

وأشار كدّو الى أن ما أسماه "التضليل وتزوير الحقائق" الذي ميّز تصريحات الزعبي يدل على "عنصريته المقيتة وحقده الدفين ضد الكرد ليس في كردستان سوريا وحدها، وانما في اقليم كردستان العراق ايضًا، اذ هاجم البيشمركة الابطال الذين دحروا الدواعش على طول جبهة تمتد مئات الكيلومترات وحرروا كامل الاراضي الكردستانية التي انتزعوها من الجيش العراقي، وباتوا يحاربون القتلة والارهابيين نيابة عن العالم أجمع".

واعتبر ان شخصًا بهذه العقلية، والتي رأى فيها كدّو أنها "تفوق عقلية ونهج البعث عنصرية"، لا يجوز ان يكون رئيساً لوفد المعارضة السورية التي تمثل مختلف مكونات الشعب السوري، وبالتالي "لا يجوز أن يكون ممثلاً للثورة السورية المباركة وللشعب السوري الذي ضحى بمئات الآلاف من ابنائه في سبيل تحقيق حريته".

وطالب "أن تتجه المعارضة السورية لابعاد هكذا شخصيات من بين صفوفها، وخصوصًا من الهيئة العليا للتفاوض، وكذلك من الوفد المفاوض، الذي أدار ظهره بشكل واضح للنظام، رغم استباحة البشر والشجر والحجر في البلاد، فيما يستمر في محاربة الكرد بلا هوادة".

المطالبة بالابعاد

وكان المجلس الوطني الكردي، والذي يشكل كتلة من كتل الائتلاف المعارض والممثل في الهيئة العليا للمفاوضات، وفي الوفد المعارض، طالب بإبعاد الزعبي عن وفد المعارضة التفاوضي.

وقال في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه، إنه "بين الحين والآخر يخرج علينا إلى العلن صوت آخر من الأصوات المعادية للوجود القومي الكردي والقضية الكردية في سوريا، حيث ما أن ينتهي أحد رموز النظام من الحديث ضد الحقوق القومية المشروعة لشعبنا إذ يبدأ آخر من رموز المعارضة السورية باستكمال الحديث بعدائية سافرة عن الوجود الكردي كمكون سوري وقضيته القومية متجاوزاً مواقف النظام نفسه، في تحدٍّ صارخ للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تجرم الحض على الحقد والكراهية العنصرية أو القومية أو الدينية".

واعتبر "أن الأسوأ من هذا وذاك أن الصوت المعادي والمفعم بالعنصرية والشوفينية كان هذه المرة للسيد أسعد الزعبي رئيس الوفد المفاوض عن المعارضة السورية والمنبثقة من الهيئة العليا للمفاوضات، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على موروث ثقافي مشترك لكلا الطرفين وانكار لحقيقة الوجود القومي الكردي".

ودان البيان ورفض مثل هذه التصريحات "والمواقف العنصرية التي تفوح منها رائحة البعث الشوفينية الذي&لا يزال البعض يحاول استنهاضه من بين الانقاض عبر هذه الاصوات"، وطالب بابعاد "اسعد الزعبي عن الوفد المفاوض"، كما وأكد &البيان "أن المجلس الوطني الكردي يشارك في العملية التفاوضية في جنيف كشخصيته الاعتبارية عبر ممثليه في المفاوضات".

ردود الفعل

ولم يصدر أي رد فعل عن الهيئة العليا للمفاوضات حول هذا الموضوع، ولكن علمت "إيلاف" ان وفدًا من الهيئة العليا للمفاوضات وأسعد الزعبي زاروا &مكتب المجلس الوطني الكردي الذي افتتح مؤخرًا في جنيف في محاولة لاحتواء الأزمة داخليًا، خاصة بعد أن علّق المجلس الوطني الكردي مشاركة أعضائه ضمن وفد الهيئة العليا للتفاوض، وذلك على خلفية التصريحات التي أدلى بها الزعبي واعتبرت "مهينة"، حيث أعاد &ناشطون أكراد بث نشر ما قيل إنه تسجيل قديم للعميد أسعد الزعبي قبل توليه رئاسة وفد المعارضة في مفاوضات جنيف، خلال مداخلة إذاعية على "راديو أورينت"، يناقش فيه مخاوف إقامة الدولة الكردية في سوريا.

الى ذلك، وفي ردود الفعل، هاجم ناشطون، في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه، مؤسسة أورينت الاعلامية لما اعتبروه أنه "تجاوز من بعض الوسائل الإعلامية وظيفتها؛ وشرف المهنة، والقوانين العالمية الراعية للشرف الصحفي".

وقال البيان الذي وقعه ناشطون أن "آخر هذه التجاوزات ما بثته مؤسسة أورينت نيوز الإعلامية المعارضة ضمن ساعة إعلامية حوارية بعنوان: فيدرالية شمال سوريا تدعمه أميركا عسكريًا وتحاربه سياسيًا، بتاريخ 19/3/2016، تضمنت إساءات للشعب الكردي، ووصفه بنعوت تحطُّ من قدر البشر، من خلال استخدام عبارات عنصرية من قبيل: الشعب الكردي همجي وعبر التاريخ هم مرتزقة، ثلة من المجرمين وقطاعي الطرق، والكردي بليد بالوراثة، ودعوات إلى تطهير سوريا من الأكراد، لأنهم يحتلون شمال وشمال شرق سوريا، ويجب طردهم وتطهير المنطقة منهم بالكامل".

واستنكر الموقعون "هذه التصرفات التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى ظاهرة شائعة في بعض المؤسسات الإعلامية المعارضة ودورها في "بث السموم" التي لا تقل خطورة من تلك التي تبثها قنوات النظام في زيادة سقف الصراع بين المكونات السورية".

واعتبر البيان أن "هذا انتهاك لمواثيق الشرف الصحفي كافة، وتحريض على العنف والكراهية؛ والحقد؛ والمذهبية". ورأى إنه كان من الممكن أن تلعب القناة دوراً إيجابياً في التعبير عن الشارع السوري بكل أطيافه، دون أن تصبح "طرفاً عنصرياً "تشهّر بباقي فئات الشعب السوري، بحسب البيان.
&
ودعا البيان "المنظمات الحقوقية، والإعلامية، والهيئات السياسية في سوريا والعالم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة لغة التطرف والتمييز العنصري المتداول لدى بعض المؤسسات الإعلامية تحت ضغط، ومصلحة أجندات بعينها".

وأكد "أننا لن ندخر جهداً في الدفاع عن كل شرائح الشعب السوري مهما كان انتماؤه وعرقه، وأننا سنتخذ كافة الإجراءات القانونية بحق القناة؛ ومعد البرنامج وضيوفه، لأن الاعتذار الذي صدر عن المؤسسة لم يكن مستوفيًا شروط الردّ، وجاء بعد الضغط والضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يرتقِ لمستوى لائق قياساً بما صدر من إساءة متعمدة".