ترتفع كلفة رعاية المسن في ألمانيا إلى 2900 يورو شهريًا، في حين تنخفض هذه الكلفة في شيكيا وسلوفاكيا والمجر إلى 800 يورو شهريًا، ما يشجع الألمان على تصدير عجائزهم ليعيشوا عيشًا كريمًا.

كولون: في ألمانيا اليوم 2.4 مليون مسن بحاجة إلى رعاية في بيوت العجزة، ومن المنتظر أن يقفز هذا الرقم إلى 4,7 ملايين في عام 2050، وسيكون حينها ألماني من كل 15 بحاجة إلى هذه العناية.

تصدير المسنين

لكن... لا داعيَ أن ينتظر المرء 34 عامًا كي يشهد تحول بلد "الرفاهية الناعمة" ألمانيا إلى بلد عجزة وفقراء، بحسب رأي اولريكة ماشر، رئيسة اتحاد الرعاية الاجتماعية الاتحادي. فتعليقًا على ازدياد ظاهرة هجرة المتقاعدين إلى شرق أوروبا، قالت إن مخاطر انزلاق المتقاعدين والعجزة تحت خط الفقر وارد منذ الآن، وتؤدي عوامل ارتفاع الأسعار والتضخم والأزمة المالية دورها في انحدار مستوى العناية بالمتقاعدين والمتقدمين في السن.

يتصور 50 في المئة أن الألمان بإمكانهم إرسال ذويهم العجزة للحصول على الرعاية اللازمة في دور للمسنين خارج ألمانيا، إذا ساعده ذلك على الاقتصاد بالكلفة. وجاء ذلك في دراسة واستطلاع للرأي أجراهما معهد برايسووتر هاوس كوبر حول مستقبل رعاية المسنين في ألمانيا. وربط مؤيدو تصدير العجائز إلى الخارج رغبتهم بضرورة أن تكون دور الرعاية المقصودة في بلدان أوروبا القريبة، وبوجود كادر صحي يتحدث الألمانية لرعاية مسنيهم.

قضية تكاليف

والقضية، كما هو ظاهر من الاستطلاع، قضية تكلفة قبل أن تكون قضية التزام عائلي أو موقف اخلاقي، لأن 75 في المئة ممن شملهم الاستطلاع ابدوا استعدادهم لرعاية ذويهم في بيوتهم إذا تلقوا دعمًا ماليًا من الحكومة، أو من شركات التأمين الصحي.&

قال مايكل بوركهاردت، رئيس قسم الرعاية الصحية في معهد برايسووتر هاوس كوبر، إن التوقعات الديموغرافية لألمانيا العجوز تفرض على السلطات الصحية الألمانية دراسة البديلين المذكورين، أي تصدير المسنين إلى دول أوروبا الشرقية لرعايتهم، أو اعتبار رعاية المسنين داخل عوائلهم عملًا يتلقى الابناء عنه مرتبات شهرية.

ذكر بوركهاردت انه تفاجأ من موقف الأبناء، لأن 37 في المئة منهم أعلن استعداده لمجالسة المسنين في البيت ورعايتهم لقاء مبلغ يتراوح بين 250 و500 يورو في الشهر. وشمل هذا الموقف عددًا متساويًا من النساء والرجال الألمان.

وأكد 40 في المئة إضافية استعدادها لرعاية مسنيها في البيت، لكن في مقابل مبلغ يزيد عن 500 يورو.

أعباء نفسية وجسدية

عن سبب رفض الغالبية رعاية عجائزها منزليًا، قال 55 في المئة إن المنزل لا يتسع لغرفة ومكان كافٍ لرعاية مسن. والعبء النفسي حاجز مهم بالنسبة إلى 53 في المئة ممن شملهم الاستفتاء، تضاف إليهم 47 في المئة يشكون في قدراتهم الجسدية على تحمل أعباء الرعاية، و41 في المئة يخشون أن ترتكب خطأ قد يعرض حياة المسن للخطر.

يصبح المسن ورعايته بالنسبة إلى 66 في مئة من الألمان سببًا قد يؤدي إلى تحطيم العائلة، ولا يفضلونه لذلك. لكنهم يفضلون رعاية المسن في الخارج إذا كان يوفر عليهم 1000 يورو شهريًا، كما تكشف ذلك أسعار رعاية المسنين في أوروبا الشرقية.

هناك اليوم عدد كبير من دور رعاية المسنين التي يديرها ألمان في المجر وشيكيا وبولندا، وهي مفضلة بالنسبة إلى برلين والمدن الألمانية الشرقية. وتعتبر اسبانيا والبرتغال واليونان، على الرغم من أن أسعارها غير متهاودة مثل شرق أوروبا، مفضلة أيضًا بسبب جوها المشمس.

أفريقيا الوسطى مفضلة

تحدث بوركهارت عن ألماني يحاول فتح دار للعجزة الألمان في افريقيا الوسطى، ويقول إن الأسعار هناك لا تعادل عشر الكلفة في ألمانيا. فهناك اليوم دار لرعاية المسنين ومرضى ألزهايمر في تايلاند متخصصة في استقبال العجزة والمسنين من ألمانيا وسويسرا.&

تكلف الاقامة والرعاية في تايلند نصف كلفتها في ألمانيا، ثم هناك 30 موظفًا صحيًا وعاملًا في خدمة كل 10 مسنين، وهي نسبة لا توفرها أي دار رعاية في ألمانيا. ومن المتوقع أن يرتفع عدد هذه الدور في تايلاند بسرعة.

بعض المسنين الألمان، مثل راينر فيرتز الذي يعاني الشلل اثر سكتة دماغية، يعيش اليوم في دار لرعاية المسنين في اوغندا مقابل 400 يورو في الشهر. وتقول ابنته ليلو فيرتز إن رعاية والدها تكلف 4000 يورو شهريًا في ألمانيا، وهو ما لا يستطيع الرجل تحمله بتقاعد شعري لا يزيد عن 1200 يورو.

المقلق في القضية، بحسب رأي بوركهاردت، أن معظم العاملين في دور رعاية المسنين والعجزة في أفريقيا وآسيا لا يتحدث الألمانية، ويقع على من يختار العيش في هذه الدور أن يعيش بعيدًا عن وطنه وأهله، وبعيدًا عن دائرة أصدقائه وزواره، كل ذلك بسبب عدم قدرته على تمويل تكلفة "أرذل العمر".